الرنتيسي في ذكرى استشهاده

طريق الجهاد والاستشهاد

جمال سعد حسن ماضي

[email protected]

 1 -  بالآباتشى

( إن الموت آت لا محالة , وبالأباتشى أو بالسرطان أو بأى شىء آخر , ولكننى أرحب بالموت بالأباتشى ) , هكذا قال الدكتور عبد العزيز الرنتيسى قبل استشهاده وهكذا عاش بهذا المبدأ , ومات بالطريقة التى تمناها , إذ قتل بصاروخ انطلق من طائرة أباتشى أمريكية الصنع , نعم صدق الله فصدقه الله . 

الشهيد عبد العزيز الرنتيسي

2 - و بعد سبعة أعوام

بعد استشهاد أحمد ياسين بخمسة وعشرين يوماً يأتى استشهاد الدكتور الطبيب الشهيد على طريق الجهاد والاستشهاد حيث لم يكن الأمر مستغرباً بعد فشل محاولة اغتياله فى 10 يوليو 2003 , واليوم بعد سبعة أعوام من استشهاده خاب كل ما كان يصبو إليه المحتل , سواء من حرمان حماس من قادتها أو ردع لجنود حماس الأوفياء , بل أصبحت اليوم أكثر وعياً وأغزر فهماً وأصلب عوداً , مما يقوى الأمل فى نفوس الأمة بأن النصر آت رغم أنف الأباتشى

3 - قصة كفاح

إن كل قصة الرنتيسى كفاح وجهاد حتى الاستشهاد , ومواقفه فى التربية والتضحية مع أسرته وإخوانه وزملائه , خير شاهد على ذلك , فكان على موعد مع ما تمناه :

* منذ لجأت أسرته إلى مخيم خان يونس وكان عمره وقتها ستة شهور ثم اضطر إلى العمل ليساهم فى إعالة أسرته . 

* وفى جو الاسكندرية الحنون عاش الرنتيسى عدة سنوات من عمره فى كلية الطب حيث تخرج عام 1972 ونال من نفس الحامعة درجة الماجستير فى طب الأطفال ثم عمل طبيباً فى خان يونس عام 1976 ومحاضراً بالجامعة الإسلامية فى علم الوراثة والطفيليات .

*فى عام 87 شارك فى تأسيس حركة حماس ومن ثم بدأ  سجل الاعتقالات حتى عرف باسم ( رهين المعتقالات ) .

*وفى الرابع من مارس 2004 اختير زعيمًا لحركة حماس فى فلسطين خلفاً للشهيد أحمد ياسين .

4 - وبدأت قصة الاستشهاد

فى ليلة السبت 17 – 4- 2004 الساعة الثامنة والنصف تمكنت طائرات الاحتلال من اغتيال الرنتيسى لتبدأ قصة الاستشهاد لمن أراد أن يسير على خطى المجاهدين .

   *منذ أن قتل اليهود عمه الوحيد وجرحوا طفله ليستولوا على أرضه وداره .

*منذ أن استجاب لأمه فأعطى أخاه المسافر للسعودية حذاءه  الوحيد ورجع حافياً .

 *منذ أن بيعت عيادته بالمزاد وداهموا بيته وحولوه للمحكمة العسكرية .

    *منذ ظلت الملاحقات خاصة بعد دعوته مع الزهار لتأسيس كلية التمريض , ليعلمنا أن طريق الاستشهاد يبدأ من ( الإرادة القوية ) مهما كانت الظروف .

 يقول الرنتيسى فى مذكراته : وانتصرت الإرادة وانكشفت الغمة وبقيت كلية التمريض والحمد لله فى ذلك لله وحده .

وفى ليلة التاسع من ديسمبر 1987 اجتمع هو وقادة حماس ليتخذوا قرارهم التاريخى بإشعال الانتفاضة الأولى ضد المحتل انطلاقاً من المساجد .

لتبدأ رحلة المعتقلات وعندما عوقب بالحبس الانفرادى لمدة ثلاثة شهور يقول الرنتيسى : ( وبدأت رحلتنا مع القرآن , أما أنا فأراجعه بعد أن من الله على بإكمال حفظه من قبل عام 1990 حيث كنت والشيخ ياسين فى زنزانة واحدة فى معتقل كفاريونا. (

 ويروى الدكتور الرنتيسى عن هذه الفترة قائلاً : ( وبدأنا رحلتنا مع الشيخ وقد توليت إطعامه وحمامه وكل شىء من أمور حياته فهو لا بستطيع أن يساعد نفسه حتى فى حك جلده , وقد عكفنا فى هذه الفترة بالذات على إتمام حفظ القرآن وقد وفقنا الله لذلك والحمد لله ) .

 5 - كلمات باقيات

هذه كلمات مما كتب الشهيد من خلال كتاباته وحواراته , لعلها تكون نبراسًا وضياءات لأجيال طريق الشهادة والجهاد :

( لا نتطلع إلى كراسى ولا نتنافس على مناصب فنحن أولاً وأخيراً طلاب شهادة ) .

( فاقض الحياة كما تحب فلا ولن ….  أرض حياة لا تظللها الحراب )

لو رحل الرنتيسى والزهار وهنية ونزار وصيام والجميع فوالله لن نزداد إلا لحمة وحباً , فنحن الذين تعانقت أيادينا فى هذه الحياة الدنيا على الزناد وغداً ستتعانق أرواحنا فى رحاب الله إن شاء الله .

أذكر بكلمة الشيخ ياسين ) : ضربونا فارتفعنا وضربناهم فارتفعنا ) بمواجهتهم وجهادنا ضدهم نرتفع , هم كم سيقتلون منا ؟ هل يمكن إبادة الشعب الذى يلتف حول هذه الحركة ؟ .

6 -  وختاماً

لم تكن اللحظات الأخيرة فى حياة الرنتيسى إلا خطة لشباب الاستشهاد والجهاد فهاهو يأخذ مدخراته من الجامعة الإسلامية ويسدد ما عليه من ديون , ويقتطع مبلغا من المال لزواج ابنه , ثم قال لأسرته : الآن أقابل ربى نظيفاً لا لىّ ولا علىّ , ثم استيقظ واغتسل وتعطر , وأخد ينشد على غير عادته

أن تدخلنى ربى الجنة                     هذا أقصى ما أتمنى

وكان الصاروخان أسرع إلى تنفيد ما تمنى , حيث استقبلت زوجته النبأ بكل قوة وعزيمة وأخذت بالتسبيح والتهليل لترسم لكل زوجة طريق الاستشهاد والجهاد كيف يكون ؟ ففى أول حديث لها بعد استشهاد الرنتيسى قالت :    )إنها لا تقبل التعازى فى زوجها ولكنها تتقبل التهانى لنيله الشهادة التى كان يتمناها ) , مخاطبة إياه : ( هنيئا لك الشهادة أبا محمد   ) وفى جمع من الفلسطينات قالت زوجة الشهيدإنه والله لموقف فخر واعتزاز أقف فيه فى هذا اليوم , فى عرس زوجى , حين يزف إلى 72 حورية من الحور العين أسأل الله العلى القدير أن يهنأ بهن .

 نعم …… هنيئا لك الشهادة أبا محمد