العبادة .. بين الروح والجسد
لماذا يَفرِضُ الإسلامُ أن تتوازى العبادةُ الرُّوحية بحركاتٍ جَسَدِيّةٍ معيّنة لكلّ عبادة؟ ولا يكتفي بالنشاطِ الرُّوحيّ القلبيّ؟!
الإنسان رُوحٌ سَماويّة لطيفة.. وجَسَدٌ أرضيّ كثيف، ولن تحلو لذائذ الحياة في دُنياهُ التي تقيّده بجسدِه الطينيِّ الأرضي، إلا بامتزاجٍ مُعتدِل بين مُكَوِّنَيْه.
ففي لذة الاتصال بين العُشّاق - مثلاً -، دَعْ عنك مِثاليةَ الحُبِّ العُذْرِيّ الفلسفيةَ الفارغة!
إذْ لا ترتوي الأشواقُ العاطفية - في علاقة العَشِيقَيْن - ولا تهدأ وتستقرّ، إلا بذلك الاتصال الجسديِّ، الذي يُكمِّلُ الاتصالَ الرُّوحيّ ويُتوِّجُه.
كما لا يشعر الإنسانُ بلذّةِ ودِفْءِ علاقته بربِّه - عزّ وجَلّ - وقربِه منه، إلا بترجمةِ خضوعِهِ الرُّوحِيِّ لِخالقِه وبارئِه، إلى حركاتٍ جسدية، يُعبَّر عنها بالأركان الفِعلية للصلاة والحجّ والعُمْرة - مثلاً -، فضلاً عن القولية التي تتطلّبُ تحريكَ اللسان بالذِّكر والترانيم.
ويبلغ حِرصُ الإسلام على الترجمة الجِسمانية لهذا الخضوع الروحيِّ - المُتمثّل في العِبادة -، حَدَّ أنْ لا يُعفيَ العاجِزَ لعِلّةٍ في بَدَنِه، مِن ترجمةِ صَلاتِهِ جَسَدِياً، ولو بإصبع تتحرَّك، أو عَيْنٍ تُومِئ!
وسوم: العدد 644