العالم المجاهد الشهيد محمد خير زيتوني
نشأته:
ولد الشيخ محمد خير زيتوني في حي أقيول بحلب الشهباء، عام 1948م، لأبوين صالحين تقيين، بلغ من صلاحهما حرصهما الشديد على المال الحلال، فلا يغذيان أنفسهما وأولادهما إلا من المال الحلال، وقد زرعا هذا في نفوس الأولاد، فشبوا عليه، وكان محمد خير أحرص الجميع عليه.
وشيء آخر كانا يحرصان عليه، هو ملء البيت بتلاوة القرآن الكريم، في الصباح والمساء، الأمر الذي حبّب القرآن العظيم إلى نفس محمد خير، فعكف عليه حتى حفظه على يد أبيه الشيخ عبد القادر زيتوني وهو فتى!.
في هذه البيئة الصغيرة الصالحة نشأ الفتى محمد خير على حب الله ورسوله والإسلام.
تعليمه:
دخل الفتى المدرسة، كسائر فتيان حيه، وأنهى فيها المرحلتين: الابتدائية والإعدادية. ولحبه وحب أبويه الإسلام، ترك المدرسة النظامية الرسمية، ودخل "المدرسة الشعبانية" الشرعية، ليدرس العلوم الشرعية والعربية على أيدي عدد من كبار علماء حلب، وفي طليعتهم العلامة عبد الله سراج الدين، والعلامة الشيخ أحمد القلاش، وسواهما من العلماء العاملين الداعين إلى الله على بصيرة. وكان الفتى محمد خير متفوقاً في دراسته وسلوكه وأخلاقه، فأحبه مشايخه، واستمرت الصلات الطيبة بين الفتى محمد خير وبين أساتذته العلماء، إلى أيامه الأخيرة في حلب؛ فقد رأوه مُكبّاً على علوم الدين وعلوم اللغة العربية، يرتاد مجالس العلم والعلماء، والمكتبات العامة والخاصة، يطالع كتب الفقه والتفسير والحديث، ويسأل سؤال طالب العلم الذي يرغب في العلم ليتقوّى به على طاعة الله وخدمة الإسلام والمسلمين، وليس لحمل شهادة تكون مطية لوظيفة يعتاش منها هو وأسرته، كأكثر خريجي المعاهد والجامعات.
ثم انتسب إلى كلية اللغة العربية في جامعة الأزهر، وتخرج فيها عام 1977م.
في تيار الحياة:
بعد أن تخرج في "المدرسة الشعبانية" عمل الشيخ محمد خير إماماً في مساجد حلب، وليس في مسجد واحد، كسائر الأئمة. والسبب في ذلك، أن الشيخ محمد خير ما كان ليرضى أن يكون موظفاً لدى الأوقاف كسائر الموظفين، يغيّب الشموس، ليقبض الفلوس. كان يريد أن يكون (إماماً) للناس، وأن يعيد للمسجد رسالته ووظيفته في هذه الحياة، كما أرادها الإسلام، وطبقها الرسول القائد صلى الله عليه وسلم، فكان الشيخ الشاب محمد خير يصلي بالناس صلاة تتميز من صلاة كثير من الأئمة، بالخشوع في تلاوته المعبرة عن المعنى المراد، وليست كأي تلاوة تصح بها الصلاة فحسب... كانت تلاوته متميزة في شدتها ورقتها، وفي وقفاتها، وفي وصل الآيات بعضها مع بعض، وكذلك كان الخشوع في الوقوف والركوع والقيام والسجود، وفي التكبير والسلام...
