هل الرجل الخارج من سورية في هذه الأوقات يعدّ فارا من الزحف؟

هل الرجل الخارج من سورية

في هذه الأوقات يعدّ فارا من الزحف؟

ما تفصيلكم لهذه المسألة -أدامكم الله- ؟ 

الجواب :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما بعد :

أولا- الذي كان مهجَّراً قبل الثورة من سورية لا يعدُّ فارًّا من الزحف ، ولكن يجب عليه أنواع الجهاد الأخرى كالجهاد بالمال والكلمة ونحو ذلك ...

ثانيا- الذي خرج قبل الثورة للبحث عن لقمة العيش وجاءت الثورة وهو خارج سورية ، فلا يعدُّ فارًّا من الزحف،ولكن يجب عليه أنواع الجهاد الأخرى كالجهاد بالمال والكلمة ونحو ذلك ... 

ثالثا-الذي أُرسل من قبل الثوار للخارج لأغراض إعلامية أو عسكرية أو مالية فلا يعدُّ فارًّا من الزحف ... 

رابعاً- الذي دُمِّر بيته وهجِّرَ وليس لأسرته معيل غيره واضطر للذهاب لمكان آخر ولا يستطيع ترك أسرته وهو ينوي العودة والجهاد في سبيل الله متى تيسر له ذلك ،ليس فارًّا من الزحف ....

خامساً- الذي هرب من سورية خوفا من بطش النظام أو خوفا على ماله ونحو ذلك ... وهو قادر على حمل السلاح ويجده ... هو فارٌّ من الزحف بلا ريب ....؛لأن الجهاد فيه خوف ورعب وقتل

قال تعالى:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]

هَلْ تَحْسَبُونَ أَنَّكُمْ تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ قَبْلَ أَنْ تُبْتَلَوا وَتُخْتَبَرُوا كَمَا فُعِلَ بِالذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الأُمَمِ الذِينَ ابْتُلُوا بِالفَقْرِ (البَأَسَاءُ) ، وَبِالأَسْقَامِ وَالأَمْرَاضِ (الضَّرَّاءُ) ، وَخُوِّفُوا وَهُدَّدُوا مِنَ الأَعْدَاءِ (زُلْزِلُوا) ، وَامتُحِنُوا امْتِحَاناً عَظِيماً، وَاشْتَدَّتِ الأُمُورُ بِهِمْ حَتَّى تَسَاءَلَ الرَّسُولُ وَالمُؤْمِنُونَ قَائِلِينَ: مَتَى يَأْتِي نَصْرُ اللهِ.

وَحِينَما تَثْبُتُ القُلُوبُ عَلَى مِثْلِ هذِهِ المِحَنِ المُزَلْزِلَةِ، حِينَئِذٍ تَتِمُّ كَلِمَةُ اللهِ، وَيَجِيءُ نَصْرُهُ الذِي يَدَّخِرُهُ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ عِبَادِهِ الذِينَ يَسْتَيْقِنُونَ أَنْ لاَ نَصْرَ إِلاَّ نَصْرُ اللهِ.أيسر التفاسير لأسعد حومد (ص: 221، بترقيم الشاملة آليا)

والقتال مكروه للنفس قال تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [البقرة: 216]

فالله تعالى بين أَنَّ الجِهَادَ فِيهِ كُرْهٌ وَمَشَقَّةٌ عَلَى الأَنْفُسِ، مِنْ تَحَمُّلِ مَشَقَّةِ السَّفَرِ، إِلَى مَخَاطِرِ الحُرُوبِ وَمَا فِيهَا مِنَ جَرْحٍ وَقَتْلٍ وَأَسْرٍ، وَتَرْكٍ لِلْعِيَالِ، وَتَرْكٍ لِلتِّجَارَةِ وَالصَّنْعَةِ وَالعَمَلِ. . إلخ، وَلكِنْ قَدْ يَكُونُ فِيهِ الخَيْرُ لأَنَّهُ قَدْ يَعْقُبُهُ النَّصْرُ وَالظَّفَرُ بِالأَعْدَاءِ، وَالاستِيلاءُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَبِلاَدِهِمْ. وَقَدْ يُحِبُّ المَرْءُ شَيئاً وَهُوَ شَرٌّ لَهُ، وَمِنْهُ القُعُودُ عَنِ الجِهَادِ، فَقَدْ يَعْقُبُهُ استِيلاءُ الأَعْدَاءِ عَلَى البِلادِ وَالحُكْمِ، وَاللهُ يَعْلَمُ عَوَاقِبَ الأُمُورِ أَكْثَرَ مِمَّا يَعْلَمُها العِبَادُ.أيسر التفاسير لأسعد حومد (ص: 223، بترقيم الشاملة آليا)

سادساً- الذي هرب من سورية ثم زعم أنه انشق عن هذا النظام الفرعوني هو فار من الزحف بلا ريب ... ولا يقبل أي عذرٍ يدَّعيه ... فالذي يجب عليه هو الانشقاق داخل سورية والبقاء فيها ومقاتلة هؤلاء المجرمين وإلا لا فائدة منه ولا من انشقاقه فهو هروب من المعركة لأسباب دنيوية تافهة ..قال تعالى:{ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24]

والجهاد اليوم بلا خلاف فرض عين على كل مسلم عاقل بالغ يعيش داخل سورية سوريا أو غير سوري ...لأنه دفع لهذا العدو الصائل ،قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " وَأَمَّا قِتَالُ الدَّفْعِ فَهُوَ أَشَدُّ أَنْوَاعِ دَفْعِ الصَّائِلِ عَنِ الْحُرْمَةِ وَالدِّينِ فَوَاجِبٌ إجْمَاعًا فَالْعَدُوُّ الصَّائِلُ الَّذِي يُفْسِدُ الدِّينَ وَالدُّنْيَا لَا شَيْءَ أَوْجَبَ بَعْدَ الْإِيمَانِ مِنْ دَفْعِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ شَرْطٌ بَلْ يُدْفَعُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ.وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ ... " .الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/ 538)

أسأل الله تعالى أن يردَّ هؤلاء الذين خرجوا من ساحات القتال بغير حق إلى الحق ردًّا جميلاً وأن يهديهم سواء السبيل الله .

وليعلم الجميع أنه بغير تضحيات جسام بالمال والنفس والممتلكات لن يتحقق النصر على هذا العدو الكافر الذي فاقت جرائمه جرائم العالمين من قبل ...

قال تعالى:{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) } [آل عمران]

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل 

اللهم عجل بهلاك هذا الطاغية الصنم وعصاباته المجرمة 

فإنهم قد طغوا في البلاد 

فاكثروا فيها الفساد

اللهم فصب عليهم سوط عذاب 

إنك لبالمرصاد