تأملات تربوية في سورة النور ( 2 )
تأملات تربوية في سورة النور ( 2 )
د.عثمان قدري مكانسي
من هذه الأساليب في هذه التأملات
العلاقة مع القيادة :
فالرسول صلى الله عليه وسلم مثال القائد الفذ المعصوم ، وأصحابه الكرام مثال للجندي والمواطن الصالح . فكيف كانت العلاقة بينهم في هذه السورة الكريمة ؟ .
حين نزلت الآية " والذين يرمون المحصنات ، ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ، ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً ، وأولئك هم الفاسقون " شق هذا في بداية الأمر على عاصم بن عديِ الأنصاري ، فقال : جعلني الله فداك ، لو أن رجلاً منا وجد على بطن امرأته رجلاً ، فتكلم ، فأخبر بما جرى جُلِد ثمانين وسماه المسلمون فاسقاً فلا تُقبل شهادته ! فكيف لأحدنا عند ذلك بأربعة شهداء ؟ وإلى أن يلتمس أربعة شهود فقد فرَغ الرجل من حاجته! فقال عليه الصلاة والسلام " كذلك أُنزلتْ يا عاصمُ بن عدي " فخرج عاصم سامعاً مطيعاً فالسمع والطاعة للقائد المؤمن الذي يحكم بأمر الله تعالى .
وحين يكون المسلمون مجتمعين في إمرة القائد لا ينفلتون إلا بإذن منه لحاجة وضرورة ، فإن أذن انطلقوا وإلا فعليهم البقاء سمعاً وطاعة . على أن يكون السماح والمنع مبنيين على تفهم القائد لضرورة الأمر ، وأن يكون أباً رحيماً لهم ، وأخاً عطوفاً عليهم . ووصف الله تعالى الملتزمين الأمرَ بالمؤمنين " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ، وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه ، إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله ، فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فاذن لمن شئت منهم واستغفرلهم الله ، إن الله غفور رحيم " . فالعلاقة بين القائد والجندي والرئيس والمرؤوس متوازنة . فالجندي يحترم قائده ويستأذنه ، والقائد يعطف على جنديّه ويستغفر له .
أما الذين ينسحبون من اللقاء دون أن يشعروا النبي القائد متوارين بإخوانهم رويداً رويداً فقد أتَوْا خطاً جسيماً يستحقون عليه العقوبة . وهنا يأتي التحذير من مغبة هذا التصرف الدالُّ على عدم الشعور بالمسؤولية من مخالفة الأمر ، فلئن غاب عن النبي الكريم خروجهم وتواريهم فلن يغيب عن الله تعالى خطأ تصرفهم " قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذاً ، فليحذر الذين يخالفون عن أمرهم أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " .
كما أن على المسلم أن يتأدب بحضرة قائده المتمثل بهدي النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ، فلا يناديه بصوت عالٍ ، إنما يسعى إليه ويخاطبه بصوت منخفض مسموع ، يدل على احترام وتقدير ، لا على ذل وخنوع " لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً " .
كانوا يصيحون من بعيد ينادون الرسول الكريم : يا أبا القاسم ، فنبههم القرآن إلى تعظيم نبيهم عليه الصلاة والسلام ، فلا يرفعون أصواتهم عنده ، ويشرفونه ، ويفخمونه في رفق ولين وينادونه بقولهم : يا رسول الله .
وقد مُنِع المسلمون في سورة الحجرات أن يرفعوا اصواتهم فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم في حضرته " يا ايها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي " . وأن لا ينادوه بأحمد ومحمد وأبي القاسم ، لابصوت عالٍ ولا صوت خفض، خوفاً من ضياع أعمالهم الصالحة لهذا التصرف الشائن ، ولكن : يا رسول الله ويا نبي الله " ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم بعضاً ان تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون " .
ثم مدح الذين يخاطبون الرسول الكريم بأدب جمّ ولطف زائد وصوت منخفض ووعدهم بالغفران والأجر العظيم :" إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى، لهم مغفرة وأجر عظيم " .
إن العلاقة في الإسلام بين القيادة والأمة قائمة على الحب والاحترام والعطف والود ، ليس فيها طغيان الحاكم على الرعية ، ولا استبداد وظلم وتعالٍ على العباد ، وليس فيها ذل المواطن والخسف به وسلبه ونهبه ! وبمثل هذه الحياة تقوى لحمة الأمة ويعلو شأنها وتسمو مكانتها .
ومن هذه الأساليب التربوية
أدب الزيارة :
الأماكن التي يرتادها الناس ثلاثة :
أولها : بيت الإنسان وسكنه الخاص . فهو يدخله وقت يشاء دون حرج ، ودون استئذان من أحد . إلا أنّ من الأدب إشعار من في داخله –زوجة وولداً وضيفاً- أنه قادم كي لا يفاجأ بدخوله أحد . هذا ما كان يفعله النبي عليه الصلاة والسلام حين يدخل بيته مسلماً على أهله .
