انتشار ظاهرة استخدام الهواتف المحمولة أثناء صلاة التراويح لمتابعة المقرئين

لقد غزت الهواتف المحمولة كل نواحي الحياة ، ولم تستثن من ذلك حتى بيوت الله عز وجل التي وجدت أصلا لعبادة الصلاة والذكر وتلاوة القرآن الكريم وسماع الخطب والمواعظ والدروس . وتعتبر الهواتف المحمولة من الأمور المشوشة كثيرا على بيوت الله عز وجل حتى أنه لا يخلو مسجد من ملصقات عليها عبارات تدعو المصلين إلى إغلاق هواتفهم المحمولة والتي تضج أثناء الصلاة بأنواع مختلفة من الرنين ومن المقاطع الموسيقية الشيء الذي يقلق المصلين ويعصف بالخشوع المطلوب شرعا في الوقوف بين يدي الله عز وجل . وبالرغم من تنبيه الخطباء والأئمة  باستمرار مستعملي الهواتف المحمولة  إلى عدم تشغيلها في المساجد ، وبالرغم من وجود ملصقات منع استعمالها في كل أركان  المساجد، فإن كثيرا من المصلين لا يعيرون اهتماما للمناشدة بعدم تشغيل هواتفهم ، وفيهم من يأخذه السهو فلا يوقف تشغيل هاتفه ، وفيهم من يتعمد تشغيله وكثير ما هم . ومن الظواهر الملاحظة في شهر الصيام  هذه السنة استخدام بعضهم هواتفهم المحمولة في صلاة التراويح لمتابعة المقرئين . وفي تشغيل هذه الهواتف أثناء الصلاة ابتداع غير مسبوق ، وهو أمر لا شك ينقض الخشوع المطلوب في الصلاة لأن مشغل الهاتف في الصلاة مشغول عنها باستعماله الذي يتطلب تحريك أزراره أو لوحته . وقد يرن الهاتف أو يصدح بالمقاطع الموسيقية أثناء استعماله في الصلاة . والمطلوب من المصلين في الصلوات وأثناء القراءة الجهرية كما هو الشأن في صلاة التراويح هو الاستماع والإنصات كما ينص على ذلك النص القرآني بوضوح ، علما بأن الإنصات هو الاستماع مع السكوت . وفي رواية لحديث مشهور يتلى كل جمعة : " من لغى فلا جمعة له ، ومن مس الحصى فقد لغى " فقياسا على مس الحصى يعتبر مس الهواتف المحمولة لغوا خصوصا وأن الأمر يتعلق بالصلاة التي تقتضي الخشوع  .ومن المؤسف أن يبلغ الأمر بتشغيل الهواتف المحمولة في كل أحوال الناس بما فيها حالة الوقوف بين يدي الله عز أثناء الصلاة وجل حد الهوس ، ذلك أن الملاحظ أن الناس في الأماكن العامة والشوارع والإدارات العمومية وعلى متن وسائل النقل العمومي... وفي كل مكان  يشغلون هواتفهم المحمولة ليس للتواصل  صوتيا أو عبر رسائل مكتوبة فحسب بل لممارسة الألعاب واللهو والتندر ، ومتابعة الأخبار والأفلام والتصوير واستعراض الصور .... إلى غير ذلك مما تتيحه تكنولجيا الهواتف المحمولة التي تتطور يوميا في شكل إغراءات . ولقد بات من الضروري أن يتولى المختصون في علم الاجتماع وعلم النفس البحث العلمي الجاد في الآثار السلبية لظاهرة الإدمان على استعمال الهواتف المحمولة التي غدا عددها بعدد شعوب العالم .ومن أخطر الآثار السلبية أن تغزو الهواتف المحمولة المساجد، وأن يتم تشغيلها وتعتبر جزءا من ممارسة عبادة الصلاة بذريعة استعراض القرآن الكريم مع المقرئين أو تعلم تلاوته أو قراءته ، علما بأنه يوجد فرق بين قراءة القرآن الكريم وبين الاستماع والإنصات إليه وهو يتلى، ذلك أن أجر المستمع والمنصت كأجر القارىء لا ينقص من أجره شيئا .وعلى الجهة المسؤولة عن الفتوى الفقهية والمتمثلة في المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية التابعة له أن تبث في ظاهرة تشغيل الهواتف المحمولة أثناء صلاة التراويح عملا باعتبار محدثات الأمور بدعا ضالة مضلة .  وعلى عموم الناس رعاية حرمة المساجد وحرمة عبادة الصلاة التي هي عماد الدين، والتي إذا صلحت صلح سائر العمل وإذا فسدت فسد سائر العمل . ومن فساد الصلاة الانشغال عن خشوعها بتشغيل الهواتف المحمولة.  

وسوم: العدد 623