وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ

عبد الرحيم بن أسعد

الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، قال الله تعالى "سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ"-الحديد21-، ثم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ» صحيح البخاري، ثم عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَطْحَاءِ، فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَدْرُونَ مَا هَذَا؟» قَالَ: قُلْنَا: السَّحَابُ، قَالَ: «وَالْمُزْنُ» قُلْنَا: وَالْمُزْنُ، قَالَ: «وَالْعَنَانُ» ، قَالَ: فَسَكَتْنَا، فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ كَمْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؟» قَالَ: قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ، وَمِنْ كُلِّ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ، وَكِثَفُ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ، وَفَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلاهُ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ بَيْنَ رُكَبِهِنَّ وَأَظْلافِهِنَّ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ الْعَرْشُ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلاهُ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَوْقَ ذَلِكَ وَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِ بَنِي آدَمَ شَيْءٌ» مسند أحمد، وبعد: فما بين الأرض والسماء السابعة مسيرة ستة ألاف وخمسمائة سنة، أي ما بين طرفي السماء السابعة مسيرة ثلاث عشرة ألاف سنة، ولا تصير السماوات السبع سماء واحدة إلا بعد تشقق السماوات السبع يوم القيامة قبل البعث لقول الله تعالى "فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ"-الرحمن37-، فيكون عرض السماء حينها يساوي الجذر التربيعي لمساحة مقطعها، ثم إن تقدير مساحة مقطع السماء يوم القيامة يساوي ط قسمة أربعة ضرب مربع ثلاث عشرة ألاف سنة، ويساوي اثنين وأربعين وربع مليون سنة ضرب ط، لذا فعرض السماء يوم القيامة يساوي الجذر التربيعي لمساحة مقطعها، ويساوي ستة ألاف وخمسمائة سنة ضرب الجذر التربيعي لـ ط، ولما كان لكل مؤمن مقرب إلى الله عز وجل جنتان لقول الله تعالى "وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ"-الرحمن46-، جنة آنيتها وما فيه من ذهب وجنة آنيتها وما فيها من فضة، فإن عرض جنتي المؤمن المقرب إلى الله عز وجل يساوي ثلاث عشرة ألف سنة ضرب الجذر التربيعي لـ ط ناقص عرض أربعة حوائط للجنة، ولما كانت ط تساوي اثنين وعشرين قسمة سبعة، فيمكن تقدير سمك حائط جنة المؤمن المقرب إلى الله عز وجل بالمعادلة التالية: عرض السماء يوم القيامة ضرب اثنين ناقص أربعة ضرب عرض حائط جنة المقرب إلى الله عز وجل يساوي عدد حروف القرآن المجيد قسمة سبعة قسمة اثنين، وذلك لأن عدد أيام الحج والعمرة يساوي سبعة أيام وهي يوم للعمرة ويوم التروية ويوم عرفة ويوم الحج الأكبر وثلاثة أيام التشريق ولأن علامة قبول العمل الصالح اتباعه بعمل صالح مثله، ولأن القرآن المجيد هو كلام الله الذي يتعبد بتلاوته فقد تكلم الله عز وجل به من فوق عرشه العظيم وكلام الله عز وجل غير بائن عنه، فعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ. يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، حِجَابُهُ النَّارُ لَوْ كَشَفَهَا لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ» ثُمَّ قَرَأَ أَبُو عُبَيْدَةَ {نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ، وَمَنْ حَوْلَهَا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: 8] مسند أحمد، وفي رواية أخرى "حِجَابُهُ النُّورُ"، فبذلك يكون عرض حائط جنة المقرب إلى الله عز وجل يساوي ثلاثة ألاف ومئتين وخمسين سنة ضرب الجذر التربيعي لـ ط ناقص ثمانين ألف وستمائة واحدى وخمسين سنة قسمة أربعة عشرة ويساوي تقريبا مسيرة ثلاث مائة يوم وتسعة عشرة ساعة وثلاث دقائق وثلاث وعشرين ثانية، والله أعلم، فعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ، عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلًا، فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ، يَطُوفُ عَلَيْهِمُ المُؤْمِنُونَ، وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ كَذَا، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ القَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ» صحيح البخاري، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، وَالَّذِينَ عَلَى إِثْرِهِمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إِضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ لَحْمِهَا مِنَ الحُسْنِ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا، لاَ يَسْقَمُونَ، وَلاَ يَمْتَخِطُونَ، وَلاَ يَبْصُقُونَ، آنِيَتُهُمُ الذَّهَبُ وَالفِضَّةُ، وَأَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَوَقُودُ مَجَامِرِهِمْ الأَلُوَّةُ - قَالَ أَبُو اليَمَانِ: يَعْنِي العُودَ -، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ" صحيح البخاري، وعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» صحيح مسلم، وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «مَا عَدَدْتُ فِي رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِحْيَتِهِ، إِلَّا أَرْبَعَ عَشْرَةَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ» مسند أحمد، فلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم ربنا انصرنا والمرابطين وانصر المجاهدين في سبيلك لتكون كلمتك هي العليا على الروم في جميع الملاحم وعلى جميع أعدائك فإنك حق ووعدك حق ولقائك حق وقولك حق والجنة حق والنار حق والنبيين حق وعبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم حق والساعة حق، اللهم ربنا اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم ربنا يسر لحجاج بيتك الحرام حجهم وتقبله منا ومنهم وبارك لنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، فسبحان الله رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

وسوم: العدد 1078