(معا نتدبر القرآن) ح2 (سورة البقرة) 1
((إعداد الأمة للاستخلاف، وبيان المنهج في ذلك))
سورة البقرة سورة مدنية من السبع الطول، وهي أطول سورة في القرآن، ومن أوائل ما نزل في المدينة، وقد ورد في فضلها الكثير من الأحاديث، وقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوتها هي وسورة آل عمران حثا خاصا، وسماهما الزهراوين، لنورهما وهدايتهما وعظيم أجرهما، مما ينبئ عن أن لها أهميتها في مقاصدها ومضامينها وفي كونها تأتي بعد سورة الفاتحة.
وفي مقصدها العام أقوال متعددة، والذي نختاره أن مقصد السورة العام هو ((إعداد الأمة للاستخلاف في الأرض وبيان المنهج في ذلك))، فكل آيات السورة وموضوعاتها ومقاصدها تدور حول هذا المقصد، فقد تحدثت السورة عن أصناف الناس الثلاثة، وقصة استخلاف آدم، وكيف علمه الله، وتحدي إبليس له، ثم إهباطه إلى الأرض، وبدء الصراع مع الشيطان، وقصة بني إسرائيل وفشلهم في مهمة الاستخلاف بسبب خصالهم الذميمة، وقصة سيدنا إبراهيم وكيف كان مثال الاستخلاف الصالح في الأرض، كما بينت لنا منهج الاستخلاف من خلال تغيير القبلة، وصفات أهل البر، والتشريعات، وقصة طالوت والتخاذل عن نصرة المنهج، وقصص إحياء الموتى مع قتيل بني إسرائيل الذي خرجوا من ديارهم وإبراهيم مع النمرود والقرية الخاوية والطير، والمال وأحكامه، حتى ينتهي بأن الله لا يكلف الأمة فوق وسعها وإن عليها أن تؤمن وتلتزم بالمنهج. فقد تحدثت السورة عن موضوعات عدة، نذكر منها:
• صفات المستخلفين المطلوبة:
الم ﴿١﴾ ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴿٢﴾ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴿٣﴾
• والعدو الخارجي وهم الكافرون:
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٦﴾.
• والعدو الداخلي وهم المنافقون:
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّـهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ﴿٨﴾.
• وقصة استخلاف آدم:
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٣٠﴾.
• والصراع بين آدم وإبليس:
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ﴿٣٦﴾.
• وقصة بني إسرائيل وتخليهم عن مهمة الاستخلاف:
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴿٤٠﴾.
• وأسباب ذلك بما امتلكه بنو إسرائيل من خصال ذميمة:
أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿٤٤﴾.
• وقصة البقرة التي تدل على تعنت بني إسرائيل:
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّـهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴿٦٧﴾.
• وكذلك تعنتهم وعنادهم ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّـهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿٧٥﴾.
• وعبادة العجل من دون الله مع أن الله نجاهم من فرعون بمعجزة باهرة:
وَلَقَدْ جَاءَكُم مُّوسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ ﴿٩٢﴾.
• وأسباب إزالة النصارى عن مهمة الاستخلاف:
وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّـهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴿١١٨﴾.
• والحذر من استدراج الملل الأخرى وأنهم لن يرضوا بمنهج الله:
وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّـهِ هُوَ الْهُدَىٰ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعلم مالَكَ مِنَ اللَّـهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴿١٢٠﴾.
• وتوحيد إبراهيم وكونه النموذج الصالح للاستخلاف:
وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴿١٢٤﴾.
والبقية في الحلقة القادمة ...
وسوم: العدد 823