وبعد الصلاة صِلات!.. صلةٌ مع هذا الفتى الذي توسّم فيه الخير، وذاك الشاب... يجيب على أسئلة المستفتين من الكبار والصغار، ويجلس معهم، ويصحبهم إلى بيته، ويكرمهم بلا تكلف، ويزورهم في بيوتهم، ويتعرف إلى الآباء والإخوة، ينصحهم، ويدعوهم إلى أن يعمروا بيوت الله، بصوته المشحون بالحنان، وبابتسامته العذبة التي لا يفارق طيفها محياه الطلق، ويلقي كليمات قصيرات بعد بعض الصلوات، ولكنها ذات معنى، وفيها روح، وليست مجرد كلمات ترمي بها الريح في مكان سحيق... فيجتمع عليه الناس في الحي الذي يصلي إماماً بمسجده، والعيون المتجسسة التي تحصي على الناس أنفاسهم تتابعه، والمخالب تكتب التقارير عن خطورة هذا الشيخ على الحي الذي يصلي فيه! وتقترح نقله إلى مسجد آخر، فيُنقل الشيخ، وقد أسس خلية قبل أن يغادر الحي، وأحكم الصلة ببعض الشباب والرجال ليتابعوا ما بدؤوه معه...
وهكذا كان الشيخ الشاب يتنقل من مسجد إلى آخر، وكان يستفيد من تجاربه في المسجد الذي سبق أن عمل فيه، حتى تراكمت لديه الخبرات الدعوية، وهو ما يزال في ريعان الشباب، وأفاد منها العمل المسجدي.
وفي عام 1965م تفتّق ذهن الشيخ عن أسلوب طريف في الدعوة إلى الله. إن أهل المساجد صالحون بجملتهم، وينالهم حظهم من دروس الشيوخ وخطبهم... لكن أهل "السينمات" بعيدون عن هذا. أفلا ينبغي أن نغشاهم في أماكنهم؟! ولكن كيف ندخل السينما، ونشارك في التفرج على "أفلامها" ومعظم ذلك فسق؟!
قرر الشيخ أن يدخل إلى السينما قبيل انتهاء "الفلم" من الباب المعدّ للخروج، وحيث يفتح الباب في الدقائق الأخيرة من عرض الفيلم. ويصعد إلى المسرح فور إشعال الأضواء، ويفاجأ الناس بشيخ ينادي فيهم: أيها الناس، يا جنود محمد، يا أحباب الله... ثم يعظهم موعظة قصيرة مؤثرة... وحين يشعر أنه ملك قلوبهم، يدعوهم إلى التوجه إلى المسجد الأقرب... وتستجيب له الجماهير.
ويحس أصحاب دور السينما بالخطر، بسبب ضياع زبائنهم، وتتولى السلطات مهمة "الحفاظ على الناس من الهداية" فتعتقل الشيخ...
في الجندية:
سيق الشيخ الشاب إلى خدمة العلم كسائر الشبان، ولكنه لم يكن مثلهم، بل كان الداعية الذي لا يفكر إلا بالأسلوب الأمثل للاتصال بالناس، ودعوتهم إلى هذا الدين العظيم الذي وهب له حياته، وآلى على نفسه أن تكون نفسه الفداء له، وأن يكون وقته وراحته وماله وكل إمكاناته مسخرة له، مبذولة في سخاء من أجله.
وساءت حركتُه الضباط (إياهم) وخاصة قائد اللواء 132 العقيد المأفون: محيي الدين خليل الذي كان يتلقى التقارير عنه خاصة، وعن العسكريين الآخرين عامة، فهدده وتوعده بالسجن وما في السجن من (مبهجات) النظام، ولكن الشيخ المجند الداعية لم يكفَّ عما انتدب نفسه إليه، ودخل السجن، وكان داعية في السجن، وتأثر به عدد من العساكر، فنقلوه إلى قطعة أخرى، وإلى سجن آخر، والمجندُ الداعية ماضٍ في طريقه، ودائرة المتأثرين به تزداد اتساعاً. وكلما ضيقوا عليه، وجد المخارج لنشاطه، وكان الله يوفقه فيما هو فيه، لما علم من إخلاصه وصدقه في جهاده، وصبره ومصابرته على أعدائه... كان توفيق الله حليفه حيثما حل وارتحل.
