تفسير سورة العاديات
الله -جل جلاله- يقسم بجهاد المؤمنين الأوائل وتضحياتهم بأرواحهم لرفع راية الحق علي الأرض علي صفات مَنْ أغارعليهم المسلمون فهؤلاء الناس كندوا ربهم وأهدروا ما رزقهم الله في معاداة المسلمين وأوقعوا عليهم الظلم وابتدءوا العدوان عليهم فحق علي المسلمين في كل أرض وفي كل زمن مجاهدة هؤلاء تأسيا بالمؤمنين الأوائل ,حتي يحين يوم القيامة فيفصل الله فيه بين الحق والباطل فالله خبير بعباده وأحوالهم ومصائرهم.
"والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا *فأثرن به نقعا *فوسطن به جمعا"
يقسم الله جل جلاله بالخيل وهي تعدو فتضبح وتقدح شررالموت نحو جموع القوم لتتوسطهم ،فترعد وتبرق سيوف الفرسان .كأنها خيول النجم في سماء النقع
"إن الإنسان لربه لكنود * وإنه علي ذلك لشهيد *وإنه لحب الخير الشديد"
يقسم الله علي ذلك ؛ جاهلية المشركين التي أتي الإسلام لتحريرالناس منها.
"إن الإنسان لربه لكنود"
أي جَحُودٌ يعرف نعم ربه وينكرها ،فهوكافر بربه يحارب أولياءه بما أوتي من مال
وكنود هنا تشي بليل دامس لاضوء فيه ولاهداية وعذاب لا آخرله و لا بداية.
" وإنه علي ذلك لشهيد"
أي يعلم هذا الكنود حاله علم اليقين يهدر ماله في غضب الله ويشرك معه الشياطين في ذلك.
"وإنه لحب الخير لشديد"
واذا اجتمع الحب بالفناء سمي عدم فهو يحب الدنيا حبا جما وهي إلي الفناء إذا فهذا الحب عدم ودرب من اللاشعور بمعني
الارتباط والتعلق فمادام ارتبط وتعلق بفناء ,فهذا الحب عدم في الأساس لاوجود له واذا احب المرء شيئا ود لو بقي معه للأ
بد لهذا المؤمن يتعلق بما لا يفني أبدا; بالآخرة التي وعده الله فيها الجنة ونعيمها الأبدي
اما الكنود فإنه يتعلق بنهر الحياة الماضي إلي الفناء فيسخط علي الله إن قل الرزق ويستزيد في جمع المال من أي سبيل ليغضب الله .
وهو شاهد علي ذلك فقد كان يفعله بيده ويراه بعينه وينشده بذهنه.
"افلا يعلم إذا بعثرما في القبور وحصل ما في الصدور إن ربهم بهم يومئذ لخبير"
ثم يأتي التهديد والوعيد وإن معني الكلام يفهم من السياق وليست أفلا هنا للاستنكارو دل علي ذلك هول المشاهد
المستطردة بعدها تفصيلا بديعا وانتهاء بالخاتمة المفعمة باليقين والإجلال لصاحب هذا الوجود ؛ رب العرش المجيد في
الدنيا والآخرة.
وهذه المشاهد مصحوبة بهول مختزن في مشهدين ؛
بعثرة القبورفهي فارغة الا من عظم الأولين مدفونا في التراب فيصير كل ما فيها هباء منثورا ، وتحصيل النفوس وما فيها من .خير وشر ثم الفصل بينهما في المصائر, وفي الآية الكريمة اتساق مع مشهد الموت في المعركة في أول السورة والفتح المبين ثم مشهد القيامة حيث فرسان الموت هي من تحصد الأرواح ونقع المعركة غبارالقبور.