الشاعر الشيخ الأديب محمد صادق عرنوس
(1315- 1370 هـ/ 1895- 1950 م )
هو الشاعر والأديب الإسلامي، ومؤسس جمعية أنصار السنة المحمدية في مصر، الذي نشأ في المحضن التربوي للإخوان المسلمين، وترقى في مناصبها حتى أصبح عضواً في مجلس الشورى، وقد أثنى عليه الإمام الشهيد حسن البنا ثناء عطراً، وأبدي إعجابه بشعره وأدبه وثقافته وغيرته على الدعوة الإسلامية في مقال نشره في مجلة المنار عام 1935م في فترة توليه رئاسة التحرير .
ثم عمل مع جمعية أنصار السنة المحمدية بعد تأثره بالمنهج السلفي، فعمل جنباً مع جنب مع الشيخ محمد حامد الفقي، وقد تعرض الشيخ للإهمال والنسيان من القريب والبعيد وضاع أغلب شعره في بطون الصحف والمجلات الإسلامية والأدبية الصادرة في مصر ...ويأتي هذا المقال ليرد بعض الوفاء لهذا الشاعر الداعية الإسلامي ..
مولده ونشأته :
ولد الشاعر الداعية محمد صادق عرنوس في سنة 1895 م بقرية (الشناينة) مركز صدفا في جمهورية مصر العربية .
بدأ حياته متعلمًا في المدارس المدنية .
أعماله والوظائف التي تقلدها :
عمل بوظيفة باش كاتب في وزارة الأوقاف .
عُين معاونًا لتكية المدينة المنورة في أول فبراير سنة 1950 م .
عمل مديرًا لمجلة (الهدي النبوي) ( زمن إصدراها من قبل الجماعة)، وذلك لمدة خمس عشرة سنة .
وكان يوليها أكبر عنايته وحبه وجهده، ويبذل صحته ووقته، فيسهر الليالي الطويلة يكتب، وينقح، ويصحح، ويحرر إلى المشتركين .
كما اُختير وكيلاً أول للجماعة عام 1365 هـ، وهي نفس الجلسة التي انتخب فيها الشيخ عبد الرزاق عفيفي نائبًا للرئيس .
ولقد كتب قصيدته العصماء التي حيا بها كتاب ( صيحة الحق ) يوم ظهور الطبعة الأولى والتي يقول فيها:
سمع المكابر صيحة الحق فهوى صريعًا فاقد النطق
ولقد أصيب غداة فاجأه هذا الكتاب بغُصةُ الحلق
كما أن له قصيدة أخرى يمتدح بها كتاب ( من خصائص الإسلام ) لأبي الوفاء درويش .
صلته بجماعة أنصار السنة المحمدية :
بدأ حياته ونشاطه بمراسلة المجلات الدينية مثل ( مكارم الأخلاق ) و ( الهداية الإسلامية ) و ( الفتح) .
وبدأ تعرفه على الشيخ حامد الفقي من خلال سماع الشيخ حامد لبعض محاضرات الشيخ عرنوس، فالتمس فيه وحدة الفكر والعقيدة .
وأعجب بأحاديثه في التوحيد ودعاه لإلقاء محاضرات بمقر جماعة أنصار السنة بعابدين . وكان الشيخ الفقي يصفه بالعلامة الشاعر الأديب .
ثم اندمج الشيخ محمد صادق عرنوس في جماعة أنصار السنة المحمدية حتى صار وكيلاً أول لها .
كما عين مديرًا لمجلة ( الهدي النبوي ) التي كانت تصدرها جماعة أنصار السنة المحمدية .
وكانت له جهود ضخمة في الرد علي أهل البدع والأهواء سواء كتابة ً أو محاضرة ً أو خطبة.
كما كان يلقي خطب الجمعة بمسجد الجماعة بالهدارة .
عين معاونًا لتكية المدينة المنورة في أول فبراير سنة 1950م , و درس بالحرم المدني وكان الناس يتعجبون من قدرته علي سرد الأدلة في التوحيد.
وكان رحمه الله يقضي إجازته السنوية متنقلاً بين الوجه القبلي والبحري خطيبًا ومحاضرًا، فتم على يديه - بعون الله - إشهار عدد كبير من فروع أنصار السنة المحمدية .