أما الدخول على غرف البيت فلا بد من الاستئذان على من في داخلها كي لا تقع العين على عورة . روي أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أأستأذن على أمي ؟ قال : " نعم " قال : ليس لها خادم غيري أأستأذن عليها كلما دخلت؟ . قال " أتحب أن تراها عُريانة؟ " قال : لا . قال : "فاستأذنْ عليها " .
وكان الفاروق عمر رضي الله عنه يتنحنح بصوت عال قبل أن يُسلّم ويدخل ، فالمرأة تحب أن يراها زوجها على أفضل حالاتها .
والاستئذان على أهل البيت في غرفهم في ثلاث أوقات واجب لقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا : ليستأذنكم 1- الذين ملكت أيمانكم ، 2- والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات
1- من قبل صلاة الفجر .
2- وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة .
3- ومن بعد صلاة العشاء .
ثلاث عورات لكم . "
ففي هذه الأوقات الثلاثة يتجرد الإنسان من ثيابه للنوم والراحة . وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث غلاماً من الأنصار إلى عمر رضي الله عنه ظهيرة ليدعوه ، فوجده نائما قد أغلق عليه بابه ، فدق عليه الغلام الباب ودخل ، فاستيقظ عمر وجلس ، فانكشف منه شيء ، فقال عمر : وددت أن الله نهى أبناءنا ونساءنا وخدمنا عن الدخول علينا في هذه الساعات إلا بإذن . ثم انطلق إلى رسول الله ، فوجد هذه الآية قد نزلت ، فخر ساجداً شكراً لله .
فإذا بلغ الأطفال الحلم وجب معاملتهم كغيرهم من الكبار أكانوا غرباء أم من المحارم .
ثانيها : دور الأهل والأصدقاء . فهؤلاء لا يُدخل عليهم إلا بإذنهم . فكيف يكون الاستئذان؟
يُطرق الباب ثلاث مرات ، بين الواحدة والأخرى مقدار ركعة خفيفة كما يذكر الفقهاء ، ليُترك لأهل البيت مجالٌ مريح في الردّ . ولم يكن للبيوت كلها على عهد الرسول الكريم أبواب ، إنما ستائر. يقف القادم قريباً من الباب ، ليس أمامه حتى لا ينكشف عن أهل البيت سترهم ، ويغض بصره ، فقد روى علماؤنا أن الفاروق رضوان الله عليه قال : من ملأ عينيه من قاعة بيت فقد فسق . ورويَ عن سهل بن سعد أن رجلاً اطلع في في جُحر في باب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم مِدْرىً( مشط) يرجّل به رأسه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو أعلم أنك تنظر لطعنتُ به في عينك ، إنما جعل الله الإذن من أجل البصر " . وروى أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لو أن رجلاً اطّلع عليك بغير إذن ، فحذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك من جناح " .
ويسلم بصوت مسموع على أهل الدار ثلاث مرات ، بين الواحدة والأخرى زمن يسير .. هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقد روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الاستئذان ثلاث ، فإن أُذن لك ، وإلا فارجع . " واستأذن رجل من بني عامر على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أألج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخادمه : " اخرج إلى هذا فعلّمه الاستئذان ، فقل له : قل : السلام عليكم ، أأدخل ؟ " فسمعه الرجل ، فقال : السلام عليكم ، أأدخل ؟ فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم ، فدخل . وقد زار الرسولُ الكريمُ سعدَ بن عبادة زعيمَ الخزرج ، فلما وقف بالباب قال : السلام عليكم .
والسلام عليكم سلام المؤمنين.... فإذا دخل الرجل بيتاً فيه غيره قال : السلام عليكم . فليردوا عليه : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
وإذا دخل بيتاً ليس فيه أحد قال : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين .
وإذا دخل المقابر قال : السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، أنتم السابقون ، ونحن إن شاء الله بكم لاحقون .
