عشرة أسباب تعلمك بر الوالدين
جمال سعد حسن ماضي
1 - لأن الله قرن حقهما بحقه :
قال تعالى: ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ( الإسراء : 23 ، وقال تعالى: ( أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ) لقمان : 14 ، ومن معاني ( قضى ) : خلق ، ومنها أمر ، ولا يجوز أن يكون معناها هاهنا إلا أمر ، لأن الأمر يتصور وجود مخالفته ، ولا يتصور وجود خلاف ما خلق الله ، لأنه الخالق ، هل من خالق غير الله ، فأمر الله سبحانه بعبادته ، وببر الوالدين مقروناً بعبادته ، كما قرن شكرهما بشكره ، ولهذا قرأها ابن مسعود : ووصى ربك , قال أبو بكر بن الأنباري : هذا القضاء ليس من باب الحكم ، إنما هو من باب الأمر والفرض ، وأصل القضاء في اللغة : قطع الشيء بإحكام وإتقان , وقوله : ( وَبِالوَلِدَينِ إِحساناً ) ، هو: البر والإكرام ، قال ابن عباس : لا تنفض ثوبك أمامهما فيصيبها الغبار .
2 - لأن الله أمر بصحبتهما والإحسان إليهما ولو كانا كافرين :
قال تعالى: ( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا (لقمان : 15 , وفي صحيح مسلم عن أسماء بنت أبي بكر الصديق قالت : قدمت عليّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فاستفتيت رسول الله ، قلت : قدمت عليّ أمي وهي راغبة - أي طامعة فيما عندي - أفأصل أمي ؟ قال : ( نعم صلي أمك ) متفق عليه.
3 – لأن برهما مقدم على الجهاد :
عن عبدالله بن عمرو قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد ، فقال: ( أحيّ والداك ؟ ) قال : نعم ، قال: ( ففيهما فجاهد ( متفق عليه ، وعن أنس قال : أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم , فقال : إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه , قال: هل بقي من والديك أحد ؟ قال : أمي ، قال ) : فأبل الله من برّهما ، فإذا فعلت ذلك فأنت حاج ومعتمر ومجاهد ( رواه الطبراني ، ومعنى : ( فأبل الله في برّها ) أي : أحسن فيما بينك وبين الله يبرك إياها.
وفي حديث ابن مسعود قال : قلت : يا رسول الله ، أي العمل أفضل ؟ قال: ( الصلاة على وقتها ) قلت : ثم أي ؟ قال: ( بر الوالدين ؟ (قلت : ثم أي ؟ قال: ( الجهاد في سبيل الله ) متفق عليه .
وعن أبي سعيد الخدري ، قال : هاجر رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هل باليمن أبواك ) , قال : نعم ، قال : ( أأذنا لك ? ) قال: لا ، قال : ( ارجع إلى أبويك فأستأذنهما فإن أذنا لك وإلا فبرهما ) .
وعن ابن عباس ، قال: جاءت امرأة ومعها ابن لها ، وهو يريد الجهاد ، وهي تمنعه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أقم عندهما ، فإن لك من الأجر مثل الذي يريد ) .
وعن عبد الله بن عمرو قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد ، فقال : ( هل من والديك أحد حي ? قال : أمي ، قال : انطلق فبرهما ) , فانطلق يحل الركاب ، فقال : ( إن رضى الرب عز وجل في رضى الوالدين ) .
4 - لأن طاعتهما من موجبات الجنة :
عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم , يقول: ( رغم أنفه ، رغم أنفه ، رغم أنفه ، قيل : من يا رسول الله ؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر، أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة ) رواه مسلم ، وعن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : ( الوالد أوسط أبواب الجنة ، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه ( رواه الترمذي ، وقال : حديث صحيح ، قال القشيري: أوسط أبواب الجنة ، أي : خير أبوابه.
