من يذبح الأخلاق أو يقتلها في مجتمع مسلم ثالث أشقياء الناس بعد أحيمر ثمود وابن ملجم
روى عمار بن ياسر أنه كان مع علي بن أبي طالب رضي الله عنهما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما :" ألا أخبركما بأشقى الناس رجلين ؟ قلنا : بلى قال : أحيمر ثمود الذي عقر الناقة ، والذي يضربك يا علي على هذا ـ يعني قرنه ـ حتى يبل منه هذه ـ يعني لحيته ـ " .وأحيمر ثمود وأشقاها هو الذي عقر ناقة النبي صالح عليه السلام ، وشقي الجهمية عبد الرحمان بن ملجم ، وهو قاتل الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الخليفة الرابع وابن عم الرسول وصهره .ولقد حقت الشقاوة الأبدية على هذين الشقيين نظرا لقبح الجرم الذي ارتكباه في حق ناقة جعلها الله عز وجل آية ومعجزة خص بها نبيه الكريم صالح عليه السلام المبعوث في قوم ثمود ، وفي حق آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم . ونحر الناقة كان إساءة لنبي الله صالح عليه السلام ، كما كان قتل الإمام علي كرم الله وجهه إساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وأحيمر ثمود سن سنة سيئة بجرمه الفظيع ، كما أن ابن ملجم سن سنة سيئة بجرمه الفظيع ، ولهما وزرهما ووزر من عمل بهما إلى يوم القيامة.
ويتبع سنة الشقيين أحيمر ثمود وأحيمر الجهمية في هذا الزمان أحيمر ثالث يعقر الأخلاق التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي امتدحها رب العزة جل جلاله في قوله : (( وإنك لعلى خلق عظيم )). وقد جعل سبحانه وتعالى مصدر هذا الخلق هو القرآن الكريم كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين سئلت عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم . وإذا كان أحيمر ثمود قد مس بالأذى معجزة نبي الله صالح عليه السلام ، فإن عاقر الأخلاق في مجتمعنا قد مس بالأذى معجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي القرآن الكر يم ،كما مس بالأذى آل بيته رضوان الله عليهم . وذبح الأخلاق في المجتمع المسلم يتجلى من خلال الدعوات الوقحة لإباحة ما حرم الله عز وجل ، فأحيمر هذا الزمان أو حمره لأنهم كثر لا يخجلون من المطالبة بشرعنة ما يسمونه الحرية الجنسية أو الرضائية وما يسمونه المثلية ، ويشجعون على ذلك ويتظاهرون في الشوارع والأماكن العامة وأمام مؤسسات الدولة، ويرفعون عقيرتهم لإسماع صوتهم للرأي العام ولمن يهمهم الأمر من المسؤولين على اختلاف مراتبهم بمنتهي الوقاحة . ويحشدون الدعم للرضائية والمثلية على المواقع الإعلامية ، ويستطلعون الآراء فيها ،وينشرون نسب الداعمين والمؤيدين والمتعاطفين ذكورا وإناثا مع ما يطالبون به من فساد خلقي . وعلى غرار عاقري الأخلاق من خلال تسويق وإشاعة الرضائية والمثلية يعقر آخرون الأخلاق بطرق أخرى من خلال تشجيع عري الجسد الأنثوي ،وهو تطبيع مع التجاسر على الحياء، وهو أمر يفضي إلى ضرب القيم الأخلاقية في الصميم ،لأن عري الجسد الأنثوي له دلالات ،وليس بالأمر الاعتباطي . فإذا كان الإسلام يعتبر خروج المرأة متزينة قي لباسها متعطرة كما جاء في الحديث زانية، والعين التي تنظر إليها زانية فما بال زينة العري و هي كشف عما لا يجوز كشفه . وتذبح الأخلاق بطرق شتى من خلال تسويق ما يحسب على الفن ،وما هو في الحقيقة إلا عفن ، لأن الفن يقوم أساسا على تهذيب الطباع وتخليق أصحابها ، وكل محسوب على الفن لا يؤدي وظيفة خلقية فهو محض عفن لذبح الأخلاق. ومن أساليب ذبح الأخلاق أيضا تشجيع الفساد والمفسدين بطريقة أو بأخرى ، والفساد إنما هو نقض للأخلاق ، ذلك أن المفسد لا وازع أخلاقي عنده ،فقد يزور، ويكذب ،و يحتال ،ويراوغ ، ويمكر، ويخادع، ويعد الوعود العرقوبية والشيطانية ، وما يعد الشيطان إلا غرورا وفقرا ،وما يأمر إلا بالفواحش ... وكل ذلك مباح عنده. ولقد أصبحت أدوات ذبح الأخلاق هي مواقع التواصل الإجتماعي على الشبكة العنكبوتية . فكم من بيوت خربت وأسر شتت ،وأعراض هتكت بسبب هذه المدى والسكاكين العاقرة للأخلاق بشكل فظيع . ويحاول عاقرو الأخلاق التمويه على أفعالهم الشنيعة من خلال التظاهر باستهداف الأشخاص، والحقيقة أنهم يستهدفون الأخلاق لأن الأشخاص كذوات بشرية سواء فيما بينهم ،وإنما يختلفون في ما يتحلون به من أخلاق . فالذي يحارب لباس المرأة المسلمة على سبيل المثال لا الحصر لا يستهدفها كأنثى بل يستهدف خلق العفة فيها . والذي يضيق بالمظاهر المادية للتدين بل ويمقتها ويحاربها ، لا يستهدف المتدينين في حد ذاتهم كأشخاص ، وإنما يستهدف دين الخلق العظيم . ومن المؤشرات الدالة على ذبح وقتل القيم الأخلاقية الإسلامية شيوع سب الإله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، وسب الملة والدين، وقذف الأمهات ، والفحش البواح الذي صار لغة العصر التي يتواصل بها الشباب حتى أن إعجاب بعضهم ببعض لا يتأتى لهم إلا إذا وصفوا أو نعتوا أم المعجب به بالفجور ، وصار الفجور مما يفتخر به ويعتز به، فهل يجود ذبح للأخلاق كهذا ؟ ومن علامات ذبح الأخلاق أو قتلها أو شنقها أيضا انعدام الاحترام والتوقير، فلا يحترم عالم لعلمه ، ولا شيخ كبير لكبره وشيخوخته ، ولا فاضل لفضله ، ولا شريف لشرفه حتى صار أكرم الناس موضوع سخرية وتنذر عند لئام الناس، وهم أشقياء الناس كشقاوة أحيمر ثمود وأحيمر الجهمية . ولقد صدق من قال :
وهل يوجد ذهاب للناس مثل ذهاب قوم لا حياء فيهم ولا خلاق لهم ؟ حتى صارت الأنعام أشرف منهم لأنها ظلت على فطرتها لم تتغير بينما تغير الإنسان فنافس الأنعام في أفعالها الفطرية فتبول علنا كما تتبول ، بل ومارس الجنس جهارا نهارا كما تمارسه فصار بذلك أظل منها .
وسوم: العدد 684