في وداع الحبيب.. رمضان
في وداع الحبيب.. رمضان
رشا السرميطي
أُريقت الدُّموع على السَّواعد
وفاضت ينابيع الحبِّ تُواعد
أيا شهر الإحسان
متى سوف تعود؟
سُكب الهوى حبر جوى
والأسطر أحزنها النَّوى
كُتب الغياب
والرَّحيل قد لا يعقبه إياب
وعلى سجادة الصلاة أنفاس تكابد
أيا مسلك الجنان
نهضتْ الكلمات أحرُفاً منتحبة
وانتثرت علامات الترقيم تشاكيل متعجبة
شُدَّت حناجر الصَّمت على الصُّدور بأملٍ عائدٍ
عُد إلى أحباب الله
هيهات.. ألاَّ يشتاق ظلام النَّفس لسراج نورك؟
في الأمس أتيت ضيفاً عزيزاً
أضأت لنا الليالي وعمَّرت زوايا المساجد
ونحن الظامئون إليك
كم تذمَّر البعض طول حرِّ النَّهار وعطش الثواني
والصائمون جاؤوا إليك بتفاني
تركوا لذَّة الطعام والشَّراب
كبَّلوا الشهوات والرغائب
وانصرفوا في طريق الله معك
صلُّوا وصاموا، واجتهدوا متنافسين على القيام
سبَّحوا وهللَّوا، وأنفق وتصدَّق منهم الكرام
كبَّروا الله بكرة وأصيلاً
وكم تحرَّى ليلة القدر زُمراً كثيراً
واستيقظوا مدبرين خلفهم الناس نياماً
أدُّوا زكاة الفطر وأفرحوا إخوانهم في الله
ماذا نقول للحبيب والحنين يزداد؟
والآن بدا لنا كم كان الوقت قصيراً
حتى انتهى شهر الرَّحمات والرَّحيل صارت مساربه يسيره
حُزمت أمتعة الروح وعلى باب القلب جثى العقل نحيلاً
ما أقسى لحظة الافتراق والوداع يا رمضان عسيراً
أترانا سوف يُمدّ في آجالنا ونلتقيك كما العام مثيلاً؟
أم سوف نبقى لموسم جديد ننتظرك رجاءً
والعمر ليس طويلاً
كما الأشياء الجميلة ننتظر قدومها أمداً بعيداً
لم نزل على عتبات أبواب رحمتك ننتظر كثيراً
أيا شهر الحب والإيمان
ما إن وصلت حتى تذهب سريعاً
بكت العيون على الفراق
وأنهمر الحرف مبللاً الأوراق
كنت ضيفاً عزيزاً حلَّ بعد طول اشتياق
أيا كريما مُلىء بفضائل الأخلاق
خصالهُ الطَّاعات ولا فيها نفاق
ويا عزيزاً طيِّب الأعراق
غاب هلالك والأشهر أنجم لا تشعرنا الضِّياء
مضيت ونحن كما عهدتنا سنظلُّ ننتظر اللِّقاء
ونحلم بالإياب على وقع الليالي النائية
لا حلم بغير انتهاء ولا لحن بلا آخرٍ
سنبقى نعدّ السِّنين في مواعيد دوائر
رمضان ودَّعتنا وقد كُتبت في عداد الأقلام راحل
وهل يستديم الضَّيف عند المضيف حائل
ومساجد الرحمن تذرف دمع غائل
ومعها تشكوا قلَّة العباد السائل
رمضان إنَّا ذاكرون ومتذَّكرون الرسائل
أنضَّيع بعدك كل خير هائل؟
سوف تلقاك وجوهنا بين السُّطور
كما يسطع الكوكب الآفل
في غفلة هاربة لو استرجعنا السِّنين
وليال ذاهبة على أجنحة المشتاقين
ذكريات حملتها فراشات الحنين
وإذا ما تلفتنا من دون قصد لن نجد سوى الخيال
حروف من الجمر ماذا تقول: لقد مرَّ ركب السِّنين الثِّقال
وقد باح تقويمهن الحزين بأن اللِّقاء محض آمال محال
رمضان يا خير الشهور قد توليت عنَّا
كيف لا نبكيك وقد مررت بغتة منَّا
ونحن ما علمنا هل قُبلنا أم طُردنا