الفرق بين الاستئذان والأنس
قد يأذن لك أحدهم في الدخول حين تطرق بابه خجلاً منك ، وهو لا يريد في قرارة نفسه أن تدخل بيته ، فقد يكون تعباً يريد النوم أو الراحة ، وقد يكون مشغولاً في أمر لا يحب أن يطّلع عليه أحد ، أو كان يجهز نفسه لموعد ضربه أو لأسباب أخرى ... يدعوك للدخول بلسانه ، وبريق عينيه يظهر عكس ذلك . أما الأنس فشيء آخر . إنه الترحيب الذي تشترك فيه الحواس كلها تدعوك مشتاقة إليك ، راغبة فيك مسرورة بلقائك . فكانت كلمة ( تستأنسوا ) رائعة في التعبير عن دخيلة النفس في الآية الكريمة " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها " أما إذا كان صاحب البيت شجاعاً وقال للزائر : لن أستطيع الآن دعوتك للدخول فارجع . فقد وجب الرجوع دون أية حفيظة تبدو من الزائر أو امتعاض منه ، " وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا " وهنا يظهر أدب الزائر في ردة الفعل ، وحسن تصرفه بالتزامه أدب الإسلام في العودة ، إنْ بعذر ، أو بغير عذر ، وبذلك يروّض نفسه على احترام خصوصية الآخرين . وحسبه جائزةُ الله تعالى " فارجعوا هو أزكى لكم " كما فعل سعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وابو موسى مع عمر .. إنها طهارة النفس من الغضب وردة الفعل السيئة التي قد يمليها الشعور بالإهانة ، فيبادر إلى القطيعة والعداوة ، ويكون الرابح الأول فيها شيطانه الوسواس الخناس .
يقول أحد المهاجرين : لقد طلبت عمري كله هذه الآية ، فما أدركتها ، أن أستأذن على بعض إخواني فيقول لي ارجع فأرجع وأنا منبسط لقوله تعالى " فارجعوا هو أزكى لكم " ولعله عبد الله بن عباس رضي الله عنهما إذ يقول : فيقولون ابن عم رسول الله ، لا نرده .
ومن أدب الاستئذان أن يعَرّف الزائر بنفسه تعريفاً واضحاً ولو ظنّ أن المزور يعرفه . عن أبي ذر قال : خرجت ليلة من الليالي ،فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وحده ، فجعلت أمشي في ظل القمر ، فالتفت فرآني فقال : " من هذا ؟" فقلت : أبو ذر . وقد استأذن جابر على النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فدققت الباب فقال : " من ذا ؟ " فقلت :أنا . فردد النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا أنا؟ "، كأنه كرهها .
ثالثها : الفنادق والأسواق والمؤسسات العامة المشرعة الأبواب لمن يأتيها . فهذه لا يتطلب دخولها الإذن ، ففيها متاع الناس من بيع وشراء وإيواء ومنافع . يدخلها السابلة كلهم إن شاءوا ، متى شاءوا ، مادامت مفتوحة ليلاً أو نهاراً . لكن لا بد من أدب اللقاء من غض للبصر وإعطاء الطريق حقه ، وإلقاء تحية الإسلام ....
ومن هذه الأساليب التربوية كذلك
الآداب اجتماعية :
يحرص الإسلام على تنمية العلاقة الأسْرية بين الأهل والأقارب ، ويحض على التواصل بينهم ليستمر الحب والود ، ولتقوى الأواصر بينهم . فيتزاورون ويتراحمون . يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أبو هريرة : " إن الله خلق الخلق، حتى إذا فَرَغ منهم قامت الرحِم فقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة . قال : نعَمْ ، أما ترضَيْن أن أصل من وصلك ، وأقطع من قطعك؟ قالت : بلى . قال : فذلك لك ". ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقرؤوا إن شئتم : فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم ؟ أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم ، وأعمى أبصارهم " . وهذا نجده في الآية الحادية والستين التي تحث على زيارة بيوت الآباء والأبناء والإخوة والأخوات والأعمام والعمات ، والأخوال والخالات والأصدقاء ، و تناول الطعام عندهم دون حرج ، والمباسطة في التفاعل الإيجابي . ولئن كان المذكور فيها الأكل دون غيره إن الأكل يزيل الكلفة بين الأهل والأصحاب أكثر من غيره ، ويبني جسور التفاهم والتمازج والألفة . ويقرب القلوب والنفوس ويزاوجها . ولا ننسَ ذكر الأهم فالأقل أهمية فهذا منطقي جداً فالإنسان يبدأ من القريب لينتقل إلى البعيد ، ثم يعم الأمر بين الجميع .
ومن هذه الأساليب التربوية :
الإعذار : " من أنذر فقد أعذر " مثل مشهور يوضح أنه ما عاد هناك من عذر، فقد قدم المربي أو المسؤول أو ما في معناهما كل النصح والعون ، ووضح وأرشد ، وبيّنَ وفصّل . فعلى الآخرين أن يتحملوا المسؤولية ، ويكونوا أهلاً للقيام بالواجب الملقى عليهم .... نجد مثال هذا في قوله تعالى في الآية الرابعة والثلاثين " ولقد أنزلنا إليكم آيات مبيِّنات ، ومثلاً من الذين خلََوا من قبلكم ، وموعظة للمتقين " فالله تعالى أنزل إلينا هذا القرآن فيه أدلة وبراهين واضحة لما ينبغي أن نعمله ، فنرضيه سبحانه . وقصّ علينا ما حدث للأمم السابقة حين عصت أمر ربها وكذّبت رسله الكرام . فمن أطاع جوزي خيراً ، ومن عصى عوقب بشر أعماله . فقمن اتقى فقد اتعظ .
