بشارة التوفيق للعمل الصالح قبل الموت
وذكرى أم علاء رحمها الله
حسن قاطرجي
قال رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم: "إذا أحبّ الله عبداً عَسَله! قالوا: وما عَسْلُه؟ قال: يوفِّق له عملاً صالحاً بين يدي أجله حتى يرضى عنه مَنْ حوله"، وهو حديث صحيح، رواه بهذا اللفظ الحاكم النيسابوري في المستدرك: 340 عن الصحابي عمرو بن الحَمِق الخُزاعي، وصحّحه ووافقه الذهبي. وبنحوه رواه الإمام أحمد في مسنده (21949) عنه رضي الله عنه بلفظ: "إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله، قيل: وما استعمله؟ قال: يُفتح له عملٌ صالح بين يدي موته حتى يرضى عنه مَنْ حوله"، وله شاهد عن حديث أنس رضي الله عنه – رواه الحاكم (1: 340) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي – بلفظ: "يوفّقه لعمل صالح قبل الموت".
ولمن أراد التوسُّع في معرفة كتب الحديث التي أوردَتْ هذا الحديث فليرجع إلى المسند 36: 280-281 (طبعة مؤسسة الرسالة) فقد توسِّع المخرِّجون بإشراف العلاّمة الشيخ شعيب الأرناؤوط في بيان ذلك.
معنى الحديث وبشارتُه
قال العلاّمة ابن الأثير الجَزَري في "النهاية في غريب الحديث ووالأَثَر" 3: 237: العَسْل طِيب الثناء مأخوذ من العَسَل، يقال: عَسَل الطعام يَعسِلُه: إذا جعل فيه العَسَل. ثم قال رحمه الله: شبّه ما رزقه الله تعالى من العمل الصالح الذي طاب به ذِكْره بين قومه بالعسل الذي يُجعل في الطعام فيَحْلَوْلَى به ويَطيب.
فالحديث يدل على أن الله عز وجل إذا أراد بعبده خيراً يوفقه لعمل صالح بين يدي موته فيرى الناس خيره وحُسْنَ حاله فيطيب ذِكره على ألسنة عارفيه بالثناء عليه والدعاء له.
سبب اختياري للحديث وطِيب ذكر أم علاء رحمها الله
مرّ معي هذا الحديث منذ أسابيع وما كنتُ قرأتُه من قبل! والآن عند إرادتي اختيار حديث للكتابة عنه تكون مرت سنتان كاملتان تماماً على وفاة زوجتي الغالية أم علاء رحمها الله، فاخترت لهذا العدد هذا الحديث لأنني عند قراءتي له كان أول ما هجم على ذهني تذكُّري لها وإحساسي أن الحديث ينطبق عليها لكثرة ما وفقها الله بفضله وكَرَمه إليه من أعمال صالحة بين يدي وفاتها في 7 شعبان 1431 = 19 تموز 2010، فاستبشرتُ لها وتأثرت لذكراها، ودعوتُ: رحمات الله عليها المتتابعة، وشآبيب رضوانِه وغفرانِه على روحها الطاهرة، آمين.