وحيث إن الشيخ كان شاعرًا فقد رثاه عند موته الشيخ (شكيب أرسلان) بقصيدة رائعة .
صفاته:
وكان من أبرز، صفاته - رحمه الله - التواضع حتى أنه لم يكن يستنكف أن يسأل من هو أقل منه علمًا، ثم يعلن أنه فهم هذه المسألة من فلان .
وكان - رحمه الله - وفيًّا لإخوانه يسأل عنهم كثيرًا ، وقد يكون السؤال شعرًا كما كان يحدث بينه وبين نجاتي عبد الحميد .
قال عنه والدنا الشيخ العلامة حسن بن عبد الوهاب البنا:
أن الشيخ رحمه الله درس بالحرم المدني وكان الناس يتعجبون من قدرته على سرد الأدلة في التوحيد.
أولاده :
والشاعر الشيخ محمد صادق عرنوس متزوج وله عدة أولاد عرف منهم : سامى، وزكريا، ويحيى ..وكان زكريا عرنوس ممن يكتب الشعر، وقد توفي شاباً -رحمه الله- وله ترجمة موجزة في معجم البابطين .
إخوته :
وللشاعر محمد صادق عرنوس أخوان اثنان هما : الشيخ محمود عرنوس . والشيخ عبد العزيز عرنوس .
مؤلفات الشيخ صادق عرنوس:
كان - رحمه الله - فوق عنايته بالقرآن الكريم وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حفظًا وفهمًا - معنيًّا بالأدب العربي شعرًا ونثرًا - وقد نشرت له سلسلة بحوث في مواجهة الكتب التي تدعو إلى الإلحاد والعبث بحدود ما أنزل الله . وسمي ذلك الكتاب بعد أن طبع " من صور الحياة المصرية" .
وله رسائل أخرى مثل :
1-لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها .
2 -على هامش الحياة المصرية – تقديم العلامة محب الدين الخطيب رحمه الله .
3-صوت الشعر في قضية فلسطين .
4 – و له رد عل العلمانيين (مخطوط).
وكان له عدة قصائد نشرت في مجلة ( الهدي النبوي ) منها :
-قصيدة بعنوان عظة التاريخ - عدد 1 لسنة 1365هـ .
-قصيدة بعنوان حذار - عدد 6 لسنة 1370 هـ .
- قصيدة بعنوان السعادة - عدد 7 لسنة 1372 هـ .
-بين عرنوس ونجاتي - عدد 7 لسنة 1373 هـ .
ومن أعجب قصائده قصيدة أنشأها بمناسبة شراء دار أنصار السنة المحمدية .
ثناء العلماء عليه:
كتب فضيلة الأستاذ المرشد مقالاً في جريدة الإخوان الأسبوعية عن "شاعرا الإسلام: عرنوس، والنجمي" قال فيه : "عرفت الأخ الكريم محمد صادق عرنوس شابًّا ملأت الغيرةُ على الإسلام فؤادَه، وتملَّكت نفسه، وأخذت عليه كل نواحي حسه، فإذا قال فللإسلام، وإذا بكى فعلى الإسلام، وإذا فرح فلخير يصيبه الإسلام، وإذا تمنى فأمنيته النصرة للإسلام، وإذا تحدث تدفق كما يتدفق السيل قويًّا منهمرًا في حدة وفي مضاء وفي غيرة وفي حماس يتجلى خلالها صدق الإيمان وقوة الشعور والإحساس، فإذا أصغيت إليه لم ترَ كل حديثه الذي أهاج كوامن نفسه إلا عن الإسلام ونبي الإسلام، وإذا قرأت شِعرَه رأيتَ فيه هذه المعاني واضحةً جليةً غير متكلَّفة.
عرفت ذلك للأخ صادق أفندي عرنوس بقراءة شعره والاستماع لحديثه والجلوس معه في فترات السعادة التي نختلسها من ساعات الزمن نتساقى فيها الود والإخاء.
