فضل رباط يوم في سبيل الله
فضل رباط يوم في سبيل الله
رضوان سلمان حمدان
ولا يزال الجهاد في غزة قائما والرباط مستديما ولا يزال الإصبع على الزناد متأهبا والشهداء يختارهم الله ويكرمهم.. ونحن بدورنا نواصل تقديم ما نستطيع فكل من مكانه قادر أن يقدِّم شيئا، والرسول عليه السلام سيد المجاهدين يقول لنا: {اتق النار ولو بشِق تمرة} وقال عليه الصلاة والسلام، فيما أخرجه مسلم في صحيحه، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه: "ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي، إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب، يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم أنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون. فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، ومن وجاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل".
هنيئا لكم أهل غزة الفضل من الله
نسأل الله أن ينصركم بالإسلام ويمكِّن للإسلام بكم في الأرض.
"أين نحن (اليوم من فريضة الجهاد في سبيل الله)، لقد قعد غالبنا اليوم عن القيام بهذه الفريضة التي لا حياة لنا بدونها ، بل إن الطامة الكبرى أن نرى كثيرا ممن ينتسبون إلى الإسلام يحاربونها، ويقفون في وجه من يريد القيام بها ، وإن ما عليه غالب المسلمين اليوم من البعد عن الله لأمر يؤسف له ، فحياتهم – في الغالب – حياة جهل وغفلة ومعصية للخالق جل وعلا .
وما نحن عليه اليوم من ترك أعداء الإسلام يقتلون إخواننا المسلمين ، وينتهكون أعراضهم ، ويعذبونهم ، ويخرجونهم من ديارهم ، ويخبرون بيوتهم ، ويرملون نساءهم وييتمون أطفالهم ، ويدنسون مقدساتهم ، لهو تعرض للإثم وترك لفرض عين على كل مسلم في الأرض - كل بما يقدر عليه – لعدم وجود طائفة كافية تقوم بهذه الفريضة ، قياما كافيا ، في شتى أنحاء الأرض ، بل لعدم وجود طائفة تقوم به في بعض أجزاء الأرض دفاعا عن المسلمين ، فضلا عن الجهاد ابتداء ، وقد اتفق علماء الإسلام – استنباطا من نصوص الوحيين - على المسلمين أن يخلصوا المرأة المسلمة ، إذا سباها أعداء الإسلام ، ولو أدخلوها في دار الحرب ، ما داموا قادرين على ذلك .
فقد قال بعض فقهاء الحنفية : " مسلمة سبيت بالمشرق وجب على أهل المغرب تخليصها من الأسر ، ما لم تدخل دار الحرب ، وفي الذخيرة : يجب على من لهم قوة اتِّباعُهم لأخذ ما بأيديهم من النساء والذراري ، وإن دخلوا دار الحرب " حاشية ابن عابدين [ 4/126 ]
وهذه بلدان المسلمين اليوم تتعرض لغزو أعداء الإسلام ، والاعتداء على أهلها وانتهاك أعراضهم ، وسلب أموالهم ، وتخريب مساكنهم ، وإفساد مصالحهم ، ونساؤهم معتقلات مهانات وراء قضبان السجون على مرأى ومسمع من سكان عواصم المسلمين المحيطة بهم من كل جانب ، فلا يتحرك المسلمون لنجدتهن والدفاع عنهن ، وهن لسن في المشرق ولا في المغرب عنا ، بل في قلب وطننا الإسلامي ، وفي أغلى بقاعه !
لا بل إن بعض الطغاة في البلدان الإسلامية يقفون في وجه رجال الجهاد وأطفاله ونسائه الذين حاولوا الدفاع عن أنفسهم ، ويستجيبون لزعماء الكفر في عقد مؤتمرات تدين من يبذل نفسه وأهله وماله لدحر العدو المعتدي ، ويسمون المجاهد إرهابيا ويحاصرونه من داخل بلده وخارجه ، خذلانا له ، ونصرا لعدوه ، بأساليب ماكرة يظنونها تخفى على أولي العقول والألباب !
