هكذا يينبغي أن يكون أداء الأمانات ، وحفظ العهود ، والوفاء بالوعود .
قال الله تعالى : ( والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ) المؤمنون /8/ .
وفي الحديث ( أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك )
أخرجه الدارمي وأبو داوود والترمذي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، والحديث صحيح لغيره .
ولقد أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة عجيبة عن رجلين من بني اسرائيل - مقرض ومستقرض - والحديث مروي في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه .
خلاصة الحديث : ذهب الرجل المستقرض إلى صاحب مال ، وطلب منه أن يقرضه ألف دينار ليتجر بها ويربح من تجارته وينفق على نفسه وعياله ، فطلب منه صاحب المال شهيدا وكفيلا ، فقال له المستقرض كفى بالله شاهدا وكفيلا ، فأقرضه ألف دينار ، وسافر واتجر وربح ، فلما حان موعد الوفاء للدين التمس مركبا ليعود بالموعد المحدد ، وحالت الأمواج والرياح الشديدة بينه وبين سفينة تقله ، فلما ٱيس جاء بخشبة فنقرها ووضع فيها الدنانير وكتابا يعتذر فيه لصاحبه عن التأخير ، وذكر سبب التأخير ، وطلب من الله تعالى الكفيل والشاهد على الإستقراض للدنانير أن يوصل المال لصاحبه ، وعندما كان صاحب المال على الشاطئ رأى الخشبة فجاء بها حطبا ليستدفئ بها ، ولما نقرها بفأس وإذ بالدنانير الألف وكتابا من صاحبه .
وبعد أيام وجد المستقرض مركبا وعاد ، فجاء إلى المقرض واعتذر له عن تأخره وذكر السبب ، ودفع له الألف دينار ،
ولكن المقرض الأمين ذكر له قصة الخشبة وما فيها وأن الله قد أدى عنه ، وطلب منه أن يأخذ الدنانير التي جاء بها وينصرف راشدا لأن حقه وصله كاملا في الخشبة .
أعلمتم أيها الأحبة الحفاظ على الأمانة كيف تم من قبل الرجلين وكذلك الوفاء بالوعد والعهد ،
وقال أبو هريرة رضي اللله عنه :
فكنا نختلف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما ٱمن من صاحبه : الذي رمى بالخشبة في البحر وهو موقف أن الله لن يضيعه ، أم الذي أخذ المال وكان أمينا ? لأنه كان باستطاعته أن يجحد ويقول ما وصلني شيئ .
ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، ومن يتق الله يجعل له مخرجا .
هكذا أيها الأخوة يربينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال القصص كي نكون أمناء ونرعى العهود ،
ونوفي بالوعود
، ونبتعد عن صفات المنافقين ، ونتصف بصفات المؤمنين الصادقين
واعلم أخي المسلم بان الأمانات كثيرة منها المادية ومنها المعنوية ،
فالمال أمانة والأولاد أمانة والزوجة أمانة والجوارح أمانات والعبادات أمانات وغيرها وغيرها .
أيها المؤمن أنى كان موقعك ، وفي أي مجال كنت ،
وأي نوع من الأمانات تحملت ، فعليك أن تؤديها لأصحابها كاملة غير منقوصة
لتبرهن على صدق إيمانك وإسلامك ، وتتحلى بالأخلاق الفاضلة
، ولتعلم بأن خلق أداء الأمانة يرغبه كل العالم ، وسبب للرقي ومرضاة الله تعالى ،
وحب الخلق للأمين الصادق ( يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ) .
وإياكم والخيانة فإنها بئست البطانة ،
وسبب للفرقة والعداوة وكراهية الناس للخائن ،
وغضب الله عز وجل عليه ،
وإضاعة الأموال وإتلافها وضياعها .
اللهم أعنا على أداء الأمانات ،
والحفاظ على العهود والمواثيق ،
والوفاء بالوعود لترضى عنا يا ربنا .
اللهم ٱمين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وسوم: العدد 670