ويقول الشيخ محمد عبد الوهاب البنا :
( ثم أصبحت مع الشيخ محمد عرنوس أحسن الله اليه و كنا نحفظ سوياً القرآن و قصصت له ما حدث معي البارحة و سألته عن أنصار السنة المحمدية و الشيخ حامد فقي و الظاهر أن الشيخ عرنوس يسمع عن الشيخ حامد فقي لكن لا يعرفه , و عرنوس في توحيد الأسماء و الصفات مثل حال الناس و لكنه كان جيداً في توحيد العبادة , قال لي عرنوس هو رجل عالم , فقلت إذاً نذهب إليه . )
ويقول حسن عبد الوهاب البنا :
وفق الله شقيقي الشيخ/ محمد البنا مع أخ كريم كان زميله فى العمل واسمه الشيخ/ محمد صادق عرنوس ولم يكونا يعرفان السلفية ، وكان الشيخ صادق محبا للعلم ومن شعراء المسلمين وكانوا يبحثان عن جماعة على الدين الخالص بعدما زارا الجمعية الشرعية العاملين بكتاب الله والسنة المحمدية وهي جماعة مظهرها محاربة البدع ونشر السنة ولكن فى حقيقتها اشعرية المذهب وتحرف فى صفات الله وتنشر بين الناس هذه المخالفات ومن أمثلة ذلك يحرفون استواء الله على العرش بأنه استولي على العرش ويحرفون صفة يد الله إلى قدره الله وعين الله إلى رعاية الله فوقع فى أيدي أخي مع زميله كتاب بتأليف الشيخ / محمد أحمد عبد السلام الشقيري من علماء أهل السنة والجماعة وعلى الكتاب عنوان الشيخ المؤلف – والذي قابلته وجالسته واستمعت إليه وقرأت فى كتاب السنن والمبتدعات وكتاب القول الجلي فى التوسل بالنبي والولي وكتاب عدم وصول قراءة القرآن للميت – فاتصلا به وتعرفا عليه وزاراه فدلهما على جماعة أنصار السنة المحمدية وكان لها مكان متواضع بجوار قصر عابدين والناس حولهم لا يحبون كلامهم فى التوحيد وينشرون الدعايات ضد عقيدتهم فلا يحب احد أن يتعرف إليهم فكانوا قليلين فى العدد ولما ذهب أخي وزميله لزيارة الجماعه فرحوا بها وفرحوا بهم لانشراح صدورهم لما سمعوه فى المحاضرة فى التوحيد يلقبها فضيلة الشيخ عبد العزيز بن راشد التميمي النجدي من العلماء السلفيين وكان يقيم فى مصر – وقد سمعت له وسعدت به – وله مؤلفات مفيدة منها تيسير الوحيين بالاقتصار على الصحيحين وكتاب الطواغيت المقنعة ، وكذلك أخوه فى الله الشيخ عبد الله بن يابس النجدي من العلماء السلفيين وحضرت علمه وجالسته وسافرت معه في داخل مصر للدعوة وقد ألف الشيخ ابن يابس كتابا باسم الرد القويم على ملحد القصيم يدافع فيه عن التوحيد ويفند أراءه الإلحادية ضد الإسلام والسنة .
ثم التقي شقيقي وصاحبه بالشيخ محمد حامد الفقي فسعدا باللقاء ووجدوا ما كانوا يسعون إليه من معرفة الدين الصحيح وعلى رأس العلم العقيدة والمنهج ، ثم انتظموا بالجماعة وانخرطوا فى سلك العلم وعرفوا الكتب والمراجع التى يقرؤونها لهذه العلوم الصحيحة والتى عرفهم بها الشيخ محمد منير الدمشقي صاحب دار نشر بحي الأزهر، وهو سلفي العقيدة والمنهج ، وازداد نشاطا فى الاطلاع مع المواظبة على الحضور مع الشيخ محمد حامد الفقي وجماعته، وكان الشيخ محمد حامد الفقي كثير الأسفار إلى المملكة العربية السعودية حيث كان معروفا ومحبوبا إلى جلالة الملك عبد العزيز آل سعود ، والذى قدموه له علماء البلد الحرام لصلة الشيخ محمد حامد الفقي بهم الوثيقة للتأليف بينهم على العقيدة والمنهج ، وكانوا يكلفون الشيخ محمد حامد الفقي بمراجعة بعض كتب التوحيد والسنة وطبعها بمطبعته فى حي عابدين بالقاهرة ، ثم يرسلها إليهم بالسعودية .
