مِنْ هنا وهناك
♦ دقة الأئمة:
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه "فتح الباري بشرح البخاري" في الكلام على حديث: "الطاعون وخز أعدائكم من الجن":
"تنبيه:
يقع في الألسنة وهو في "النهاية" لابن الأثير تبعًا لغريبَيْ الهروي بلفظ: "وخز إخوانكم" ولم أره بلفظ إخوانكم بعد التتبع الطويل البالغ في شيء من طرق الحديث المسندة، لا في الكتب المشهورة، ولا الأجزاء المنثورة.
وقد عزاه بعضُهم لمسند أحمد، أو الطبراني، أو كتاب الطواعين لابن أبي الدنيا، ولا وجود لذلك في واحدٍ منها، والله أعلم"[1].
واليوم تثبتُ البرامجُ الالكترونيةُ ما قاله الحافظ تمامًا، فرحمه الله ورحم أئمة الإسلام، كم بحثوا وكم تعبوا!
♦ ♦ ♦
♦ موقف نبيل:
حدثنا الأستاذ أسامة مراد - وهو من تلاميذ الأستاذين سعيد الأفغاني وأحمد راتب النفاخ- عن الأستاذ محمود الأرناؤوط أنَّ الأستاذين (الأفغاني والنفاخ) كان بينهما ما يكون بين أولي الصنعة الواحدة، وتزيد ذلك الوشاية من بعض الناس...
وحين حصلتْ للنفاخ المحنةُ المعروفة - وهي اتهامه بقتل زوجة أخيه - اتفق أنْ عاد الأفغاني من السعودية، وأُخبِرَ بذلك فقال حالاً: لا، لا يُمكن للنفاخ أن يفعل هذا.
فقيل له: ولم؟
فقال: لأنّ النفاخ يخشى الله.
وأكبرَ الناسُ موقفه، ودفاعه عن النفاخ، على ما كان بينهما.
♦ ♦ ♦
♦ الثقة بالله:
• حدثني الدكتور قطب عبدالحميد أن الشيخ محمد متولي الشعراوي كان إذا أُوذي بنقلٍ من مكانٍ إلى مكانٍ ما قال: ترسلونني إلى مكانٍ ليس فيه ربنا؟! أي أتظنون ذلك؟ وأنَّ الله ليس معي هناك، ولن يراني ويراكم؟!
♦ ♦ ♦
♦ رحمة الناس:
كان أكثر دعاء العالم المُربِّي الجليل الشيخ عمر البوشي الحلبي (ت: ١٣٩٦):
"اللهم فرّج عن المسلمين، وردَّهم إلى دينهم ردًا جميلًا.
اللهم أرخصْ أقوات المسلمين، واشفِ مرضاهم، وعافِ مبتلاهم، يا أرحمَ الراحمين".
ويدلُّ هذا على ما أودعَ اللهُ قلبَه من الرحمة بالناس.
رحمه الله وجزاه خيرًا.
♦ ♦ ♦
♦ التلطف بأولي البلاء:
• حدّثني الأخ الشيخ محمد بن سعد الشحيمي الباحث في دائرة الشؤون الإسلامية (وهو مِنْ مصر) عن والده وعن الشيخ سلامة أبو المجد -وكانا من أصحاب الشيخ نجم الدين الكردي - أنّ رجلًا جاء إلى الشيخ سلامة العزامي (ت: ١٣٧٦) وكان عنده تلميذُه الشيخ نجم الدين، وكانتْ تنبعثُ من الرجل رائحةُ خمر شديدة فانقبض الشيخُ نجم الدين عنه، ولكن الشيخ سلامة العزّامي أقبلَ عليه وصبّرَ نفسَه له وتلطف به وذكّره بالله، فعجب الشيخُ نجمُ الدين منه! فقال له الشيخ سلامة: ماذا أقول لجدّه يوم القيامة إذا عاتبني فيه؟ وكان للرجل نسبٌ إلى الأشراف...
وبعد أيامٍ سقطَ جدارٌ على ذلك الرجل فماتَ تحت الهَدْم، والهدم شهادة...
فقال الشيخ سلامة للشيخ نجم الدين: أرأيتَ؟ (انظرْ بما ختم اللهُ له، وعسى أن يكون هذا تكفيرًا وتطهيرًا).
♦ ♦ ♦
♦ ابن حزم الأندلسي والفراق:
قال - رحمه الله - يصفُ أثرَ الفراق فيه:
"ما انتفعتُ بعيش.
ولا فارقني الإطراقُ والانغلاقُ مذ ذقتُ طعمَ فراق الأحبة.
وإنه لشجى يعتادُني.
وولوعُ همٍّ ما يَنفك يطرقُني.
ولقد نغَّص تذكُّري ما مضى كلَّ عيشٍ أستأنفُهُ.
وإني لقتيلُ الهمومِ في عداد الأحياء.
ودفينُ الأسى بين أهلِ الدنيا.
واللهُ المحمودُ على كلِّ حالٍ.
لا إله إلا هو".
♦ ♦ ♦
♦ عنوان صارخ:
(القرآن وألفُ عامٍ من القراءة الخاوية)
هذا عنوانٌ وضعه الأستاذ محمد عدنان سالم لأحد فصول كتابه: "نحن والقرآن ومتغيرات عصر المعرفة" الصادر عن دار الفكر بدمشق سنة 2016م.
وهو عنوانٌ صارخٌ جدًّا! وما أظنه يعنيه بدلالته الظاهرة...
♦ ♦ ♦
♦ كلمات ناصحات:
• للأخ الباحث المحقق الفاضل الشيخ الدكتور محمد عيد المنصور الحمصي كلماتٌ ناصحاتٌ.
منها قوله:
يقف على جهاز السير والرياضة ساعتين لكي يخفف من شحومه! ولا يقف بين يدي الله دقيقتين لكي يخفف من ذنوبه!
ومنها:
هناك مَنْ يتباهى برفع الأثقال... ويعجز عن رفع اللحاف عنه لصلاة الفجر.
ومنها:
لا تخبرني عن سرعتك في السِّباق الطويل... أرني ذلك في المسافة بين بيتك والمسجد على صلاة الفجر.
ومنها:
مما تعلمته مِنْ شيخِنا السَّقّا: ليس المهم أنْ أُذْكَرَ... المهم أنْ يسيرَ الركب.
وسوم: العدد 723