ما أحوج المغاربة إلى الاقتداء بعباسية أبي العباس السبتي
افتتح السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الدروس الحسنية يوم أمس في حضرة أمير المؤمنين بحديث عن منهج أبي العباس السبتي في الدعوة إلى التكافل الاجتماعي من خلال الحث على البذل والإنفاق في سبيل الله .
ومما جاء في حديث السيد الوزير إشارته إلى سنة حميدة معروفة بالعباسية تعني التصدق بأول منتوج أو بباكورته . ولما كان أبو العباس السبتي معروفا بالتصدق في سبيل الله والحث عليه فقد سمي هذا النوع من الصدقة باسمه تقديرا له . والعباسية تصدق بالشيء وهو عزيز محبوب لدى النفس ،لهذا كان باعة الأطعمة عندنا يتصدقون بأول ما يحضرون منها ويسمونه عباسية . ولا زال الناس يذكرون العباسية ، ويسألون عنها بعض باعة الأطعمة خصوصا الذين يصنعون ما يسمى عندنا " السفنج " من باب الدعابة دون أن يدركوا أن العباسية سنة حميدة ذهب أبو العباس السبتي رحمه الله بأجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة . وما أحوج المغاربة إلى إحياء سنة هذا الولي الصالح ،وهو من رجال مدينة مراكش السبعة الذين عرفوا بتصوفهم وحسن ذكرهم . فلو أن كل مغربي اشتهت نفسه ما يحب من الطعام والشراب أجرى عليه حكم العباسية لحاز أفضل ما ينال متصدق لقول الله عز وجل : (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )), ومعلوم أن العباسية مما يحب الإنسان .
وما أكثر العباسيات على موائد رمضان والتي يجدر بنا أن نؤثر بها غيرنا من الفقراء والمحتاجين رغبة في نيل البر الذي وعد به الله عز وجل المنفقين في سبيله . ويقف الفقراء والمحتاجون طيلة شهر الصيام طوابير أمام المحلات التجارية التي تسوق المأكولات والمشروبات راغبين في العباسيات إلا أن ثقافة العباسية أضحت شبه مجهولة عند الكثير منا . وعند التأمل نجد العباسية عبارة عن كبح لجماع النفس وعلاج لداء الأثرة بدواء الإيثار، ذلك أن الإنسان المجبول على حب الذات لا يتنازل لغيره عما يحب لنفسه مع أن تمام وكمال الإيمان إنما يكون بحب الإنسان لغيره ما يحبه لنفسه أما إيثار الغير على النفس فدرجة عالية من الإيمان . والإيثار إنما يكون مع خصاصة لا مع استغناء . وصاحب العباسية يكون أحوج الناس إليها إلا أنه يؤثر غيره بها تقربا إلى الله عز وجل ورغبة في الأجر . ولقد أدرك أبو العباس السبتي نور الله ضريحه في هذا الشهر العظيم درجة الصالحين بعباسيته وكان مستجاب الدعاء، فهلا اتخذه المغاربة إسوة وقدوة ، وأحيوا سنة عباسيته ليشيع فيهم الصلاح ، ولا يرد لهم الدعاء ، وينالوا أجر الدارين، وما نقصت عباسية من مال .