ثم انخرط شقيقي مع أخيه فى سلك الدعوة إلى الله فى أنحاء جمهورية مصر العربية ، والسفر الى القرى للدعوة إلى الله ، وكانا لا يفترقا آلا قليلا ، فكانت صحبة وأخوة ومحبة فى الله ، ثم اتجه شقيقي الشيخ محمد البنا إلى عائلتنا معلما ومرشدا و موجها وبدأ بوالدي رحمه الله ناصحا بالتزام عقيدة أهل السنة والجماعة ، وكان والدي لا يعرف في العقيدة إلا الأشعرية رغم علمه بكثير من العلوم الشرعية لحصوله على أعلي الشهادات الأزهرية ، فلم يوافق على دعوة أخي وأخذه إلى جدي من كبار علماء الأزهر وكان أشعري العقيدة فهدي الله والدي إلى التوحيد والمنهج وصار يبكي على ما فاته من الخير فيما سبق من حياته وتوجه شقيقي إلى والدتنا رحمها الله وإخوانه وأخواته داعيا إلى التوحيد الخالص فهدانا الله تعالي إلى هذا الخير ، فأول معلم وموجه هو شقيقي بالنسبة لي وللعائلة .
شعر الشيخ محمد صادق عرنوس :
ولم يفت الشعر الوطني أن يعبر عن حادثة استشهاد القسّام، فهذا الشاعر محمد صادق عرنوس يردد قائلاً :
من شاء فليأخذ عن القسام ... أنموذج الجندي في الإسلام
وليتخذه إذا أراد تخلصاً ... من ذله الموروث خير إمام
ترك الكلام ورصفه لهواته ... وبضاعة الضعفاء محض كلام
أو ما ترى زعماءنا قد أتخموا ألـ ... آذان قولاً أيما إتخام
كنا نظن حقيقة ما حبروا ... فإذا به وهم من الأوهام
لقد ترك الشهيد عز الدين القسام لغة الكلام واتجه إلى العمل، ولم يكن شأنه شأن الحكام العرب الذي خدروا شعوبهم بالأماني ولم ينفذوا من تلك الوعود شيئاً، فأعلن البطلُ الثورة ، ورفع راية الجهاد ضد المحتل ، فأصبح بذلك خير قدوة للشباب .
ويقول الشاعر محمد صادق عرنوس مادحاً :
نطاقا أن أردته بحديث يملأ القلب بهجـــــــــــة وحبورا
ساكتا إن سكت غير ملوم ولئن جاز بالسكوت دهورا
فهو إن نطق بزّ القائلين، وتفوق على الأقران، وأدخل السرور على السامعين، وإن صمت فسكوته تفكر، فهو ليس ممن ينطبق عليه المثل : صمت دهراً ونطق كفراً .
ولقد كانت للشيخ أبي الوفا محمد درويش مكانته عند إخوانه حتى أن أحدهم يقول عن كل كتاب يصدره الشيخ قصيدة يقرظ بها الكتاب، ومن أمثال ذلك ما كتبه الشيخ صادق عرنوس يوم صدر كتاب "صيحة الحق" فأنشد يقول:
سمع المكابر صيحة الحق فهوى صريعاً فاقد النطق
ما زال يهذي غير محتشم يلقى من البهتان ما يلقي
نفثات صل هاج هائجة يصمى ضحاياه ولا يرقي
إلى أن قال:
لاقيت ما لاقى ابن راشد من طيش الهوى ورعونة الحمق
فكلاكما في صبره مثل للقائمين بنصرة الحق
فلتطلعا شمسين في أفق هو لا يغيب وأنت في أفق
وكذلك يقول عن كتاب "من خصائص الإسلام":
هات يا منهل النفوس الظوامي طرفاً من خصائص الإسلام
"صيحة الحق" لا تزال نذيراً بضحايا الآراء والأوهام
يا بن درويش لا حرمنا مقاماً كنته أنت في فسيح المرامي
يا بن درويش لا حرمنا مقاماً لك فيه صبرت صبر الكرام
رمضان (قصيدة) :
ومن شعره الإسلامي ما كتبه الأستاذ صادق عرنوس، الذي يقول مرحباً بقدوم رمضان المبارك :
أهلاً بأكرم ضيف يزورنا كل عام
يقضي ثلاثين يومًا من أطيب الأيام
شهر كريم السجايا شهر الهدى والسلام
في ليلة القدر منه قد جاء نور الظلام
ري النفوس الظوامي برء الجراح الدوامي
طوبى لمن قام فيه لله خير قيام
طوبى لمن صام فيه عن مفسدات الصيام
فالأكل شيء يسير بجانب الآثام
ويتساءل الشاعر عن أولئك الذين يقطعون الأرحام ويظلمون الأيتام ويفعلون الآثام والحرام هل يقبل الله صيامهم ؟؟ :
أيقبل الله صومًا من قاطع الأرحام؟
وهل يجوز قبولاً من ظالم الأيتام ؟
الصوم أن تتجافى عن اقتراف الحرام
وأن تكون إذا ما سئلت: غيثك هامي
الصوم حبس لسان عن سيئات الكلام
فبين فكيك يجثو رام حديد السهام
أفعى إذا لم تقدها قادتك نحو الحمام
الصوم أن تتحلى بحلية الإسلام
تطيع سِرًّا وجهرًا ما فيه من أحكام
تكون لله عبدًا تعطيه كل احترام
لا تصرفك عنه عبادة الأوهام
تقول: سبحان ربي عن افتراء الأنام - المصدر: مجلة التوحيد، عدد 1416 رمضان هـ، صفحة 23.
