اللجوء إلى الله
خليل الجبالي
إن الأحداث اليومية التي تمر بالمسلم من تقلبات إيجابية وسلبية ، ومن أحداث تصب نحو تحقيق الهدف من عدمه ، تجعله لابد أن يلجأ إلي العليم الخبير ، الذي بيده مقاليد كل شيئ وهو علي كل شيئ قدير ( لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ ويَقْدِرُ إنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12) سورة الشوري.
وكيف بنا لا نلجأ إلي الله في كل حركاتنا وسكناتنا وهو الركن الشديد الذي إذا استقوى به الضعيف قوي، وإذا استعز به الذليل إعتز، وإذا استنصر المهزوم انتصر.
إن الإستقواء بغير الله مذلة، والبعد عنه ظلمة، والستر من غيره فضيحة ( قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ البَرِّ والْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا ومِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ (64)سورة الأنعام.
ولا شك أن وجود المسلم في بلد يختلط فيه الحابل بالنابل ، وتتشابه عليه الأمور، ويتشتت عقله في مجريات الأحداث، لابد أن يلجأ إلي الله حتي يطمئن قلبه ، فبذكر الله تهدئ النفوس، وتطمئن القلوب (الَذِينَ آمَنُوا وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ (28) سورة الرعد.
فالبعد عن الله مأثم، وعيشة ضنكا، وشتات للعقل، ومضيعة للجهد (ومَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ونَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وكَذَلِكَ اليَوْمَ تُنسَى (126) سورة طه.
والمؤمن لابد أن يحسن الظن بالله ، ويثق أنه ناصره، وأنه حافظه، وأنه حاميه، وأنه سينجيه من كل كرب وسوء، فقد روي أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال: [ قال اللهُ تعالى : أنا عند ظنِّ عبدِي بي إنْ ظنَّ خيرًا فلهُ ، وإنْ ظنَّ شرًّا فلهُ ] المحدث : الألباني ـ المصدر : صحيح الجامع.
إننا نوقن أن المسلمين لا تنقشع عنهم ملمة إلابالتضرع إلي الله، ولا ينصرف عنهم غم إلا بذكر الله،(وذَا النُّونِ إذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إلَهَ إلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ ونَجَّيْنَاهُ مِنَ الغَمِّ وكَذَلِكَ نُنجِي المُؤْمِنِينَ (88) سورة الأنبياء.
إن الحاكم والمحكوم لو أدركوا حقيقة أنفسهم ، ومدي تقربهم إلي الله لراجعوا مواقفهم ، ولوقفوا علي حقيقة واحدة ، أن الله كاشفهم، ومحاسبهم، وسيجزي كل بما قدم ، فليس مع الله يفلح مخادع، وليس مع الله مكان للمدلس ، وليس من الله أجر لغير المخلص ، وليس من الله نظرة إلي المنافق (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ ولا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ ولا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ ولِياً ولا نَصِيراً (123) ومَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ ولا يُظْلَمُونَ نَقِيراً (124)سورة النساء.
فاتقوا الله وأصلحوا بينكم وبين ربكم ، ينصلح حالكم، وأصلحوا ذات بينكم، تنصروا وتجبروا وتؤجروا.