وخطبة الجمعة من شعائر الله (ومَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فإنَّها مِن تَقوَى القُلوب)
ومما جرى على ألسنة بعض الغافلين، والغفلة أيسر ما قد يوصفون به، أن أحدهم إذا سمع مقالا أو بيانا أو كلاما لم يعجبه، وأراد تهوينه أو النيل منه، أو من صاحبه؛ قال على سبيل الاستهزاء والاستخفاف: مثل خطبة الجمعة!! (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ)
وحق خطبة الجمعة وخطيبها في حس كل مسلم وقلبه وعقله حقُّ تعظيم وتوقير. ومَثَلُ خطبة الجمعة في مخيال كل مسلم هو من المثل الأعلى. نذكر شعيرة الجمعة وخطيبها وخطبتها ومنبرها وننظر إلى أعلى، ونسبح ونستغفر وندعو. وأكثر ما استشعرت في من اليتم استشعرته في يتم المنابر يغيب عنها فرسانها..!! ولعلكّ ولعلنا أدركنا هذا…حتى بلغ بي الأمر أحيانا أنه يتعذر عليّ أن أصلي تحت منبر يتيم، اختلف عليه بعض من ذكر شوقي…
في زحمة الفرح الذي أعيش كنتُ أهوّم ثم أصحو فأتساءل: أين الأستاذ الداعية الخطيب عصام العطار رحمه الله تعالى في هذه الساعات، يخرج منبر جامعة دمشق من عدة حزنه التي طالت حتى تمادت..
ومن يخلف اليوم الشيخَ أبا زاهد رحمه الله تعالى على منبر الخسروية في حلب فيقول نحو الذي كان يقول..
حاولت أن أستنجد الناس وأن أحركهم، هلموا منابرَكم فأسعفوها فهذه الأيام من أيام الله.. وما أجمل: المحراب في المحراب؟؟ فما آبت أحلامي إلا بخيبة. ننظره خطيبا محككا "يضع الهِناء في موضع النقب" يطير إلى مكان الثغرة فيسده. إيه والله لقد اشتاقت منابر خوران دمشق والغوطة وحمص وحماة وحلب ودير الزور واللاذقية إلى فرسانها ..ولعلهم يطيرون إليها منذ اليوم زرافات ووحدانا…وفي ثقافتنا "الحجر في موضعه قنطار"
اضبطوا نبض الكلمات ثم اسألوا الله الفتح يفتح عليكم بالقول السديد…
لا أشك ولا أشكك أن على بعض منابرنا رجال تقاصروا كما تقاصر الزمان.. ولا أشك أن دعوة الخطباء إلى الإتقان والرصانة ومراعاة المقام من الحق الذي لا مرية فيه..
ولكن كل ذلك لا يسوغ لمسلم ولا لغيره، أن يجعل من خطبة الجمعة مثل السوء، استصغارا واستخفافا…ولا يسمح لأحد أن يغمز هذه الوجوه التي زينتها اللحى، ولا أن يظن أحدهم في نفسه أنه سحبان عصره، فيقع في إثمين: تصغير أمر شعيرة من شعائر الله، ثم الاستكبار على خلق الله. قال "والكبر بَطَرُ الحقَّ وغمطُ الناس" وكان من يمين أمنا عائشة رضي الله عنها "لا والذي جمّل الرجال باللحى والنساء بالشعور"
نضّر الله الوجوه التي جاهدت فنصرت وانتصرت.
وأنتم أيها الناس زنوا كلماتكم. قفوا عند حدود شرع الله، فإن لم تكونوا من أهل شرع الله، فإن من أقل الواجب الاجتماعي أن نألف أدب المجالس فلا نصغّر ولا نحقّر ولا نستخف.. وليلزمنا نداء ربنا (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا).
وسوم: العدد 1106