ونجده مكرراً بأسلوب قرآني فريد في قوله تعالى في الآية السادسة والأربعين " لقد أنزلنا آيات مبيِّنات ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " حين أخبرنا سبحانه عن بعض صور عظمته في جميل صنعه .وعلى هذا جاءت الآية الأولى مسبوقة بالواوواللام الموطئة للقسم لأن الآيات التي سبقتها كانت حصراً بالمؤمنين وما عليهم أن يفعلوه إذ هو تشريع لهم . وكانت الثانية موضحة نور الله تعالى وبديع صنعه ، ودعوة للإيمان به سبحانه . وأن الهدى هدى الله .
ومن أساليب التربية :
التدرج والخطوات المتتالية :
الشيطان لعنه الله مُربٍّ ، نعمْ هو مُرَبٍّ ، ولكنه شرّير يربي أتباعه على الكفر والفساد ، ويشدهم بالتدرّج إلى المهالك لينكسوا على رؤوسهم في جهنم معه ، ثم يتبرّأ منهم كعادة الخبيثين في كل زمان ومكان . يدّعي الإصلاح ليوقع أصحاب الأهواء في حبائله . يتابعهم خطوة خطوة ويمنّيهم مّرة وراء مّرة ، ويقسم لهم أغلظ الأيمان ليضلهم عن سبيل الله
والله تعالى حذرنا منه ، ومن طريقته فلم يقل لا تتبعوا الشيطان ، إنما قال سبحانه " يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ، ومن يتّبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر " وإليك هذا المثال : فالشيطان لا يأمرك بالزنى مباشرة لأنك ستعرف مقصده وتتعوّذ منه فوراً . وهو يريد ابتداء أن يكسب ثقتك ،
- انظر إلى هذه الفتاة الجميلة .
- أعذ بالله ، إنه الفساد بعينه .
- ولم يا صاحبي ؟
- إن النظرة سهم قاتل من سهامك يا إبليس .
- هل تراني أسدد السهام إلى قلبك؟!
- إن النظرة بريد الزنى ، يشغل القلب ، ويبعده عن الله .
- أنا لا أريد ان تصل إلى هذا صدّقني .
- كيف أصدّقك وأنت تأمرني أن أنظر إليها ، والعين تزني ، وزناها النظر .
- إن الله جميل يحب الجمال ، وأنت رجل مؤمن يزيدك النظر إلى صنع الخالق الجميل إيماناً ، ويزيدك تقوى .
- فانظر إليها يارجل واذكر الله تعالى ... ينظر إبليس إليها ، ويذكر الله مظهراً الخشوع .
- ينظر الفتى إليها فيشدَهُهُ جمالها ، ويذكر الله بقلبه ، ثم بلسانه فقط لأن إبليس يتمثل بها ، ويبدأ بإغوائه .
- ابتسم لها يا رجل .
- أعوذ بالله منك ، كيف ابتسم لها ؟
- كيف تبتسم لها؟ ! أتجهل طريقة الابتسام؟!
- لست أقصد هذا ولكن الابتسامة دعوة لها أن تجاملني . وبدء بحديث .
- أنسيت أن تبسّمك في وجه أخيك صدقة؟
- هي ليست رجلاً ، إنها امرأة ، وقد أتقدم بالابتسامة خطوة أخرى .
- إنها أختك في الله . بل إن تبسمك في وجهها جزء من الدعوة إلى الله تعالى .
- ويبتسم لها . فتبادله الابتسام ويحييه إبليس المتمثل بها بابتسامة عريضة تأسره وتستجِرّ قلبه وعقله .
- أرأيت الحب الأخويّ الطاهر أيها المتزمّت؟ نعم إنه لطاهر حقاً – يقولها مشدوداً إليها راغباً بها ، منعطفاً إليها .
- ألا تسلم عليها أيها الأبله ؟!
- لا أبداً إنما أدعوك إلى شعيرة إسلامية ضاعت منك .
- يا أيها الشيطان تكاد توقعني في حبائلك .
- أنسيت يا رجل قوله تعالى " فسلموا على أنفسكم تحية من الله مباركة طيبة " وهي منكم معشر المسلمين ، ومن أنفسكم .
- يسلم عليها و.. و.. و..
قال شوقي :
نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء
هذه واحدة من خطوات الشيطان ، والقياس واضح بيّن أخي الحبيب .