الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
ربيع شكير
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد ورسوله، اختاره لوحيه، وانتخبه لرسالته، وفضله على جميع خلقه، رفع ذكره مع ذكره في الأولى، وجعله الشافع والمشفع في الآخرة، أفضل خلقه نفساً، وخيرهم نسباً وداراً، فصلى الله على نبينا كلما ذكره الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون، وصلى الله عليه في الأولين والآخرين أفضل وأكثر وأزكى ما صلى على أحد من خلقه وزكانا وإياكم بالصلاة عليه أفضل ما زكى أحداً من أمته بصلاته عليه، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته[1].
أما بعد:
فمن الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، الآتي:
الأدب الأول: الصلاة عليه عند ذكره، قال تعالى: «إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴿٥٦﴾»[2].
الأدب الثاني: تعزيره وتوقيره، قال تعالى: «إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴿٨﴾ لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ[3] وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴿٩﴾»[4].
الأدب الثالث: محبته صلى الله عليه وسلم، وتقديم ذلك على محبة الناس أجمعين حتى النفس والولد والوالد.
الأدب الخامس: اقتفاء أثره واتباع هديه والسير على طريقته والحرص على الاقتداء به.
الأدب السادس: تحكيم شرعه، قال تعالى: «فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا[5] مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴿٦٥﴾»[6].
الأدب السابع: الاعتقاد بأنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين.
الأدب الثامن: أن لا يُتقدم بين يديه بأمر ولا نهي؛ يقول ابن القيم: من الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم: أن لا يُتقدم بين يديه بأمر ولا نهي، ولا إذن ولا تصرف حتى يأمر هو ويأذن، كما قال تعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»[7]، وهذا باق إلى يوم القيامة ولم يُنسخ، فالتقدم بين يدي سنته بعد وفاته كالتقدم بين يديه في حياته، ولا فرق بينهما عند كل ذي عقل سليم..
الأدب التاسع: ألا يذكره باسمه فقط، بل لابد من زيادة ذكر النبوة والرسالة لقول الله تعالى:« لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً»[8].
الأدب العاشر: أن لا تُرفع الأصوات فوق صوته فإنه سبب لحبوط الأعمال، قال تعالى:« يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ»[9].
أسأل الله أن يوفقنا جميعاً للأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحمد لله رب العالمين.
[1] -من كلام الإمام الشافعي رحمه الله في الرسالة.
[2] -سورة الأحزاب، الآية: 56.
[3] -قال السعدي: أي: تعظموه وتُجِّلوه، وتقوموا بحقوقه صلى الله عليه وسلم.
[4] -سورة الفتح، الآية: 8-9.
[5] -ضيقاً أو شكا.
[6] -سورة النساء، الآية: 65.
[7] -سورة الحجرات، الآية: 1.
[8] -سورة النور، الآية: 63.
[9] -سورة الحجرات، الآية: 2.