خاطرة قطبية

الشيخ حسن عبد الحميد

clip_image002_84b97.jpg

قال تعالى :

( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم )

 الإسراء ٩ 

هكذا على وجه الاطلاق ؟؟

 فيمن يهديهم ، وفيما يهديهم ؟؟ 

فيشمل الهدى أقواما وأجيالا ، بلا حدود من زمان أو مكان 

ويشمل مايهديهم إليه كل منهج وكل طريق ، وكل خير يهتدي إليه البشر في كل زمان ومكان 

١ /  ويهدي للتي هي أقوم : 

في عالم الضمير والشعور بالعقيدة الواضحة البسيطة التي لاتعقيد فيها ولا غموض ، والتي تطلق الروح من آثقال الوهم والخرافة ، وتطلق الطاقات البشرية الصالحة للعمل والبناء ، وتربط بين نواميس الفطرة البشرية في تناسق واتساق 

٢ / ويهدي للتي هي أقوم : 

في التنسيق بين ظاهر الإنسان وباطنه ، وبين مشاعره وسلوكه ، وبين عقيدته وعمله ، فإذا هي كلها مشدودة إلى العروة الوثقى التي لا تنفصم ، متطلعة إلى الأعلى وهي مستقرة على الأرض ، وإذا العمل عبادة متى توجه الإنسان به إلى الله ، ولو كان هذا العمل متاعا واستمتاعا بالحياة 

٣ / ويهدي  للتي هي أقوم : 

في عالم العبادة ، بالموزانة بين التكاليف والطاقة ، فلا تشق التكاليف على النفس حتى تمل وتيأس من الوفاء ، ولا تسهل وتترخص حتى تشيع في النفس الرخاوة والاستهتار ، ولا تتجاوز القصد والاعتدال وحدود الاحتمال 

٤ / ويهدي للتي هي آقوم :

في علاقات الناس بعضهم ببعض ، أفرادا وازواجا ، وحكومات وشعوبا ، ودولا واجناسا ، ويقيم هذه العلاقات على الأسس الوطيدة الثابتة التي لا تتأثر بالرأي والهوى ، ولاتميل مع المودة ، ولا تصرفها المصالح والاغراض ، الأسس التي أقامها العليم الخبير لخلقه ، وهو أعلم بمن خلق ، وأعرف بما يصلح لهم في كل أرض وفي كل جيل 

فيهديهم للتي هي أقوم :

في نظام الحكم ،

 ونظام المال ، 

ونظام الاجتماع ، 

ونظام التعامل الدولي اللائق بعالم الإنسان 

٥ / ويهدي للتي هي أقوم : 

في تبني الديانات السماوية جميعها والربط بينها كلها ، وتعظيم مقدساتها وصيانة حرمانها فإذا البشرية كلها بجميع  عقائدها السماوية في سلام ووئام 

فأما الذين لايهتدون بهدي القرآن ؟؟

 فهم متركون لهوى الإنسان 

الإنسان العجول ، الإنسان الجاهل بما ينفعه ومايضره ،المندفع الذي لا يضبط انفعالاته ، ولو كان من ورئها الشر له 

ذلك أنه لايعرف مصائر الأمور وعواقبها ، ولقد يفعل الفعل وهو شر ، ويعجل به على نفسه وهو لا يدري  .. أو يدري ولكنه لايقدر على كبح جماحه وضبط زمامه ،

فأين هذا من هدي القرآن الثابت الهادئ الهادي 

ألا إنهما طريقان مختلفان .. 

شتان شتان بين هدي القرآن 

وهدي الانسان 

والله يعلم وانتم لاتعلمون  ... 

صدق الرب العظيم 

والله أكبر والعزة لله

وسوم: العدد 661