في مصر:
ذكرنا أنه انتسب إلى الأزهر الشريف، وكان يذهب إلى مصر مرة كل عام، ويبدو أن نفسه كانت تتوق إلى البلاد التي ظهر فيها حسن البنا ودعوته المباركة، التي كان يحبها، ويفتديها بكل شيء... كان يحن للإمام الشهيد، وللسيد القطب الشهيد، ولتلاميذهما، وخاصة الذين ذاقوا ألوان العذاب في سجون الفراعين الصغار، فكان يفتش عنهم، ويجلس إليهم، ويستمع منهم، ويغذي فكرة الجهاد والاستشهاد من تضحياتهم، فزار السيدة المجاهدة الجليلة زينب الغزالي، وسمع منها الكثير، وبنى علاقة حميمة مع الخطيب المتميز الداعية عبد الحميد كشك، رحمه الله رحمة واسعة. وكان يحضر خطبة الجمعة لديه في مسجد (دير الملاك) في القاهرة، وبعد الصلاة يذهب إلى غرفته، ويصيح وهو واقف في الباب:
- السلام عليكم ورحمة الله.
فيهتف الشيخ كشك:
أهلاً بالشيخ محمد السوري. تفضّل!.
وتزود الشيخ محمد خير من علم الشيخ، ومن روحه وتجاربه، ما يجعله يعود إلى حلب بزاد روحي هائل، تمثل في دعائه المستمر بأن يرزقه الله الشهادة في سبيله وأن يجعله أهلاً لها... كان يقول:
- يا رب... أنت تعلم أني نويت الشهادة في سبيلك، فلا تحرمني منها يا كريم.
وهناك في مصر، تعرف إلى العديد من الإخوان خريجي سجون فرعون مصر، وزار مع بعضهم، قبر الإمام الشهيد رحمه الله تعالى، كما صحبه أحد أساتذته في الأزهر، وهو أستاذ وأخ جليل، صحبه إلى حلوان، ومن بعيد أشار له بإصبعه إلى منزل الشهيد سيد قطب، رحمه الله رحمة واسعة، ومع أن الدكتور أوصى محمد خير ألا يقف أو يفعل ما يلفت نظر المخبِرين، ولكن هيهات... كيف يستطيع الشيخ محمد خير أن يرى منزل شيخه وأستاذه الذي حبب إليه الجهاد والبذل والاستشهاد، يرى منزل سيد قطب، كما يرى سائر المنازل الأخرى...؟!.
ترقرقت الدموع في العيون، واهتزت المشاعر، ووجف القلب، وتمتمت الشفاه بالدعاء، وعاد إلى حلب ليصف لإخوانه الصغار والكبار تلك اللحظات الرهيبة، أمام قبر الإمام الشهيد، وعند منزل الأستاذ الشهيد.
أبرز صفاته:
كان – رحمه الله – قوي البنية، أميل إلى الطول، أبيض أشقر، وجهه محلّى بلحيته الشقراء، كقرص الشهد، وعيناه الزرقاوان عينا عُقاب، نشيط، تغلب عليه الحركة، فلا يكاد يهدأ في المسجد والرحلات وحيث كان.
لباسه نظيف، تغلب عليه البساطة وعدم التكلف.
وطعامه يسير، ومن الموجود. إذا زار أحد إخوانه سأله:
- ما عندك اليوم من الطعام؟
وإذا زرته سألك:
- ما رأيك بأكلة مجدّرة؟
- ما رأيك بمحشي يطيّر العقل؟!
كان كريماً، ويداعب ضيفه، ولا يتكلف له. تسمعه وهو يقدم الطعام، أو يدعوك إلى الفطور أو الغداء أو العشاء عنده... تسمعه يقول: وما أنا من المتكلفين.
والدعابة طبعٌ فيه، وهي دعابة مهذبة جداً... إذا زاره أخ حليق قال له، وطيف ابتسامة عذبة يزين شفتيه:
- أطال الله لحيتك.
وكان الشيخ يتحدث باللغة العربية الفصيحة، أو بلهجة عامية مفصّحة، ويأمر أهله وأولاده بها، وينصح بها إخوانه، ويعدّها من شعائر الإسلام، وقد أمرنا بها الإمام الشهيد في وصيته الثالثة من وصاياه العشر.
كان خدوماً لإخوانه، في المسجد، والبيت، والرحلات خاصة، وكم كان الشبان والفتيان يفرحون عندما يذهبون معه في رحلة، فيها سباحة وسياحة فكرية ودعوية... كان يعمل ويتعب في تلك الرحلات أكثر من أي أخ فيها.
وكان متسامحاً، وصولاً متواضعاً، ذكياً، فطناً، فهيماً، ذا ذوق رفيع، ونفس صافية نقية شفافة، وكان حاضر البديهة، لا تفارق الابتسامة شفتيه، يحاول التعرف إلى من يلقاه من الناس، ويحاول تقديم ما يستطيع من خدمات وتسهيل أمور، فهو يلبي كل طلب فيه رضا الله وخدمة الدعوة، مهما كلفه من جهد ومال ومشقة... يسترخص كل شيء في سبيل الله، ولإخوانه ودعوته.
هموم الأمة هي همومه، يتفطر قلبه لمصاب أخ، أو رؤية منكر، وتبلغ به السعادة مداها عند زوال ما نزل... يحاول تضميد الجراح، وقطع النزيف وتخفيف حدة الآلام والأحزان الملمة بأبناء الدعوة والإسلام.
وكان التزامه بالإسلام أروع التزام، يطبق مبادئه وتعاليمه وسننه تطبيقاً عملياً... قولاً وفعلاً، وكان سلوكه منبثقاً من فكره المنهجي الملتزم.
كان يجمع بين صفتين كريمتين، كأعلى مستوىً يمكن أن يتحلى به تقيّ، وهما الذلة على المؤمنين، والعزة على الكافرين. وإذا وُجد من يتحلى بإحدى الصفتين فإن التحلي بهما جميعاً يُعَدّ من المزايا النادرة.
وكان شجاعاً، مقداماً. ونذكر هنا حادثتين من مجموع حوادث كلها تبرهن على شجاعته الفائقة.
أما الأولى فكانت في مصر، عندما كان طالباً في الأزهر، فقد تقدم عدد من إخواننا الطلبة السوريين الذين يدرسون في الأزهر، بمذكرة إلى اتحاد المحامين العرب في القاهرة شرحوا فيها الأوضاع المتردية للحريات، وما صاحب الدستور العلماني الذي أراد حافظ أسد أن يفرضه على الشعب السوري، من مظاهرات سلمية احتجاجية قوبلت بالرصاص والدماء، وتحدثت المذكرة الطلابية عن التضييق على الحريات العامة، وقهر المواطنين، واعتقال العلماء.
وتفاعل المحامون مع المذكرة التي قدمها الشيخ محمد خير، وعندما علم أحد مشايخ حلب، من المحسوبين على النظام، نَصَحه ونصح إخوانه بأن يسحبوها، لأنهم سيعودون إلى سورية، وسوف يتحملون مسؤوليتها، فأبى الشيخ محمد خير أن يسحبها، ووقف معه إخوانه، وأصروا على تقديمها، وقال الشيخ محمد خير لذلك الشيخ الناصح:
- هذه المذكرة أضعف الإيمان، وأقل الواجبات علينا.
وأما الثانية فإن الطاغية الجبان فايز النوري، رئيس ما يسمى "محكمة أمن الدولة" بدمشق، عندما حاكمه بادره بهذا السؤال "الروتيني":
- هل أنت من الإخوان المسلمين؟
فأجابه الشيخ محمد خير بقوة جريئة:
- إنه لشرف كبير أن أكون من الإخوان المسلمين.
وعرف الطاغية أيَّ رجل أمامه، فحكم عليه بالإعدام.
وهذا ما كان يتطلع إليه الشيخ... أن يفوز بالشهادة في سبيل الله، فالله يصطفي الشهداء من الأبرار الأخيار. ولطالما تطلع الشيخ إلى الشهادة، ودعا ربه سراً وعلانية أن يرزقه الشهادة في سبيل الله.
قصص من داخل السجن:
هذه بعض قصص رواها إخوة كانوا معتقلين مع الشيخ في اعتقاله الأخير الذي انتهى باستشهاده، رحمه الله. وهي قصص تدل على ذكائه، وتجرده، وجرأته، وكرمه...
1) في بدايات الاعتقال أراد المحقق أن يربط بين الشيخ وبين الأخ محمد أيمن الخطيب (الذي استشهد هو الآخر فيما بعد)، وذلك ليثبت على الشيخ علاقة بالعمل العسكري.
المحقق: ما علاقتك بأيمن الخطيب؟!
