ترنيمةُ القلبِ الفقير
ترنيمةُ القلبِ الفقير
أنس إبراهيم الدّغيم*
سبحانهُ و تعالى .........
لا تفتأُ وارداتُ عطفهِ تمسحُ بأناملها على القلبِ الفقير .
و في اللّحظةِ التي تضيقُ فيها مساحةُ الأمل الجميل ، تنفلتُ جارياتُ عطفِهِ من
دائرةِ الجودِ الدّائم .
و تَرِدُ من علياءِ جودهِ رَشفاتٌ تنتعشُ بها الجوارحُ و تتندّى بها الأعضاء ،
فيسبّحُ القلبُ شعراً ، قوافيهِ تهليلٌ و ذكر ، و رويُّهُ حمدٌ و شكر ، و بحرُهُ
معراج .
فبينا تجدُ نفسَك مأخوذاً بشواغلِ الحياة و نزعاتِ التّراب ، مأسوراً بالذّنوبِ و
المعاصي ، محفوفاً بالسّيّئات ، وإذا بهاتفٍ رخيمٍ من علياءِ سدرتِه سبحانه يقول
(
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن
رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ
الغَفُورُ الرَّحِيمُ ) .
إنّها مسحةُ العناية الإلهيّةِ على القلبِ الفقير .
يأخذُ اليأسُ بمجامعِ القلبِ ، فإذا أهلّتهُ قطرةٌ من بحرِ حبّهِ سبحانه ، ألفيتَه
يزخرُ بأمواهِ الحياةِ الهانئة و الأملِ الأخضر .
وتظمأُ الرّوحُ ، فإذا ما ذكرتْهُ بالحمد انسابَ في مسالكها ماءُ الحياة ، و
اعشوشبتْ أرضُ القلبِ ، و انبعثتْ قفرةُ الضّميرِ بسائغاتِ النّهَرِ و مائساتِ
الزّهَر .
فكلُّ تسبيحةٍ برعمٌ يتفتّح ، و كلُّ تهليلةٍ نسمةٌ تترنّح .
وكأنّما القلبُ أستاذٌ في مدرسةِ هذا الكون الكبير ، يفسّرُ آياتِ اللهِ للدّنيا
ويشرح .
إنّه إيقاعُ المحبوبِ على أوتارِ القلوب .
فيا أيّها الفقير : سبِّحْ ..... بنجوى القلبِ ......ذاتَ الرّبِّ ...... تُفلِحْ .
* سوريا/ معرّة النعمان / جرجناز