وعن معاوية بن جاهمة أن جاهمة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال : أردت الغزو وجئت أستشيرك ؟ فقال: ( هل لك من أم ؟ ) قال : نعم ، فقال: ( فالزمها فإن الجنة عند رجليها ( رواه أحمد ، ورواه الطبراني في الكبير بلفظ: ( ألك والدان ؟ ) قلت : نعم ، قال: ( الزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما ) .
5 – لأن رضى الله في رضى الوالدين :
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: ( رضى الله في رضى الوالد ، وسخط الله في سخط الوالد ) رواه الترمذي .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( رضا الرب تبارك وتعالى في رضا الوالدين ، وسخط الله تبارك وتعالى في سخط الوالدين ) رواه البزار ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( من أرضى والديه فقد أرضى الله ومن أسخط والديه أسخط الله ) رواه ابن النجار .
6 – لأن برهما سبب مغفرة الذنوب :
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني أصبت ذنباً عظيماً فهل لي من توبة ؟ فقال: ( هل لك من أم ؟ قال : لا ، قال: ( فهل لك من خالة ؟ قال نعم ، قال: ( فبرّها ) رواه الترمذي ، وعن مالك بن عمرو قال : قال رسول الله: ( من أعتق رقبة مسلمة فهي فداؤه من النار، ومن أدرك أحد والديه ثم لم يغفر له فأبعده الله وأسحقه ) رواه أحمد .
7 – لأن برّهما سبب في تفريج الكربات :
ويدل على ذلك قصة الثلاثة الذين انطبقت الصخرة على فم الغار الذي هم فيه فتوسلوا إلى الله بصالح عملهم ، فتوسل أحدهم ببره بوالديه والثاني بكمال العفّة والثالث بتمام الأمانة ، ففرّج الله كربتهم بزوال الصخرة عن فم الغار، والقصة في الصحيحين.
8 – لأن برهما سبب في سعة الرزق وطول العمر وحسن الخاتمة :
عن أنس قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ( من أحبّ أن يبسط الله في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ) متفق عليه ، وعن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من سره أن يمد له في عمره ، ويوسع له في رزقه ، ويدفع عنه ميتة السوء فليتق الله وليصل رحمه ) رواه البزار بإسناد جيد ، وبرّ الوالدين أعلى صلة الرحم ؛ لأنهم أقرب الناس إليك رحماً.
9 – لأن برهما يزيد في العمر :
عن سهل بن معاذ ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من بر والديه طوبى له وزاد الله في عمره ) .
وعن أبي سعيد الخدري ، وأبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( يا بن آدم ، بر والديك ، وصل رحمك ، ييسر لك أمرك ، ويمد لك في عمرك ، وأطع ربك تسمى عاقلاً ، ولا تعصمه تسمى جاهلاً ) .
وعن سلمان ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يزيد في العمر إلا البر ) .
وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أحب أن يمد الله في عمره ، ويزيد في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه ) .
10 – لأن دعوة الوالد على ابنه مستجابة :
ويدل على ذلك قصة جريج العابد الذي دعت عليه أمّه لما ترك إجابة ندائها أن يريه الله وجوه المومسات - أي الزانيات - فاستجاب الله دعاءها ، والقصة في الصحيحين ، وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن : دعوة الوالد على ولده ، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم ) رواه أحمد .
عن عبد الله بن مسعود ، قال : ( ثلاثة لا ترد دعوتهم : الوالد والمظلوم والمسافر ) ، وكان الحسن يقول : ( دعاء الوالدين ينبت المال والولد ) ، وسئل الحسن : ما دعاء الوالد للولد ? قال : ( نجاة ) .
وعن مجاهد : ( ثلاثة لا تحدب دعوتهم عن الله عز وجل : دعوة المظلوم ، ودعوة الوالد لولده ، وشهادة ألا إله إلا الله ) ، وعنه أيضاً : ( دعوة الوالد لا تحجب عن الله عز وجل ) .