هكذا يكون الربانيون
يحيى بشير حاج يحيى
عندما أطاح أحد الطغاة برفاقه ، و تسلم زمام الحكم بمفرده في أحد الأقطار الإسلامية ، جعل يطوف في البلاد ، و يُمَنّي العباد و جعلت أجهزة دعايته السرية و العلنية تسرب الإشاعات التي يرتاح لها الناس ، عن انفتاحه ، و إعادة النظر فيماأوقعه الرفاق من مظالم ، و كف الأذى الطائفي عن الأكثرية ، و وقف العنت الحزبي والأمني؟! فصدقه بعضهم ، و قيل إنهم حملوه على أكتافهم في مدينة هدمها و ذبح أهلها بعد ذلك ؟!
و لما وصل إلى إحدى المدن الساحلية نهض واحد ممن تزيّا بزي أهل العلم ، و ألقى خطبة عصماء بين يديه ، و كان من جملة ما قال : لا نريد شيئا لهذه المحافظة ، و لكن نسأل الله أن يحفظك و يرعاك ! و كأنه خدع به و بأقواله ؟!
فقال بعضهم : استوزر الرجل ، فكان كما قدّروا ؟!
أما كيف يكون موقف العلماءالربانيين فقد ضرب السلف أروع الأمثلة على مدى التاريخ لمن أراد البراءة لدينه ، و العزة لنفسه و الصيانة لعلمه ، فعن سفيان بن عيينة قال : دخل هشام بن عبد الملك إلى الكعبة ، فإذا هو بسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، فقال له : يا سالم ! سلني حاجتك ، فقال له : إني لأستحيي من الله أن أسأل في بيت الله غير الله ، فلما خرج ، خرج في أثره ، فقال له : الآن قد خرجت فسلني حاجة . فقال له سالم : حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة ؟ فقال : بل من حوائج الدنيا ، فقال له سالم : ما سألت من يملكها ، فكيف أسأل من لا يملكها ؟ّ!
و لله ملك السموات و الأرض ، فلماذا نسأل غيره ؟!