الغلاظ الشرسون
قال الشيخ المربي محمد الغزالي رحمه الله :
أكره أصحاب الغلظة والشراسة، لو كان أحدهم تاجرا واحتجت إلى سلعة عنده ما ذهبت إلى دكانه، ولو كان موظفا ولي عنده مصلحة ما ذهبت إلى ديوانه، لكن البلية العظمى: أن يكون إمام صلاة، أو خطيب جمعة، أو مشتغلا بالدعوة، إنه يكون فتنة متحركة متجددة يصعب فيها العزاء.
إذا لم يكن الدين خلقا دميثا، ووجها طليقا، وروحا سمحة، وجوارا رحبا، وسيرة جذابة فما يكون؟! وقبل ذلك، إذا لم يكن الدين افتقارا إلى الله، وانكسارا في حضوره الدائم، ورجاء في رحمته الواسعة، وتطلعا إلى أن يعم خيره البلاد والعباد فما يكون؟!
بعض المصلين تحركه لينتظم في الصف فكأنما تحرك جبلا! وبعض الوعاظ يتكلم فكأنه وحده المعصوم والناس من دونه هم الخطاءون!
وهذا شاب حدث يحسب نفسه مبعوث العناية الإلهية لإصلاح البشرية، فهو ينظر إلى الكبار والصغار نظرة مقتحمة جريئة.. إن القلب القاسي، والغرور الغالب هما أدل شيء على غضب الله، والبعد عن صراطه المستقيم.. ومن السهل أن يرتدي الإنسان لباس الطاعات الظاهرة على كيان ملوث، وباطن معيب.
لو أن إنسانا عرف معايبي فسترها عن الناس وقصد بها إلي ليكشف لي أخطائي، ويرجع بي إلى ربي لشكرته ودعوت له! إنه أسدى إلي جميلا، ورحم الله امرءا أهدى إلي عيوبي.
إنني أخاف على نفسي ـ وعلى الناس ـ صياحا فضاحا، يرتقب الغلطة ليثب على صاحبها وثبة الذئب على الشاة، فهو في ظاهره غيور على الحق، وفي باطنه وحش لم تقلِّم التقوى أظافره، ولم يغسل الإيمان عاره ولا أوضاره.
إنه تحت شعار الإسلام يوجه ناس ليس لهم فقه، وليست لديهم تربية، يغترون بقراءات وشقشقات واعتراضات على بعض الأوضاع، ويرون أن الدين كله لديهم، وأن الكفر كله عند معارضيهم، فيستبيحون دماءهم وأموالهم وكراماتهم. ما هذا بإسلام وما يخدم بهذا الأسلوب دين من الأديان.
العلامة الشيخ محمد الغزالي.
بيان أخاذ ينطق بالحكمة الدقيقة رحمك الله أيها المعلم الغيور والعالم الشامخ
وسوم: العدد 714