تأملات في القران الكريم ح449 سورة الطارق الشريفة
للسورة الشريفة جملة من الفضائل والخصائص , لعل ابرزها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الصادق عليه السلام : من كان قراءته في فرائضه بالسماء والطارق كانت له عند الله يوم القيامة جاه ومنزلة وكان من رفقاء النبيين عليهم السلام وأصحابهم في الجنة .
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ{1}
تستهل السورة الشريفة بقسمين :
1- ( وَالسَّمَاء ) : يقسم الباري جل وعلا بالسماء بيانا لعظمتها , وسعتها , وبديع خلقها , ودقة نظامها , وما يجري فيها , ومن ذلك الطارق , الذي يجوب السماء في مدار معين .
2- ( وَالطَّارِقِ ) : يقسم الباري جل وعلا بالطارق , وهو النجم الذي يظهر في الليل .
وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ{2}
تستمر الآية الكريمة ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ ) , الفاتا الى شأنه .
النَّجْمُ الثَّاقِبُ{3}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( النَّجْمُ الثَّاقِبُ ) , يختلف المفسرون في شأنه , فبعضهم يرى :
1- هو كل نجم يثقب الظلام بنوره .
2- واخرون يرون انه "زحل" , يثقب الافلاك بنوره , وينفذ فيها , ويسمى ايضا "نجم العذاب" و "نجم القيامة" .
3- او هو نجم له شأن خاص سيظهر في مستقبل الأمور.
4- قد يكون رمزاً لأمر ما ، أو شخصاً له بالغ الأهمية.
إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ{4}
تستمر الآية الكريمة مقررة جوابا للقسم ( إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ) , لكل نفس ملاكا حافظا رقيبا عليها .
فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ{5}
تستمر الآية الكريمة ( فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ ) , فلينظر الانسان المنكر للبعث الى اصل خلقته , ليدرك على صحة اعادته بعد فناءه .
خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ{6}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ ) , الدفق هو الصب بقوة , وهو تدفق ماء الرجل في رحم المرأة " زوجته" .
يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ{7}
تضيف الآية الكريمة ( يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ ) , الرجل , ( وَالتَّرَائِبِ ) , المرأة , وهو الصدر .
إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ{8}
تقرر الآية الكريمة ( إِنَّهُ ) , جل وعلا , ( عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ) , على بعث الانسان في الدنيا او القيامة لقادر على ذلك , كما خلقه في اول مرة .
يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ{9}
تضيف الآية الكريمة ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ) , يوم تختبر وتتميز و تكشف وتفتضح ضمائر القلوب من النوايا والمعتقدات , فيعرف ما طاب منها وما خبث .
( عن النبي صلى الله عليه وآله إنه سئل ما هذه السرائر التي ابتلى الله بها العباد في الاخرة فقال سرائركم هي أعمالكم من الصلاة والصيام والزكاة والوضوء والغسل من الجنابة وكل مفروض لان الاعمال كلها سرائر خفية فان شاء الرجل قال صليت ولم يصل وإن شاء ؟ قال توضأت ولم يتوضأ فذلك قوله يوم تبلى السرائر ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ{10}
تستمر الآية الكريمة ( فَمَا لَهُ ) , الانسان , ( مِن قُوَّةٍ ) , يدفع بها العذاب عن نفسه , ( وَلَا نَاصِرٍ ) , ولا ناصر ينصره بدرء العذاب او حتى تخفيفه .
( عن أبي بصير قال ما له من قوة يقوى بها على خالقه ولا ناصر من الله ينصره إن أراد به سوء ) . "تفسير القمي" .
وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ{11}
تضمنت الآية الكريمة قسما اخر ( وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ ) , يختلف المفسرون في الرجع , فمنهم من يرى :
1- انه المطر , وقد سمي المطر رجعا وأوبا , لأنه يرجع من وقت الى اخر .
2- ( ذَاتِ الرَّجْعِ ) بمعنى ان السماء تعود "ترجع" في كل دورة الى المكان الذي انطلقت او تحركت منه .
وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ{12}
يستمر القسم في الآية الكريمة ( وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ) , هناك اراء كثيرة حول صدع الاض , منها , تشققها بالنبات , وتصدعها بجريان الماء وما يتركه ذلك من أثار علي سطحها.
إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ{13}
تستمر الآية الكريمة جوابا للقسم على شكل تقرير ( إِنَّهُ ) , القرآن الكريم , ( لَقَوْلٌ فَصْلٌ ) , يفصل بين الحق والباطل .
( عن الصادق عليه السلام يعني ان القرآن يفصل بين الحق والباطل بالبيان عن كل واحد منها ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ{14}
تستمر الآية الكريمة ( وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ) , باللعب واللهو والباطل , بل هو جد كله .
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً{15}
تقرر الآية الكريمة كاشفة فاضحة الكفار ( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً ) , يكايدون النبي الكريم محمد "ص واله" سعيا لإبطال نور رسالته .
وَأَكِيدُ كَيْداً{16}
تضيف الآية الكريمة ( وَأَكِيدُ كَيْداً ) , خفيا لإظهار الحق { يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }الصف8 .
فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً{17}
تختتم الآية الكريمة ( فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ ) , لا تستعجل بالانتقام والهلاك لهم يا محمد "ص واله" , ( أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً ) , امهلهم يسيرا , دعهم قليلا , فأن الانتقام والهلاك واقع بهم عما قريب.
وسوم: العدد 870