القلب السليم ..
المقصود بالقلب ليس الكتلة الصنوبرية اللحمية ، ونبضات القلب الشريانية التي تعرف بقصور القلب ولها أخصائيون يسمون أطباء أمراض قلبية ، القلب له أذين وبطين وتصب فيه شرايين ، وتنطلق منه شرايين تحمل الدم النقي إلى جميع أنحاء الجسد .
للقلب أمراض لها مختصون يعالجون مايصيب القلب من أمراض نفسية :
فالحقد مرض ، والحسد مرض ، والقلق مرض ، والخوف من المجهول مرض ، هذه الأمراض الخطيرة لها مختصون هم المربون أو شيوخ الطرق المؤدية إلى الله وشرعه المنير .
الحارث المحاسبي أحد أعلام التصوف في القرن الثالث الهجري ، وسمي المحاسبي لأنه كان يحاسب نفسه ، كان في كتابه سبيل المسترشدين طبيب نفساني يعالج أمراض القلوب ، يقول ( خيار هذه الأمة الذين لا تشغلهم آخرتهم عن دنياهم ، ولا دنياهم عن آخرتهم ) ( من أراد أن يذوق طعم معاشرة أهل الجنة فليصحب الفقراء الصادقين )
وقد برع أئمة التصوف في هذا الميدان ، ومن يقرأ كتاب حكم ابن عطاء يجد فيه الكثير من الوصفات الطبية لأمراض القلوب .
لمٰا كنا في دمشق حاضر أستاذنا مصطفى السباعي رحمه الله عن امراض القلوب لمدة أسابيع وكنت سجلت الكثير منها ، وضاعت عندما نهب الموساد مكتبتي في ليلة ظلماء ؟
بعض الشيوخ العظام كالشيخ أبو النصر خلف والشيخ محمد النبهان والشيخ عبد القادر عيسى والشيخ عبد الله سراج الدين والشيخ عدنان سرميني وجهوا جهودهم لعلاج أمراض القلوب :
الشرك ، النفاق ، الرياء ، العجب ، الحسد ، القلق ، الحقد ....
والعلاج الرئيسي لأمراض القلوب هو ذكر الله ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) الرعد ٢٨ ، السلف الصالح كانوا يذكرون الله ويناجونه بالمشروع من العبادات كقيام ليل فتحصل لهم الطمأنية التي ذكرها الحق تبارك اسمه .
وبدون علاج للقلب يعمى !
( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) ٤٦ الحج
والمؤمن دائما مطمئن القلب ، ساكن النفس ، والمشاعر النفسية السائدة عنده هي :
المودة والرحمة والصبر والشكر والحلم والرافة والوداعة والسماحة والقبول والرضى .
والعاشق أعمى ، لذا قالوا : القرد في عين أمه غزال ، فالعاشق لا يرى الدنيا إلا من خلال محبوته
أمر على الديار ديار سلمى
أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار شغفن قلبي
ولكن حب من سكن الديارا
السيدة العظيمة رابعة العدوية تقول مخاطبة رب العزة والجلال :
إذا صح منك الود فالكل هين
وكل الذي فوق تراب تراب
فليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر
وبيني وبين العالمين خراب
يقول إبراهيم بن أدهم ( نحن في لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف )
رابعة لها مسجد في القاهرة يسمى باسمها لجأ إليه المظلومون واعتصموا به فحصدهم رصاص الفجار وماتوا على بسط المسجد وفي الشرفات والميدان ، وكان بطلها مع الآسف من يسمى ( انتبه لاسمه ) محمد أحمد إبراهيم مصطفى ، وغضب عليه السلطان فطرده من كرسي الحكم شر طردة ، وغضب عليه الشعب وسار في مظاهرات ترفع أربع أصابع كرمز لمذبحة رابعة فقتل وأصيب الآلاف تقبلهم الله في الجنان .
أحبتي كما في الطب البشري أخصائي قلبية فنسمع بعملية القلب المفتوح ، وإن بعض الشرايين مسدودة ولهم مشاهير في أنحاء العالم أمثال مجدي يعقوب المصري ومحمد الفقيه السعودي .
هناك أمراض خطيرة تصيب القلوب ( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ) البقرة ٩
كالنفاق والرياء والعجب والحسد لا يعالجها إلا المربون أمثال الشيخ أحمد الحارون الذي اشتكى له الشيخ مصطفى السباعي قلة الوقت لقيام الليل والعبادات فأجاب الحارون إن جهادك في عملك أعظم من جهادي رحمهم الله .
وأمثال الشيخ أبو النصر خلف شيخ الطريق النقشبندية في مدينة حمص وهي طريقة للذكر هادئة لا بدع فيها .
والشيخ محمد النبهان زميل الشيخ أبو النصر وزميل الدكتور الدواليبي ، شيخ الكتاوية في حلب الذي اشترى ملهى المونتانا وكر الفساد في حلب وبنى مكانه جامع الفرقان رحمه ، أغلق حلب ثلاث مرات أحدها عندما هاجم صحفي اسمه أبو شلباية رسول الله صلى الله وسلم فانتفضت حلب ، والثانية عند وفاة الشيخ سعيد الإدلبي شافعي زمانه ، والثالثة عندما هاجم أحد العساكر الإسلام في إحدى المجلات فانتفض الشيخ النبهان وأغلق حلب بكاملها رحمه الله .
وسار على دربهم الشيخ عبد القادر عيسى رحمه الله ، وعبد الله سراج الدين ، وعدنان سرميني رحمهم المولى .
اقرا كتاب حجة الإسلام الغزالي ( إحياء علوم الدين ) تجد فيه المستوصف النفساني ، لذا بالغ البعض فقال ( بيع اللحية واشتر الإحيا )
كتاب عظيم قد تقول فيه أحاديث ضعيفة وأحيانا موضوعة تعقبها الحافظ العراقي وكشفها .
لكن يبقى الإحياء مستوصف الصحة النفسية ، عدا الأسلوب البياني العالي ، يصفه الأديب الطنطاوي بأن الإحياء كتب بلغة عربية عالية أسلوبا .
الشرك مرض خطير من أخطر أمراض القلب !
وماضل قوم كضلال العرب قبل الإسلام لما جعلوا لهم أصنام العزى ومناة ، وملأوا ساحات الحرم المكي بالأصنام ، حطمها عليه الصلاة والسلام يوم دخل مكة فاتحا ، وكان قائد معركة أحد يقول العزى لنا ولا عز لكم فأمر النبي عليه الصلاة والسلام ان يقولوا : ( الله مولانا ولا مولى لكم )
وممن حطم الأصنام سيدنا خالد رضي الله عنه بأمر من النبي عليه السلام ضرب برمحه وهو البطل ضرب العزى فحطمها قائلا : ياعز كفرانك لا غفرانك ، إني رأيت الله قد أهانك .
واليوم تعود إلينا الوثنية بثوب جديد بأصنام وتماثيل لقادة ماصنعوا مجدا ولا حققوا نصرا ، أصنام تكلف الملايين ليقدسها شعب جائع محكوم بالكرباج والبوط العسكري والجزمة !
المسلم شعاره ( الله أكبر ) فلا يقدس عزى جديد ولا مناة عصرية ولا قرمطية !
ربنا لاتؤاخذنا بما فعل السفهاء منا
ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب .
لاتزغ : الزيغ هو الميل عن الهدى والاستقامة والانحراف عن الحق ، ومنه زاغت الشمس أي مالت وانحرفت .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وفرجك ياقدير
وسوم: العدد 710