التربية النبوية على الولاء، والولاء حب وطاعة ونصرة ونصح
حيثما يممت وجهك في منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعوي تنتصب أمامك مجالي عظمة هذا الرسول الكريم آفاقا وآمادا ..
ومن معاناة مع الذين يزعمون أنهم يوالون ويحبون أكتب هذه الكلمات إلى الذين يفهمون الولاء والحب إطفاء لسراج العقل ، وتبعية مطلقة لمن يوالون في كل ما ينهج و يفعل ويقول ؛ ملقين عليه ثوبا من العصمة الكهنوتية بغير وعي منهم ولا بصيرة ولا فقه ..
وكان من عظمته صلى الله عليه وسلم ، وقد استخلص ولاء أصحابه لله ولرسوله من غير غبش ولا ريبة ، أنه علمهم كذلك كيف يميزون بين الولاء للوحي المنزه المعصوم في صيغة النص المنزل ، أو في شخص النبي الرسول الأمين المبلغ ، وبين إعمال العقل والفكر والتدبير حتى فيما يصدر عن محمد القائد والإمام من اجتهاد وتدبير في أمور الحرب والسياسة وتدبير مصالح الناس .
وحقيقة الولاء كما يقول أهل التفسير هي حب وإخلاص ونصرة ونصح واتباع لله ولرسوله . وهي كذلك مع تمعن وتفكر وتدبر مع الإمام والسلطان والقائد والأمير والمقدم على الناس ؛ تحبه وتنصره وتشير عليه ، وتسدده ، وتحثه ، وتعينه ، وتحميه ، وتحول بينه وبين الزلة والعثرة والبغي والتمادي وإن اقتضى المقام تأطره على الحق أطرا ، إن استطعت ، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وكل ذلك كان في خريجي مدرسة النبوة وتابعيهم على اختلاف العصور . وكان شيء منه في عهد النبي المعلم والمربي الذي كان يقول : إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر ... . والذي علم أصحابه التمييز بين أمر الله وأمر الاجتهاد البشري فيسأل أحدهم : أهو منزل أنزلكه الله ما يكون لنا أن نتقدم عنه أو هو الرأي والحرب المكيدة ..هذا الإدراك الدقيق المتضمَن في فحوى هذا السؤال يختصر تجربة عظيمة في التربية والتعليم والتنشئة ..
بعض الناس الذين تربوا في مدارس المستبدين ، وترعروا على مناهجهم ، ثم أنفوا منهم ومن حصادهم الآثم ؛ حين وجدوا في حياتهم من هو موضع للولاء الحق ، ومظنة للحب والطاعة والنصرة والمتابعة ظنوا أن عليهم أن يكونوا له كما تابع المستبد للمستبد . يصفق لكل كلمة ، وينتشي بكل عبارة ..
أليس من حق أن نتساءل إذا كانت سياساتنا وقراراتنا كلها محكمة متقنة مسددة متغلبة : لماذا نحن هنا في أعقاب الناس ؟! أما آن لنا أن ندرك أن الموقف الضنك الذي صرنا إليه بفعل مقدمات كانت خيارات هي التي ألجأتنا إلى نتائج لا يسوغها عقل ولا تدبير إلا لأنها ضرورات ، تجعلنا نرى حسنا ما ليس بالحسن .
لا والله .. لقد كان الذين أشاروا على محمد رسول الله في إمامته للمسلمين ، ثم على الخلفاء والملوك والسلاطين أولياء حقيقيين . كانوا مع ولاء الحب والطاعة والنصرة قد تربوا في مدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن من الولاء ومع الحب والطاعة والنصرة النصح الخالص لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم ..
والنصح لأئمة المسلمين ألا يحوروا وألا يزيغوا وألا تلجئهم الملجئات ، وتضغطهم الضواغط بعض العهد الذي أخذه الله على صالح المؤمنين ..
وحين أراد الرسول القائد أن يصالح غطفان ومن معها من الأحزاب شفقة على الأنصار ، على ثلث ثمار المدينة ويرجعوا ...
قال الأنصار أهو أمر الله ..قال : بل هو أمر أصنعه لكم فقد رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة . قال لا والله يا رسول الله بعد أن أعزنا الله بالإسلام ..
من يقولها اليوم نصحا لكل المشفقين على السوريين : لا والله بعد أن أعزنا الله بثورة كلفتنا مليون شهيد ..
ولله الأمر من قبل ومن بعد .
وسوم: العدد 812