تأملات في القران الكريم ح430 سورة القيامة الشريفة
للسورة الشريفة جملة من الفضائل والخصائص , لعل ابرزها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الباقر عليه السلام : من أدمن قراءة لا اقسم وكان يعمل بها بعثه الله مع رسول الله صلى الله عليه وآله من قبره في أحسن صورة ويبشره ويضحك في وجهه حتى يجوز على الصراط والميزان .
بسم الله الرحمن الرحيم
لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ{1}
تستهل السورة الشريفة ( لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ) , يرى المفسرون ان ( لَا ) زائدة , تفيد التأكيد , يقسم الباري جل وعلا بيوم القيامة , وذلك لخطورته وشدته وغرابته.
وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ{2}
تستمر الآية الكريمة ويستمر فيها القسم مؤكدا ( وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) , يقسم الباري جل وعلا بالنفس التي تلوم صاحبها وان اجتهد في الطاعة واجتناب الموبقات .
أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ{3}
تستمر الآية الكريمة ( أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ ) , أيظن الانسان الكافر ان لن يقدر الله تعالى ان يجمع عظامه للبعث والنشور .
مما يروى انها نزلت في عدي بن ربيعة سأل رسول الله صلى الله عليه وآله عن أمر القيامة فأخبره به فقال "لو عاينت ذلك اليوم لم اصدقك أو يجمع الله هذه العظام" .
بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ{4}
تستمر الآية الكريمة مجيبة ( بَلَى ) , نجمعها , ( قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ ) , بجمع سلاميات الاصابع مع صغرها , فكيف بالعظام الكبيرة ! , ويرى القمي وغيره ان البنان اطراف الاصابع .
بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ{5}
تستمر الآية الكريمة ( بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ) , يريد ان يستمر على الفجور فيما هو قادم من الايام , ويرى القمي هو تقديم الذنب وتأخير التوبة , ويرى اخرون انها بمعنى ان الانسان يريد ليكذب في يوم القيامة .
يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ{6}
تستمر الآية الكريمة ( يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ) , يسأل الانسان عن يوم زمن "موعد" يوم القيامة استهزاء وسخرية .
فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ{7}
تجيب الآية الكريمة ( فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ ) , للمفسرين اراء حول ذلك , نذكر منها :
1- تحير البصر ودهش لما رأى في يوم القيامة .
2- يبرق البصر , فلا يقدر ان يطرف , وهو قوله عز من قائل { وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ }الأنبياء97 .
وَخَسَفَ الْقَمَرُ{8}
تضيف الآية الكريمة ( وَخَسَفَ الْقَمَرُ ) , اختفى نوره .
وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ{9}
تستمر الآية الكريمة ( وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ) , يختلف المفسرون في الآية الكريمة , فمنهم من يرى :
1- ذهاب ضوء الشمس ونور القمر .
2- طلوعهما من المغرب , كعلامة من علامات يوم القيامة .
3- اشارة الى قضية مستقبلية .
يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ{10}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( يَقُولُ الْإِنسَانُ ) , ليس كل انسان , بل الكافر فقط , ( يَوْمَئِذٍ ) , ذلك الحين , ( أَيْنَ الْمَفَرُّ ) , اين المهرب ؟ .
كَلَّا لَا وَزَرَ{11}
تستمر الآية الكريمة رادعة ( كَلَّا ) , ردع لطلب الفرار , ( لَا وَزَرَ ) , لا ملجأ يومئذ .
إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ{12}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ ) , الى الله تعالى وحده المصير , فيجزي كلا حسب عمله .
يُنَبَّأُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ{13}
تضيف الآية الكريمة ( يُنَبَّأُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ ) , عن كل عمله , ما قدمه وما آخره .
( عن الباقر عليه السلام بما قدم من خير وشر وما اخر فما سن من سنة ليستن بها من بعده فإن كان شرا كان عليه مثل وزرهم ولا ينقص من وزرهم شيئا وإن كان خيرا كان له مثل اجورهم ولا ينقص من اجورهم شيئا ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ{14}
تستمر الآية الكريمة ( بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) , واقع الحال , ان الانسان لا يحتاج الى ان ينبأ بإعماله , فهو يشهد على نفسه او ان جوارحه مما يشهد عليه , فتكون عليه حجة , تلزمه بكل ما فعل .
وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ{15}
تستمر الآية الكريمة ( وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) , ولو جاء بكل ما يعتذر به , فان ذلك لا ينفعه .
( عن الصادق عليه السلام قال ما يصنع أحدكم أن يظهر حسنة ويستر شيئا اليس إذا رجع إلى نفسه يعلم أنه ليس كذلك والله عز وجل يقول بل الانسان على نفسه بصيرة إن السريرة إذا صلحت قويت العلانية .
وعنه عليه السلام إنه تلا هذه الآية فقال ما يصنع الانسان أن يعتذر إلى الناس بخلاف ما يعلم الله منه إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول من أسر سريرة البسه الله رداءها إن خيرا فخير وإن شرا فشر ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ{16}
تستمر الآية الكريمة مخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" ناهية ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ) , لا تحرك بالقرآن لسانك قبل ان يتم او يفرغ الوحي , خوفا ان ينفلت منك .
( عن ابن عباس كان النبي صلى الله عليه وآله إذا نزل عليه القرآن عجل بتحريك لسانه لحبه اياه وحرصه على أخذه وضبطه ومخافة أن ينساه فنهاه الله عن ذلك ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ{17}
تستمر الآية الكريمة مقررة ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ ) , في صدرك , ( وَقُرْآنَهُ ) , وتثبيت قراءته على لسانك .
فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ{18}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( فَإِذَا قَرَأْنَاهُ ) , بلسان جبريل "ع" , ( فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ) , قراءته بتكراره , حتى يرسخ في ذهنك .
( عن ابن عباس فكان النبي صلى الله عليه وآله بعد هذا إذا نزل عليه جبرئيل أطرق فإذا ذهب قرأ ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ{19}
تستمر الآية الكريمة مقررة ( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) , بيان ما اشكل عليك من معانيه .
وسوم: العدد 835