حقائق جريئة 3

عبد الرحمن السيد

[email protected]

الحمد لله الذي أنار العقول؛ بفهم الحكمة من كل حدث يمور..

وأرشدنا إلى طريق السلامة؛ بوحي يحيى القلوب ويرشد الحيارى ويثبت المضطربين ويهدئ من روع المرتاعين ويبشر الصابرين ويبعث التفاؤل والحماس إلى كل متشائم ويائس وقانط..

الحمد لله الذي بين لنا الحكمة من الوجود، الحكمة من البقاء في هذه الحياة، الحكمة من الخلق، ألا وهي عبادته وحده جل جلاله بالطريقة التي بينها ووصفها لنا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ..

نتعرض اليوم إلى أمر هام يمر به كل مخلوق من بني البشر ألا وهي تلك الحوادث والصوارف التي تصيبنا ليل نهار؛ فنُصاب بالهموم والغموم التي ننسى معها الهدف، ننسى معها عبادة الله جل جلاله أو على أقل الأحوال ننصرف عن الطريقة المثلى في العبادة..

 هذه الأحداث لابد أن تؤثر على النفس البشرية!!

 لكن الله جل جلاله بين لنا الطريقة المثلى في التعامل مع هذه الأحداث مِن صبر واتزان وهدوء وحلم وكظم للغيظ، وغيره مما أرشدنا إليه الشرع الحنيف، فإذا طبق الإنسان ما أمر الله كان الاستقرار، ولم تكن المصيبة لتجنح بالإنسان عن عبودية ربه ومولاه..

لابد للإنسان أن يعيش حياة هادئة مستقرة

ولا تكمل العبادة إلا مع هذا الهدوء والاستقرار

 وقد يكون المراد إستقرار الروح، واستبشارها بالأحداث وإن كان ظاهرها العذاب أو ظاهرها ألم للجسد.. لكن المؤمن حقا تجده مطمئنا كل الطمأنينة، تأمل معي قولَ بلال رضي الله عنه عندما سأله أهل المدينة بعدما هاجر إليها؛ سألوه قائلين..

 كيف تحملت العذاب الأليم في مكة ؟ فأجاب..

 خلطت مرارة العذاب بحلاوة الإيمان، فطغت حلاوة الإيمان على مرارة العذاب، فلم أعد أشعر بالألم ..

هذه حقيقة الإيمان؛ لذة لا تعدلها لذة، ونعيم يفوق كل نعيم..

هذا هو النعيم الذي يغفل عنه كثير من الناس النعيم المعنوي، وهو من أرقى أنواع النعيم؛ نعيم الروح ولذة الروح وسعادة الروح، نعيم في الدنيا ولابد يعقبه نعيم في الآخرة يقول أحد الحكماء..

 إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة

 تأمل وتدبر.. ما هي تلك الجنة  الدنيوية؟

إنها الأنس بالله والثقة بوعده والأمل فيما عنده جل جلاله..

والآن كيف الوصول إلى هذه الدرجة الراقية من الهدوء في التعامل مع الأحداث ؟

إن ذلك لا يكون إلا بزياد ة إيمانك ..

 فكلما زاد إيمانك كلما هانت عليك هذه التوافه، وكلما زاد إيمانك كلما تضاءلت الهموم والأحزان في نظرك؛ إذ أن بزيادة الإيمان تدرك أن الهم الذي يستحق الحزن هو هم الدين وأن المصيبة الحقة هي المصيبة في الدين وما عداءها  هباء لا قيمة له، لكنك لن تدرك هذه الحقيقة إلا عندما يقوى إيمانك.

والآن كيف يقوى إيماني ؟

بالعمل الصالح؛ فكلما أكثرت من الطاعات كلما زاد إيمانك، وكلما ابتعدت عن الذنوب كلما زاد إيمانك، وتظل في رقي وعلو وسمو حتى تصل إلى ما تريد من هدوء بل سعادة مع كل حدث يقابلك في هذه الحياة ..

والآن ما رأيك أيها الحبيب أن تعيش حياة الهدوء.. حياة الراحة والاستقرار الروحي؛ حتى تحقق معنى العبودية الحقة..

لا شك أن راحة الجسد لها دور كبير في راحة الروح فحاول ذلك، وإن لم تستطع فحاول مع الروح وسوف يكون التوفيق حليفك والثبات أنيسك، وثق أن الله معك يؤيدك وينصرك ويشد من أزرك، فثق بوعده واعلم أن هناك تلازما وتشابكا، فالراحة والسعادة من الله، لكنه لا يعطيها إلا لمن حاول إيجادها، يقول جل جلاله..

{ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم }

ويقول..

{ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين }.

تحياتي إليك أيها المُثابِر..