ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات هذه مراتب من اصطفاهم الله تعالى من عباده
ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات هذه مراتب من اصطفاهم الله تعالى من عباده فانظر يا مؤمن ويا مؤمنة إلى أية مرتبة تنتميان ؟؟؟
يقول المولى جلّت قدرته في محكم التنزيل في سياق الحديث عمن اصطفاهم من عباده المؤمنين : (( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير )).
هكذا وصف الله تعالى الذين اصطفاهم من عباده للإيمان، فصنفهم تصنيفا ثلاثيا حسب سعيهم في الحياة الدنيا دار الابتلاء استعدادا للرحيل عنها إلى الآخرة دار الجزاء ، وهو تصنيف متوقف على طبيعة سعيهم في هذه الحياة الدنيا وهو ثلاثي المراتب: دنيا، وعليا ، ومتوسطة بينهما .
أما أصحاب المرتبة الدنيا ،فهم الذين يرتكبون المعاصي ، وبذلك يظلمون أنفسهم حينما يورطونها فيها كما وقع لآدم وحواء عليهما السلام حين عصيا أمر ربهما فأكلا من الشجرة التي نهاهما عن الأكل منها ، وأما المقتصدون فهم أصحاب المرتبة الوسطى الذين تنكبوا ظلم أنفسهم بالوقوع في المعاصي ، واجتهدوا في تحصيل الخيرات لكنهم لم يبلغوا درجة السبق فيها بل اقتصدوا في ذلك و اعتدلوا فتوسطوا بين درجة دنيا وأخرى عليا ، وأما السابقون بالخيرات فهم الذين بذلوا كل الوسع في ابتغاء الخيرات، فبلغوا فيها الشأو ، وليس مع تقسيم الله عز وجل لعباده المؤمنين تقسيم غير هذا .
وقد يمر المؤمن أو المؤمنة بهذه المراحل الثلاث بحيث يتدرج من مرحلة ظلم بالنفس باقتراف المعاصي إلى مرحلة الاقتصاد في فعل الخيرات ثم إلى مرحلة السبق في فعلها . والمحظوظ من أذن له الله تعالى بهذا الانتقال بحيث يكون مروره بمرحلة ظلم نفسه مرورا عابرا ، ولا يتشبث طويلا بمرحلة الاقتصاد فيجعلها منتهى مبتغاه بل يسارع إلى مرحلة المسابقة بالخيرات.
وأسوأ حال هو أن يقضي الإنسان عمره ظالما لنفسه يكبلها بظلمه ، ولا يحدث نفسه بكسر قيد ظلمها حتى توافيه المنية وهو على هذه الحال ، والأسوأ من ذلك أن يتقهقر من إحدى المرتبتين مرتبة الاقتصاد في فعل الخيرات أو مرتبة السبق فيها ،ويلقى ربه وهو هذه الحال من التقهقر والتردي من سيء إلى أسوأ .
ومن الكياسة أن يلازم الإنسان إدانة نفسه كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه : " الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني " . ولا شك أن الكيّس هو من يلازم محاسبة نفسه على الدوام فيحملها على السعي الحثيث للعبور من مرحلة ظلمها إلى مرحلة الاقتصاد في طلب الخيرات حتى يبلغ بها مرحلة المسابقة بالخيرات .
ومن العجز أن يظل الإنسان يكذب على نفسه، ويمنيها الأماني السرابية ببلوغ مرتبة الاقتصاد أو مرتبة المسابقة بالخيرات ، وهو ظالم لها لا يبارح هذه الحال ، حتى يستغرق عمره كاملا وهو على ذلك .
وأخيرا نقول لمن لم يسبق له أن استوقفه قول الله تعالى في تصنيفه لمن اصطفاهم من عباده المؤمنين ،انظر أية مرتبة من المراتب الثلاث أنت فيها ثم احرص على تجنب مرتبة ظلم النفس والبقاء على ذلك طيلة عمرك ، واحرص على التطلع إلى مرحلة السبق بالخيرات أو على الأقل حافظ على وجودك في مرتبة القصد في ابتغاء الخيرات وما التوفيق إلا بالله ، وذلك فضله الكبير .
وسوم: العدد 1000