( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيه اسمه وسعى في خرابها)
( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيه اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم )
حديث الجمعة :
من المعلوم أن الله عز وجل تعبَّد عباده المؤمنين بعبادة الصلاة التي هي صلة يومية بينه وبينهم يناجونها خلالها . ونظرا لتكرارها خمس مرات في اليوم وأمر سبحان وتعالى أن تشاد لها مساجد وأحاطها بقدسية وأمر بالعناية بها ، وحذر من كل ما ينال من قدسيتها أو بالصلوات التي تقام فيها .
ولقد ورد ذكر المساجد في عدة آيات من القرآن الكريم في ، وذلك في سياقات مختلفة منها سياق التحذير من الاعتداء عليها سواء بمنع ذكر الله تعالى فيها أو بالسعي في خرابها كما جاء في قوله تعالى : (( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيه اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم )) ، ففي هذه الآية الكريمة الرابعة عشر بعد المائة من سورة البقرة ، توعد الله تعالى المعتدين على حرمة مساجده سواء كان ذلك بمنع ذكره فيها أو كان سعيا في خرابها بالخزي في الدنيا ، وبالعذاب العظيم في الآخرة .
ولقد اختلف المفسرون في سبب نزول هذه الآية الكريمة ، وفي المساجد المقصودة ، وفي من نسب إليهم منع ذكر الله تعالى فيها ، أو السعي في خرابها ، فقال بعضهم هو الملك الآشوري بختنصر ، وقال آخرون هو طيطوس الروماني، وكلاهما خربا المسجد الأقصى ، وقال فريق ثالث هم مشركو مكة الذين منعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخول بيت الله الحرام .وقد يكون من ذكرهم الله تعالى في هذه الآية الكريمة كل هؤلاء ذلك أن بعضهم سعى في خراب المسجد الأقصى كبختنصر وطيطوس ، والبعض الآخر منع ذكر الله في المسجد الحرام وهم مشركو مكة .
ولما كانت العبرة بعموم لفظ كتاب الله عز وجل لا بسبب نزوله ، فإن كل من منع ذكر الله تعالى في مساجده أوسعى في خرابها حيثما وجدت في المعمور إلى قيام الساعة ، فهو مشمول بوعيد الله تعالى، علما بأنه مرت عصور بعد عصر البعثة النبوية تعرضت فيها مساجد الله عز وجل في عدة أماكن للتخريب إما على يد غزاة كانوا يغزون بلاد الإسلام أو على يد جماعات مارقة من الإسلام كما سجلت ذلك كتب التاريخ قديما وحديثا ، خصوصا في فترات الحروب بين المسلمين وأعدائهم أو في فترات الفتن .
و يشمل وعيد الله تعالى كل من يقترف هذا الجرم الشنيع من كفار ومشركين وثنيين أو ومن أهل الكتاب يهود ونصارى أو غيرهم. وإننا اليوم لنرى اليهود الصهاينة يمنعون المسلمين من ذكر الله عز وجل في المسجد الأقصى ، ويسعون في خرابه من خلال تدنيسه باستمرار مع التهديد بهدمه لإقامة هيكلهم المزعوم ، وقد سبق أن أضرموا فيه النار سنة 1969 .
ويشمل وعيد الله تعالى غير هؤلاء ممن لا يرعون حرمة لبيوت الله عز وجل فيمنعون ذكره فيها ، ويسعون في خرابها بأساليب شتى. وقد يقع بعض المحسوبين على الإسلام في هذه البائقة عن عمد وقصد وقد استهوتهم تيارات منحرفة تكن العداء لدين الله عز وجل لكنهم لا يصرحون بذلك بل ينتسبون كذبا إليه ،وهم بمثابة المنافقين الذين كانوا زمن البعثة النبوية والذين بنوا مسجد ضرار، ولهذا قد يحذو منافقو هذا الزمان حذو من كان قبلهم .
مناسبة حديث هذه الجمعة هو تذكير المؤمنين بما حذر منه الله عز وجل من منع لذكره في مساجده أو من سعي في خرابها ، و بما توعد به من يقدم على ذلك متعمدا، وهو خزي في الدنيا وعذاب عظيم في الآخرة ، و يجب الاحتراز الشديد من هاذين الفعلين الشنيعين .
وقد يأخذ منع ذكر الله عز وجل في مساجده أو السعي في خرابها أشكالا وأساليب ملتوية يكون ظاهرها إظهار العناية بها ، وباطنها وراءه نوايا سيئة خبيثة وماكرة، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر تعطيل الأدوار المنوطة بها كما أمر الله تعالى من قبيل التضييق على ما يلقى فيها من خطب ودروس ومواعظ ، أو تكميم أفواه العلماء والخطباء والدعاة ، أو تغييبهم في السجون والمعتقلات ، فضلا عن التجاسر على بيوت الله عز وجل باستباحة قدسيتها وابتذالها بشكل أو بآخر ، وذلك بذرائع واهية تموه على كيد الكائدين من أعداء الإسلام الذين ازداد مكرهم به في هذا الزمان ، ولم يعد خافيا على عموم المسلمين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
اللهم إنا نسألك صيانة بيوتك من المانعين لذكرك فيها ، ومن الساعين في خرابها من أعداء دينك كفارا ومنافقين . اللهم صن المسجد الأقصى من كيد الصهاينة الظالمين ، وصن اللهم كل المساجد في مشارق الأرض ومغاربها .
اللهم كن وليا ونصيرا للمجاهدين من أجل تطهير مسجدك الأقصى من دنس الصهاينة ، وانصرهم عليهم نصرا تعز به دينك ، وتعلي به رايته .
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
وسوم: العدد 1104