وقال أيضاً مرحباً بقدوم شهر الصيام المبارك :
أهـلاً بـشهر الإنابَةْ والـدعوة الـمستجابَهْ
أهـلاً بـخير طبيب يشفى النفوسَ المصابه
تـظلُّ مرسى الخطايا مـن شـهوة غـلاّبه
ومـن خِـداع وزورٍ فـاشٍ وباقي العصابه
حـتى تـراكَ فتلقى أوزارهـا فـي غيابهَ
تجري إلى الخير عَدْواً والـشرُّ تُـقفل بـابه
بـيتٌ تـخرَّب منها هـبَّت تُـلافي خرابه
وأصـبـحت تـتمنَّى لـو تـستعيدُ شـبابه
تَـقوَى بمظهر تقوَى لـه عـليها الـرقابه
ألـم تـكن قـبل iiهذا نَـمّـامةً iiمُـغـتابه
إن حـدَّثَتْني iiحـديثاً ظـنـنتُها iiكـذابـه
أو رُحتُ أبغي iiهُداها رأيـتـها iiمـرتـابه
حـتى إذا لحت iiأمسى لـها الـصلاحُ iiمَثابه
تعطى الجزيلَ وكانت شـحيحةً iiبـالصبابه
مـناظرُ البؤس باتت تُـلين مـنها الصلابه
أهـلاً بـأكرم iiضيف قـد اسـتطلنا iiغَيابه
قـد أنـزلَ اللهُ فـيه عـلى الـعباد كـتابه
هـدى ونـورا أعادا لـذي الجنون iiصوابه
لقد نزل القرآن كتاب رحمة وهداية ونور فحرر العقول وصنع جيلاً قرآنياً فريداً ، وها هو الشاعر المسلم محمد صادق عرنوس يصف ذلك السراج المنير وذلك الكتاب العظيم وأثره في جيل الصحابة، فيقول :
لــلـه أيّـــةُ آيٍ آيــاتـه الـجـذّابه
حـتى تُـخرِّجَ قوماً على طِراز الصحابه!