الشيخ: بيني وبينه عداوة "كار".
المحقق (مستغرباً): كيف؟!
الشيخ: أنا شيخ المسجد، أؤم ُّ الناس وأخطب فيهم وأدرّسهم... ثم هو يختطف مني شباب المسجد من أجل أن يقوم هو بتوجيههم وتربيتهم، وكأنه أدرى مني بالتوجيه والتربية!.
2) وفي موقف آخر في التحقيق:
المحقق: أنت تحرّض الناس على السلطة، وتزعم أنها سلطة غير شرعية، وأن طاعتها ليست واجبة عليهم...
الشيخ (بصوتٍ عالٍ يصرخ في وجه المحقق): انظر! إن الله أخذ على أهل العلم الميثاق بأن يبيّنوا الحق ولا يكتموه. وإن واجبي الشرعي يحتم عليّ أن أقوم بهذا الواجب إبراءً لذمتي أمام الله.
3) وتلقّى الشيخ ألواناً هائلة من التعذيب، تركت على ظهره وساقيه وقدميه آثار السياط، بل خلّفت جروحاً عميقة، ثم التهابات، ثم ندوباً ظاهرة وأخاديد مشوّهة.
وكان الشيخ – رحمه الله – يحرص على ستر ذلك كله، ولا يحدّث أحداً بما تعرّض له من التعذيب، خوف أن يذهب ذلك ببعض ثوابه!. وما كنا لنعرف ما تلقاه من عذاب لولا ما أخبر به إخوانه الذين شاهدوه في أثناء التعذيب أو بعده مباشره.
4) وفي الشهور التي قضاها في سجن القلعة، وهي أكثر الشهور سعة وانفراجاً، كان يعقد لإخوانه المعتقلين معه في المهجع دروساً ودوراتٍ في عدد من العلوم الإسلامية، وحلقات لحفظ كتاب الله تعالى وحديث نبيه صلى الله عليه وسلم.
وبين حين وآخر كان والده الشيخ عبد القادر يرسل إليه بعض المال، لعله يخفف عن نفسه بهذا المال بعض الضيق. فماذا كان الشيخ محمد خير يفعل بهذا المال؟!
لقد كان يتفنن بأساليب إنفاقه على إخوانه المعتقلين، فكان يشتري اللحم المشوي من "مطعم" صغير من باحة السجن... ويطعم به إخوانه. أو كان يوزع المال على من يراهم أشد حاجة من غيرهم، أو يوزعه مكافآت على حفظة القرآن الكريم، والحديث الشريف... والمهم أنه لا ينبغي أن يبيت ليلته، بعد تسلمه المال من والده، قبل أن يوزع هذا المال على إخوانه.
استشهاده:
اعتقل الشيخ محمد خير مع آلاف الإخوان عام 1979م وكان صابراً محتسباً، وبعد أن حوكم تلك المحاكمة الصورية المهزلة في محكمة أمن الدولة، قادوه إلى سجن تدمر، ليلقى الألاقي مع إخوانه البررة الأحرار الأطهار.
وقد روى بعض الإخوة الناجين من مجازر سجن تدمر الرهيب، أنهم سمعوا الشيخ محمد خير يكبر بصوته الجهوري قبل أن يصعد إلى حبل المشنقة في آب/1980م. وهذه كانت عادة الإخوة المعتقلين، فقد كان الأخ يكبّر بصوتٍ قوي عالٍ، وهو يصعد إلى حبل المشنقة، أو قبيل إطلاق الرصاص عليه.
رحم الله الأخ الشيخ محمد خير زيتوني، ورحم إخواننا الشهداء والمعتقلين جميعاً، فقد كان نموذجاً رفيعاً بين شباب الدعوة، ملىء إيماناً، وعلماً، وصبراً، وجهاداً...
وقد نال ما تمنى إن شاء الله تعالى، وهو الآن – فيما نحسب، ولا نزكي على الله أحداً، ولكننا نشهد بما علمنا من حاله – إنه الآن يرتع في رياض الجنة، في حوصلة طير أخضر إن شاء الله تعالى.
وشاهت الوجوه الغُبر، ولا نامت أعين الجبناء.
وسوم: العدد 758