الأسرة الصالحة قوام المجتمع
يحصر الكثير من الأباء دورهم في إطعام العيال و كسوتهم، يحصر دورهم في تأمين القوت لهم، وسد رمق الجوع ، و هو واجب شرعي و قانوني .
إذا حصرنا أدوار الأباء في هذا المستوى، فأحسب أن ذلك أقل الأدوار، أدوار تشترك فيها جميع المخلوقات، فالطيور تطعم و تؤمن قوت صغارها، وكذلك الدواب و الوحوش تفعل ذلك بفعل الغريزة المودعة.
لكن دور الإنسان يرتقي على تلك الأدوار، فالإنسان مكرم في خلقه، مكرم بعقله، فهو كلف بمهام أعلى و أرقى ، مهام تربوية اتجاه أبنائه و صغاره.
مكلف بتكوين الأسرة بالزواج.
هذه الأسرة التي تحقق في دوحتها الرحمة و المودة ، تلك الأسرة الي تتقاسم فيها الأعباء التكاليف، أسرة ترعى تنشئة الأبناء من خلال التربية السليمة.
تلك التربية التي تشكل الحصن المانع للأبناء.
و في كنف تلك الأسرة يتعلم الأبناء الأدب و حسن المعاملة، يتعلم الصغار الصدق في القول و العمل، يتعلم الصغار خلق الوفاء بالوعود، فينسأ الولد أبعد عن الخيانة، يتعلم الصغير في الأسرة صون الأمانات، و حفظ العهود، يتعلم الصغير في الأسرة الصدق في القول، يقول الحق و لو على نفسه، ينفر من الكذب و لو كان في مصلحته.
يتعلم الطفل في كنف الأسرة حب العمل ، فيتدرب في الأسرة خدمة نفسه، و تنظيم شؤونه الخاصة الاستفادة من وقته، يتدرب على خدمة غير و رعاية مصالحهم ، يتدرب على نظافة مكانه الذي يجلس فيه و الملعقة التي يأكل بها، و يتعلم كيف يطوي فراشه ،و يحفظ ملابسه ، كل تلك الأمور يتعلمها الصغير من أمه و أبيه في تلك الأسرة ، يتعلمها من خلال الاقتداء و التأسي بالنموذج السليم.
إن دور الأباء يرتقي في أهدافه، ليتجاوز الطعام و الغذاء ؛ ليرتقي إلى صقل المواهب، و بناء الإنسان الرسالي، صاحب العطاء.
ليتنا استمعنا لرسائل الوحي في قوله تعالى للأباء و لكل من يشغله مهمة التربية : " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة "
إن من صميم مهمة الأسرة حماية تلك الثروة البشرية من الضياع و السقوط في الهاوية، حماية الآدمية من السقوط في أوحال الرذائل و الموبقات و الجرائم، حماية النفس الإنسانية من الانهيار الخلقي، حماية الإنسانية من الفساد في الأرض.
إن دور الأسرة و من خلالها دور الأباء دور محوري في تشكيل بنية المجتمع الصالح الفاعل المؤثر من خلال المنتج التربوي المثر ؛ من خلال أبنائنا الصالحين، بتلك النسخ الصالحة في المجتمع .
إن المجتمع الذي تنخر جسمه الجرائم بكل أشكالها؛ سرقة، قتل، اغتصاب، انتحار، رشاوي، تسول، طلاق، عقوق، كل تلك الظواهر السلبية مردها التنشئة الخاطئة.
نقول حين تهمل الأسرة أدوارها تحل الكوارث، و حين نرعى الأبناء نلبي حاجياتهم التربوية و النفسية، فإننا نحمي شبابنا من السقوط في مستنفع مجهول ،يكون دمارا للمجتمع، يكون دمارا لمقدرات و دخائر الأمة.
فأطفالنا هم شباب الغد، هم ثمرة تلك التربية الصالحة، التي قوامها أم صالحة و أب صالح.
فلذلك على الأباء و الأمهات الحرص على لزوم القدوة الصالحة في كل الشؤون حفظا على سلامة تربية الأبناء، قبل أن تفعل شيئاً ضع هذه الأبيات الراقية نصب عينيك .
يا أيها الرجل المعلِّم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليمُ؟
ابدأ بنفسك فانهها عن غيِّها فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ
لا تنه عن خُلُقٍ وتأتي مثله عارٌ عليك إذا فعلت عظيمُ
نسأل الله أن يحفظ أسرنا و أولادنا أجمعين .
وسوم: العدد 986