أسـرارُهـا نـفحتهم بـالـهمة الـوثّـابه
مـا بـين يوم ويوم وذا مَـثارُ الـغرابه
تـعقبوا الـكفرَ محواً بـمـحوهم أربـابه
بـلابلُ الـدين أجلتْ غـربـانَه الـنـعَّابه
أقـوى جـنودٍ لديهم كـانت جنود المهابه
لـما تـركنا iiهـداهم والـسيفُ قَـدَّ iiجِرابه
صـرنا الذنابى iiوكنّا فـي العالمين iiالذؤابه
واحـسـرتاه شـهدنا مـن الـزمان iiانقلابه
وبين الشاعر الأجر العظيم الذي يحصل عليه الصائمون في رمضان، فقال :
أهـلاً بـأفضل iiشهر لـسنا نـحدُّ iiثـوابه
مـا فيكَ عيب, iiولكن فـي مُفطِريكَ iiالمعابه
مـا أنتَ جوعٌ iiولكن عـطفٌ وشبهُ iiقَرابه
إن جـاع فـيك iiغنيّ أعـطى الفقيرَ طِلابه
فـلـتغنموه iiجـميعاً ولا تَـمـنَّوا iiذهـابه
ولـيُحسنِ الـعبدُ iiفيه إلـى الـكريم iiمَـتابه
9/9/1425هـ
شمّ النسيم :
لقد انتشرت في المجتمعات الإسلامية عادات وبدع ذميمة منها بدعة شمّ النسيم في مصر، وخميس المشايخ في حمص، وغيرها كثير، وكانت ترتكب فيها الموبقات، وقد ختم الشاعر كلمة له بإيراد أبيات سبق له أن نظمها في (شم النسيم) حتى تكون ذكرى لمن كان له قلب، أو ألقى السمع، وهو شهيد، فلنستمع إليه وهو يقول :
... وبعد فقد أتى شم النسيمِ معيداً خطة العهد القديمِ
أتى بأحط أنواع المخازي وأثراهن بالعمل الذميمِ
وأقسم ما أتى إلا ليقضي على الآداب والخلق الكريم
يشد على الفضيلة أين حلت ويطعن كل نصح في الصميم
وحذّر الناس من هذه العادة الذميمة التي ابتدع الأعداء؛ ليقضوا بها على الأخلاق الكريمة، فقال :
ورثنا عادة فيما ورثنا بلا نظر ولا فهم سليم
وزدناها اتساعاً واختراعاً برغم تراكم الأثر الوخيم
أما يكفي بلاء نحن فيه وهجر الناس للدين القويم
فيخلع هؤلاء الناس ثوباً إماطته تشق على البهيم
ألست تراهم ركبوا الجواري فسارت باسم شيطان رجيم
يود لو استحال البحر ناراً ليمسوا فيه من أهل الجحيم
وليت الحمرة انقلبت حميما وإن كانت لها صفة الحميم
لفاسقة وفاسق استباحا مجانبة الصراط المستقيم
وراحا يغضبان الله جهراً بوجه لم يقد من الأديم
لقد ذهبت نصائحنا هباء فمن للقوم بالريح العقيمِ؟
المجلة الهدي النبوي ، السنة الأولى ، العدد الثالث، التاريخ جمادى الثانية سنة 1356 هـ
ولذا فلا غرو أن نجد أن الشيخ درويش يكتب عند وفاة الشيخ عرنوس قائلاً: "كل نفس ذائقة الموت، لقد مات عرنوس فمات بموته ملأ من الموهوبين".
وفاته :
توُفي يوم الخميس 21 المحرم سنة 1370 هـ / 2 نوفمبر سنة 1950م .
وكانت وفاته بالمدينة المنورة عن نحو خمس وخمسين سنة تقريبًا، ودفن بالبقيع .
أصداء الرحيل :
وقد رثاه الشيخ أبو الوفاء درويش ( مؤسس أنصار السنة المحمدية بسوهاج ) بكلمة نشرتها مجلة ( الهدي النبوي ) في العدد الثالث لسنة 1370 هـ . فقال : (( مات صادق - وكل نفس ذائقة الموت . فمات في شخصه الكريم ملأ من الموهوبين مات الرجل ، والمؤمن ، والتقي والديان ، والصبار ، والدءوب ، والمخلص ، والمضحي، والعالم، والمثقف، والأديب، والخطيب ، والمحاضر ، والكاتب والشاعر .
مات كل أولئك يوم مات صادق . وخلا مكان في كل صف من صفوف أولئك الكرام الموهوبين . فأحسوا جميعًا فدح الخطب .
بكى الأتقياء تقيًّا ، وبكى الصابرون صابرًا ، وبكى الخطباء خطيبًا ، وبكى الكُتَّاب كاتبًا، وبكى الشعراء فيه شاعرًا عبقريًّا ملهمًا ،رحمه الله وأجزل له المثوبة )) . [1]
المراجع :
1-. مجلة التوحيد العدد 10- 1416هـ..وغيره .
2-موقع معجم شعراء البابطين .
3-مجلة المنار (مصر) – السنة 35 ، مقالة بقلم الإمام حسن البنا .
4-مقالاته منشورة في موقع الألوكة الكتروني .نقلاً عن مجلة الهدي النبوي التي كانت تصدرها جمعية أنصار السنة المحمدية بمصر .
وسوم: العدد 735