فَإِنِّي قَرِيبٌ
قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله، أقريبٌ ربُّنا فنناجيه، أم بعيدٌ فنناديه)؟!.. فنـزلت الآية الكريمة: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة:186).
أولاً: ما الدعاء؟..
الدعاء -بإيجازٍ- هو: طلب العون من الله عزّ وجلّ وحده.
ثانياً: آداب الدعاء
1- إفراد الله عزّ وجلّ بالدعاء، من غير وسيطٍ أو وسائط (وليّ، أو نبيّ، أو قبر، أو حجر، أو..)، فكل أمرٍ من أمور الخَلْق والكون من عند الله عزّ وجلّ:
(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الأنعام:17).
2- امتلاك اليقين، بقدرة الله عزّ وجلّ على إجابة دعائك، فعليك أن تدعو الله وأنت موقن بالإجابة، وموقن بأنه سبحانه وتعالى الوحيد الذي يستطيع إجابتك.
3- تـَخَيـّر الأوقات الشريفة التي يُستجاب فيها الدعاء، مما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الأوقات:
أ- في رمضان: (ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دعوتهم: إمامٌ عادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم) (أحمد).
ب- يوم عرفة: (خير الدعاء.. دعاء عرفة) (الترمذي).
ج- يوم الجمعة: (إنّ في الجمعة ساعة، لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ يسأل اللهَ عز وجل فيها خيراً إلا أعطاه..) (الترمذي).
د- في السَّحَر: (ينـزلُ ربُّنا كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا، حينَ يبقى ثُلُث الليلِ الآخِر، فيقول: مَن يدعوني فأستجيبَ لهُ، مَن يسألُني فأُعطِيَهُ ، مَن يستغفِرني فأغفِرَ لهُ) (البخاري ومسلم).
هـ - بين الأذان والإقامة: (لا يُرَدّ الدعاء بين الأذان والإقامة) (أبو داود والنسائي والترمذي).
و- عند السجود: (أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد) (مسلم).
ز- عند المحن والشدائد: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ) (النمل:62).
4- أن تبدأ الدعاءَ بالثناء على الله عزّ وجلّ، ثم بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. يقول عمر رضي الله عنه: (الدعاء موقوف بين السماء والأرض، لا يصعد إلا بالصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم).
5- تـَجَنّب الدعاء على نفسك أو أهلك أو مالك أو.. (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم..) (مسلم).
ثالثاً: موانع إجابة الدعاء
هناك موانع تَـحُول دون إجابة دعائك فاحذرها، منها:
1- أَكْلُ الحرام.
2- استبطاء الإجابة، والتذمّر من عدم الإجابة الفورية لدعائك.
3- الدعاء بقلبٍ غافلٍ وعقلٍ شاردٍ، أو عدم التيقّن من الإجابة، مع عدم الاكتراث.
وبعد:
فما أعظم الدعاء، وبخاصةٍ في يوم جمعة، وقت السَّحَر أو عند السجود أو بين الأذان والإقامة، أو بعد صلاةٍ مكتوبة، لاسيما في شهر الخيرات: رمضان المبارك.. وإذا علمنا أننا كلنا مضطرّون، ونعيش مع أمّتنا محنةً عظيمةً.. فبذلك تكون قد اجتمعت لنا الأوقات والحالات التي يُستجاب فيها الدعاء!.. فادعوا اللهَ ما شئتم، وألحّوا عليه بالدعاء، فإنه قريب، وخير مجيب!..
حَذارِ من التقاعس عن الدعاء، لاسيما هذه الأيام المباركة، فإنك بذلك تُفَوِّت على نفسكَ خيراً عظيماً لا يُقَدَّر بثمن!.. نسأل الله عزّ وجلّ لنا ولكم الإجابة، وحُسْنَ الختام.. اللهم آمين.
وسوم: العدد 725