معجزة من معجزات النبوة في سورة النصر

عبد الرحيم بن أسعد

الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، لقد قال الله تعالى "إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا"-سورة النصر-، وبعد:- (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «مَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاَةً بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ: ’’إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ‘‘ إِلَّا يَقُولُ فِيهَا: "سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي"» {أو "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا" رواية أخرى، ’’دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ‘‘(يونس:10)}، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، سَأَلَهُمْ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ’’إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ‘‘، قَالُوا: فَتْحُ المَدَائِنِ وَالقُصُورِ، قَالَ: مَا تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟، قَالَ: أَجَلٌ، أَوْ مَثَلٌ ضُرِبَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُعِيَتْ لَهُ نَفْسُهُ»، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ، فَدَعَاهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ، فَمَا رُئِيتُ أَنَّهُ دَعَانِي يَوْمَئِذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ، قَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ’’إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ‘‘؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا، وَفُتِحَ عَلَيْنَا، وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ لِي: أَكَذَاكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقُلْتُ: لاَ، قَالَ: فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ لَهُ، قَالَ: ’’إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ‘‘، وَذَلِكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ، ’’فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا‘‘، فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَقُولُ») صحيح البخاري، (نَصْرُ اللهِ) نصر الله لك -أيها النبي- على كفار قريش، (الفَتْحُ) فتح مكة، ’’إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا‘‘: «تَوَّابٌ عَلَى العِبَادِ وَالتَّوَّابُ مِنَ النَّاسِ التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ» صحيح البخاري، أي أن الله يقبل الرجعة من عباده إليه إذا استغفروه وسألوه التوبة قبل الموت، ’’وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا‘‘: ورأيت -أيها النبي- قبائل العرب تدخل في الإسلام أرسالاً، قبيلة قبيلة بدون قتال، معجزة من معجزات النبوة في سورة النصر: فمن سنن الله عز وجل في الأرض معادلة ديناميكا الحرارة الثالثة، فهي باختصار التالي: تغير القصور الحراري في مكان ما يساوي تغير القصور الحراري نتيجة النقل الحراري من أو إلى ذلك المكان زائد تولد القصور الحراري في ذلك المكان، فتولد القصور الحراري يكون نتيجة الاستعجال والتبذير وهو أحد أسباب الفساد في الأرض للحديث: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِسَعْدٍ، وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَقَالَ: «مَا هَذَا السَّرَفُ» فَقَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ، قَالَ: «نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ» سنن ابن ماجه، فالآية الأولى من سورة النصر تدل على أن المكان هو الحجاز، ثم الآية الثانية تدل على أن النقل الحراري نتيجة قدوم الوفود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الآية الثالثة تدل على أن الاستغفار له علاقة بتولد القصور الحراري، والله أعلم، المعجزة: أن الله عز وجل قد غفر لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ما تقدم من ذنبه وما تأخر لقول الله تعالى "لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا"-الفتح2-، فهذا يدل على أن الله تعالى أيد رسوله بمعجزة بأن أزال تولد القصور الحراري المصاحب لقدوم الوفود إلى عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وأن استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه في الصلاة بعد نزول سورة النصر هو شكر لله عز وجل على تمام النعمة التي أنعمها الله عليه للحديث التالي: عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلَاهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتَصْنَعُ هَذَا، وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا» صحيح مسلم، فاللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم أن تغفر لنا وترحمنا، وأسألك أن تنصرنا والمجاهدين في سبيلك على الروم وعلى جميع أعدائك في جميع الملاحم، فسبحان الله رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

وسوم: العدد 1083