قولوا خيراً تغنموا
قد تعجب إذا وجدت قائد جيش ينقلب على ملكه ، وينادي نفسه ملكاً بدلاً منه ، ثم يرسل الملك إليه من يدعوه إلى أن يثوب إلى رشده ، ويأمر من أرسله إليه بأن يلين له في الكلام ، ويتلطف معه ، بدلاً من أن يهدده ويتوعده باعتقاله وزجِّه في السجن ؟!
كيف إذن بطاغية من البشر ، يقول أنا ربكم الأعلى ، ثم يرسل الله له رسولين ويأمرهما بأن يقولا له قولاً ليناً ( اذهبا إلى فرعون إنه طغى . فقولا له قولاً لينا لعله يتذكر أو يخشى ) 43 – 44 طه .
ألا يوجهنا هذا إلى أن نلين في كلامنا لأهلنا وجيراننا وأصدقائنا وزملائنا ؟!
ولقد تأكد الأمر بالقول اللين في أحاديث نبوية عدة منها قوله صلى الله عليه وسلم ( أطبِ الكلام ) صحيح الجامع 1019 ( وإذا قلتم فأحسنوا ) صحيح الجامع 343 ، ويجعل صلى الله عليـه وسلم الكلام الحسن من موجبات المغفرة ( إن موجبات المغفرة بذل السلام وحسن الكلام ) صحيـح الجامع 2232 .
ويجعله صلى الله عليه وسلم من بر الحج ( بر الحج إطعام الطعام وطيب الكلام ) صحيح الجامع 2819 .
وإذا كان إطعام الطعام يكلف مالاً فإن الكلام الحسن لا يكلف شيئاً ، والنبي صلى الله عليه وسلم يوصي بهما معاً ( عليك بحسن الكلام وبذل الطعام ) البخاري .
ويبشر صلى الله عليه وسلم من يقول خيراً بالغنيمة ، والغنيمة تعني كثيراً من كسب الثواب ، ومحبة الآخرين ، واتقاء النزاع ، والعيش في سلام ( قولوا خيراً تغنموا ، واسكتوا عن شر تسلموا ) صحيح الجامع 4419 ( رحم الله امرأً تكلم فغنم وسكت فسلم ) 3492 .
وهكذا إخوتي وأخواتي يرشدنا إسلامنا إلى لين الكلام ، وطيب القـول ، وينهانا عن بذاءة الكلام ، وفحش القول ، لنغنم ونسلم ، ونهنأ في عيشنا وننعم .
فلنتخير ألفاظنا ، ونراقب ألسنتنا ، ونحن نستهدي بحديثه صلى الله عليه وسلم ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت ) متفق عليه .
وسوم: العدد 699