كما أن أعداء الإسلام من المنتسبين إليه يصدون دعاة الإسلام عن الدعوة الصادقة إلى الله ، ويصدون الناس عن الاستماع لأولئك الدعاة الذين يبلغون دين الله بأمانة ، ويفقهون الناس أن الإله المعبود المطاع الحاكم هو الله ، وأن غيره لا يطاع إلا في دائر طاعة الله ، وأن على المسلمين جميعا أن يحكموا كتاب الله في حياتهم كلها ، لا يقدمون عليها هوى ولا رأيا ولا نظاما ، أيا كان ، كما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون للناس : إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، ومن ظلم الحكام إلى عدل الإسلام ، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها .
هذه الدعوة بهذا المفهوم يطارد أهلها اليوم في كثير من البلدان الإسلامية ، فضلا عن غيرها ، ويحال بينهم وبين الناس ، حتى لا يسمعوها فيستجيبوا لها ، فيلتزموا طاعة الله ، ويخرجوا عن طاعة الطغاة المتألهين عليهم .
وهذا يدل أن أعداء الإسلام في داخل البلدان الإسلامية وخارجها ، يحاربون الجهاد في سبيل الله بمعنييه : الشامل والخاص !" الدكتور عبد الله قادري الأهدل
الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
*عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"
فتح الباري= ( الخيل، المراد بها ما يُتخذ للغزو بأن يقاتل عليه أو يُرتبَط لأجل ذلك؛ لقوله في الحديث الذي رواه أحمد من حديث أسماء بنت يزيد مرفوعا " الخيل في نواصيها الخير معقود إلى يوم القيامة فمن ربطها عدة في سبيل الله وأنفق عليه احتسابا كان شبعها وجوعها وريها وظمؤها وأرواثها وأبوالها فلاحا في موازينه يوم القيامة " الحديث. ووقع عند مسلم من رواية جرير عن حصين " قالوا : بم ذاك يا رسول الله ؟ قال : الأجر والمغنم ". وخص الناصية لرفعة قدرها وكأنه شبهه لظهوره بشيء محسوس معقود على مكان مرتفع، والمراد بالناصية هنا الشعر المسترسل على الجبهة قاله الخطابي وغيره. قالوا : ويحتمل أن يكون كني بالناصية عن جميع ذات الفرس، فتكون الناصية خصت بذلك لكونها المقدم منها إشارة إلى أن الفضل في الإقدام بها على العدو، ويحتمل أن يكون المراد هنا جنس الخيل أي أنها بصدد أن يكون فيها الخير. فأما من ارتبطها لعمل غير صالح فحصول الوزر. قال عياض : في هذا الحديث مع وجيز لفظه من البلاغة والعذوبة ما لا مزيد عليه في الحسن مع الجناس السهل الذي بين الخيل والخير . قال الخطابي : وفيه إشارة إلى أن المال الذي يكتسب باتخاذ الخيل من خير وجوه الأموال وأطيبها والعرب تسمي المال خيرا).
*ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا
وَقَالَ مَالِكٌ يُسْهَمُ لِلْخَيْلِ وَالْبَرَاذِينِ مِنْهَا لِقَوْلِهِ:
{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا}
*قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَ لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفِرَّ إِنَّ هَوَازِنَ كَانُوا قَوْمًا رُمَاةً وَإِنَّا لَمَّا لَقِينَاهُمْ حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ فَانْهَزَمُوا فَأَقْبَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْغَنَائِمِ وَاسْتَقْبَلُونَا بِالسِّهَامِ فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَفِرَّ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّهُ لَعَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِلِجَامِهَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
أَنَا النَّبِيُّ لا كَذِبْ
أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ
*أَنَس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ:
دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنَةِ مِلْحَانَ فَاتَّكَأَ عِنْدَهَا ثُمَّ ضَحِكَ فَقَالَتْ لِمَ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ الأَخْضَرَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَثَلُهُمْ مَثَلُ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مِنْهُمْ ثُمَّ عَادَ فَضَحِكَ فَقَالَتْ لَهُ مِثْلَ أَوْ مِمَّ ذَلِكَ فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَتْ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ أَنْتِ مِنْ الأَوَّلِينَ وَلَسْتِ مِنْ الآخِرِينَ قَالَ قَالَ أَنَسٌ فَتَزَوَّجَتْ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَرَكِبَتْ الْبَحْرَ مَعَ بِنْتِ قَرَظَةَ فَلَمَّا قَفَلَتْ رَكِبَتْ دَابَّتَهَا فَوَقَصَتْ بِهَا فَسَقَطَتْ عَنْهَا فَمَاتَتْ.
حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
* عَائِشَةَ كُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ الْحَدِيثِ قَالَتْ
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ يَخْرُجُ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي فَخَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ.
فتح الباري= وفي حديث ابن عباس عند مسلم " كان يغزو بهن فيداوين الجرحى الحديث ووقع في حديث آخر مرسل أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال " كان النساء يشهدن مع النبي صلى الله عليه وسلم المشاهد ويسقين المقاتلة ويداوين الجرحى " ولأبى داود من طريق حشرج بن زياد عن جدته أنهن خرجن مع النبي صلى الله عليه وسلم في حنين وفيه " أن النبي صلى الله عليه وسلم سألهن عن ذلك فقلن : خرجنا نغزل الشعر ونعين في سبيل الله ونداوي الجرحى ونناول السهام ونسقي السويق ولم أر في شيء من ذلك التصريح بأنهن قاتلن ولأجل ذلك قال ابن المنير : بوب على قتالهن وليس هو في الحديث فإما أن يريد أن إعانتهن للغزاة غزو وإما أن يريد أنهن ما ثبتن لسقي الجرحى ونحو ذلك ألا وهن بصدد أن يدافعن عن أنفسهن وهو الغالب انتهى وقد وقع عند مسلم من وجه آخر عن أنس" أن أم سليم اتخذت خنجرا يوم حنين فقالت: اتخذته إن دنا منى أحد من المشركين بقرت به بطنه".
* أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا تَنْقُزَانِ الْقِرَبَ وَقَالَ غَيْرُهُ تَنْقُلَانِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلَآَنِهَا ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهَا فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ.
حمل النساء القِرَب إلى الناس في الغزو
*ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَسَمَ مُرُوطًا بَيْنَ نِسَاءٍ مِنْ نِسَاءِ الْمَدِينَةِ فَبَقِيَ مِرْطٌ جَيِّدٌ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْطِ هَذَا ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي عِنْدَكَ يُرِيدُونَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ فَقَالَ عُمَرُ أُمُّ سَلِيطٍ أَحَقُّ وَأُمُّ سَلِيطٍ مِنْ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُمَرُ فَإِنَّهَا كَانَتْ تَزْفِرُ لَنَا الْقِرَبَ يَوْمَ أُحُدٍ .
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ تَزْفِرُ تَخِيطُ
ورد النساء الجرحى والقتلى إلى المدينة
*الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْقِي وَنُدَاوِي الْجَرْحَى وَنَرُدُّ الْقَتْلَى إِلَى الْمَدِينَةِ.
*أَبِو مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
رُمِيَ أَبُو عَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ قَالَ انْزِعْ هَذَا السَّهْمَ فَنَزَعْتُهُ فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ.
*عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ:
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهِرَ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَالَ لَيْتَ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِي صَالِحًا يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ إِذْ سَمِعْنَا صَوْتَ سِلاحٍ فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ جِئْتُ لأَحْرُسَكَ وَنَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فتح الباري= وَفِي الْحَدِيثِ الأَخْذُ بِالْحَذَرِ وَالاحْتِرَاسِ مِنْ الْعَدُوِّ وَأَنَّ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَحْرُسُوا سُلْطَانَهُمْ خَشْيَةِ الْقَتْلِ وَفِيهِ الثَّنَاءُ عَلَى مَنْ تَبَرَّعَ بِالْخَيْرِ وَتَسْمِيَتُهُ صَالِحًا وَإِنَّمَا عَانَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ مَعَ قُوَّةٍ تَوَكُّلِهِ لِلاسْتِنَانِ بِهِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ ظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ مَعَ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا اِشْتَدَّ الْبَأْسُ كَانَ أَمَامَ الْكُلِّ وَأَيْضًا فَالتَّوَكُّل لا يُنَافِي تَعَاطِي الأَسْبَابِ لأَنَّ التَّوَكُّلَ عَمَلُ الْقَلْبِ وَهِيَ عَمَلُ الْبَدَنِ وَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلامُ ( وَلَكِنْ لِيَطَمَئِنَّ قَلْبِي ) وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ " اِعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ " قَالَ اِبْن بَطَّال : نُسِخَ ذَلِكَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَائِشَة . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : لَيْسَ فِي الآيَةِ مَا يُنَافِي الْحِرَاسَةَ كَمَا أَنَّ إِعْلامَ اللَّهِ نَصْرَ دِينِهِ وَإِظْهَارَهُ مَا يَمْنَعُ الأَمْرَ بِالْقِتَالِ وَإِعْدَادِ الْعُدَدِ وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ الْعِصْمَةُ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالإِضْلَالِ أَوْ إِزْهَاقِ الرُّوحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
*أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
صَحِبْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَكَانَ يَخْدُمُنِي وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنَسٍ قَالَ جَرِيرٌ إِنِّي رَأَيْتُ الأَنْصَارَ يَصْنَعُونَ شَيْئًا لا أَجِدُ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلا أَكْرَمْتُهُ.
* أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ:
خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ أَخْدُمُهُ فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا وَبَدَا لَهُ أُحُدٌ قَالَ هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا كَتَحْرِيمِ إِبْرَاهِيمَ مَكَّةَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَمُدِّنَا.
*أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُنَا ظِلًّا الَّذِي يَسْتَظِلُّ بِكِسَائِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ صَامُوا فَلَمْ يَعْمَلُوا شَيْئًا وَأَمَّا الَّذِينَ أَفْطَرُوا فَبَعَثُوا الرِّكَابَ وَامْتَهَنُوا وَعَالَجُوا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ.
فتح الباري= وَلَيْسَ الْمُرَاد نَقْص أَجْر الصُّوَّام بَلْ الْمُرَاد أَنَّ الْمُفْطِرِينَ حَصَلَ لَهُمْ أَجْرُ عَمَلِهِمْ وَمِثْلُ أَجْرِ الصُّوَّامِ لِتَعَاطِيهمْ أَشْغَالَهَمْ وَأَشْغَالَ الصُّوَّامِ فَلِذَلِكَ قَالَ " بِالأَجْرِ كُلِّهِ " لِوُجُودِ الصِّفَاتِ الْمُقْتَضِيَةِ لِتَحْصِيلِ الأَجْرِ مِنْهُمْ قَالَ اِبْن أَبِي صُفْرَة : فِيهِ أَنَّ أَجْرَ الْخِدْمَةِ فِي الْغَزْوِ أَعْظَمَ مِنْ أَجْرِ الصِّيَامِ . قُلْت : وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى الْعُمُومِ وَفِيهِ الْحَضُّ عَلَى الْمُعَاوَنَةِ فِي الْجِهَادِ وَعَلَى أَنَّ الْفِطْرَ فِي السَّفَرِ أَوْلَى مِنْ الصِّيَامِ وَأَنَّ الصِّيَامَ فِي السَّفَرِ جَائِز خِلافًا لِمَنْ قَالَ لا يَنْعَقِدُ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ بَيَانُ كَوْنِهِ إِذْ ذَاكَ كَانَ صَوْم فَرْضٍ أَوْ تَطَوُّعٍ.
{يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}
فتح الباري= الرِّبَاطُ مُلازَمَة الْمَكَان الَّذِي بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ لِحِرَاسَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ، عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وقَتَادَةَ ( اِصْبِرُوا ) عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ (وَصَابِرُوا) أَعْدَاءَ اللَّهِ فِي الْجِهَادِ ( وَرَابِطُوا) فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ : اِصْبِرُوا عَلَى الطَّاعَةِ وَصَابِرُوا لانْتِظَارِ الْوَعْدِ وَرَابِطُوا الْعَدُوّ وَاتَّقُوْا اللَّهَ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَعَنْ زَيْد بْن أَسْلَم : اِصْبِرُوا عَلَى الْجِهَادِ وَصَابِرُوا الْعَدُوَّ وَرَابِطُوا الْخَيْل قَالَ اِبْن قُتَيْبَةَ أَصْلُ الرِّبَاطَ أَنْ يَرْبِطَ هَؤُلاءِ خَيْلَهُمْ وَهَؤُلاءِ خَيْلَهُمْ اِسْتِعْدَادًا لِلْقِتَالِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ).
*سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا.