حصير المعاني
أُخبئ بوح الماء في فمي، وفوق رضاب الروح يسكننا غزل. أتبختر بالصُبح غير مُبالٍّ، فما حال من يُراقص شمسه بخياله؟ الصدق كالصلاة، فكيف ننوي التكبير ولا نُحسن مبادئ الوضوء؟! هكذا المواسم أودعتنا شفيف الذكريات، فعلام نُدندن بلهجتنا (الحساوية)؟!
يا حصير التــوث
ويا سعفة نغــــم
سفّني المشمــوم
ولرموشـك زهــم
ولا وطه الجوري
علـى نبـرة جغـــم
يطـــربه التجنيــم
وبخـوصك رهـــم
إذا تغنى الأطفال بعواطفهم، تبسمت شفاه الصمت بالحكمة. أعطيناهم القيمة فأسقطتهم الهزيمة. سؤال مُباشر
على مُتسق الحرف يتجلى السؤال، وعلى أثر ماذا تحمر الوجوه!
نعم، لماذا الأغلب من الكتاب، والشعراء، والنقاد، والأدباء وغيرهم يُباهون الجمع بأول نصٍ أظهرهم وعرفهم بالجمهور؟!
في حين لم نر تلك النصوص مُنتشرة إلى الآن بعيوبها السابقة، والتي استدرك بعضها للتنقيح، والأخرى بالتلويح، وأمثالها لم تبرح حبيسة الأدراج، وتصرخ بنسيان الذاكرة!
أتوق لعينٍ بالمجاز يسوقها، وما أعذب الأشعار حين يُناظرها غزل. رسالة لصديقي المسافر..
لكل شيءٍ بدايته، فماذا عساي أن أقول لتلك الطفولة التي عشناها وارتضيناها؟
أأتحدث عن الأحساء وجبل القارة؟
أم أتكلم عن تُميرات النخيل وعين أم خريسان؟
أو أعتصر ذاكرتي من قصر إبراهيم باشا إلى أروقة سوق القيصرية؟
حقيقة يحار الكلام، ويتأرجح الزمام، لتلك الجذور والمصفوفات، وكذلك التفاضل الذي رسم في طريقك الجد والمثابرة.
نعم، لمستقبلك الزاهر، والمُرتجى الفاخر، والعلم المسدد، والعطر المؤيد..
لدعاء أُمٍ رؤوم، وأبٍ حانٍ بقربكم وتفوقكم، يا سلسبيل الرحمة ومُنتهى الحكمة.
طاب اللقاء وطابت العشيرة، وصفوة الذخيرة بالمال والجمال، والصدق والمآل، والدبس والبسبوسة، والكبسة (المتروسة)، والطبخة (المحموسة)، والعطايا المغروسة.
ريحـة طبينة يا العشق غالي بهلها
ما أقسـى قلبي للولف أنسى فضلها
يمّــه رسمني هالعــذق تالي بوريده
وقــــولي يا عقــلي للنخـل أنا أريده
يا مـا حفـرنا بالشبر أجمـل قصيــده
وقرقعنا تالي بالسعف وزينة فريجه
أراني فأراكِ، وأيُّ عشقٍ تنحني لأجله السنابل؟ هكذا أوجعت الدنيا كاهل خطواته، فغدت أصابعه تخط طريق إعجازه بثبات العناية والرعاية..
إيـه توســد واعرف الله يذكــرك
ومــــا عليك الهــم دايـم يقهـرك
ومــن بعد هالحال يمـك ينصـرك
يا طفـــل يتْمــك وأُمــك تنظــرك
خذ يمين الدمع وارسم حاضـرك
وبتحــدي اليــوم تدرك ناظـــرك
على مرأى من الأحباب كانوا، وكل الشوق يسكُننا زمان.. لم تبرح أخْيلة الحاضر تتذكر رحيلك، فما عادت تُلهبه دموع الغياب المفاجئ إلا بالحضور!
وشـذكرك عمــري يا طـول الليـالي
عســاه كفــك يا الأبـو ينذكـــر دوم
معــاد ينسـاني الـوقت بآية غـوالي
وأغصان دهري للرضـا يـزمه زوم
على لون وردةٍ كانت تتنفس العطور! من كتب المديح الكاذب تشدقت على فمه المآرب. أبي: وتسيدت حرم الدعاء كأنني أرى في وجهك الباقي سبيلاً. انصرم العمر، وتلاحقت الذكرى ببهاء حضورك أيها الراحل. أنقش في كف الغرام حكايتي، فيجول من روح الهيام خيالي. معزوفة غزل..
غفت عيني يا خلـي وبلتقي فيك
ورموش شوقي بالرقص جنني
وقل للربع يسهيل مقدر أخاويك
وأطنــاب بيتي للشـعر فاتننــي
وحياة عمري بالعزف آنه أفديك
وأفـــدى عيــونٍ بالسحر قاتلني
رقصة التوت..
شُدي رحيلك واكتبي الآمالا
وذري سُعيفـاتِ تتيـــه دلالا
ولتغرسي ثغري هُنالك شتلة
ترنو النخيل وتعزف الموالا
أطراف الذكرى..
أأحن للحناء في طست (الصفافير)، أم أتوق لجمال أُمٍ كانت (تمُكه) بأناملها، وملفعها الزهري يستدير على أنفاس صباحها كالرحى فوق قطب ضُحاها المزدان (بالربيعي)..
وما عسى الأطفال أن يقولوا (للحجي مدينة)، وكل أياديهم قد خضبتها الحُمرة والنقوش الهجرية بالبهجة؟
أجل، إخال قناديل الفرح تتبعهم من سكة إلى (زرنوقٍ، ودحدرانةٍ، وفوتقٍ، وساباطٍ، وبراحةٍ، وداعوسٍ، وبارقةٍ، وحوشٍ) بالفريج الشمالي بهفوف الأحساء.
نعم، فما زال جدي لأمي المرحوم الحاج: محمد العبد اللطيف يودعني بغصن سدرة النبق من بيت آمنة بالقول الواضح: أروم بنفسي باتقاء محجةٍ فلعل الذي حار مني كان هُنا!
وكل عامٍ وأشهى القُبلات على عبق أرواحكم الطاهرة يا سُفراء المسك والمشموم.
هكذا القلب يُرسل رغيفه فينسج بيت القصيد، فما عسانا أن نقول لفحواه ومحتواه، ونبضه وهواه؟
قف ها هُنا
واسمع نشيدي من أنا
ضاق العنا
فافسح لصدري والمُنى
شاخ الضنا
والأرض صارت سوسنا
أُحب البحر، وما أن أحبني قرع طبول أمواجه: "اشتقت لك حيل يا الغالي". (إذا طاطه الواوي صوتت الصواوي). أيا صُبح قلبي الذي أوسدني بالذكريات، ويا تيه روحي التي ألهبتني للرواة.. سل ذاك وذيك عني فلربما أقوالهم في ثبات! حين يُجدف بنا العُمر على بحر التجارب، تُطاول منا الأيادي لشد أشرعة لهجتنا الحساوية..
جمــــرة غضــا والليـــالي اقصـــار
مــا غير باقـي للربع طبقة رطبهـا
ويا شـمس عمــري والنخيل أعمـار
أمحق صاير هالكرب شعلة حطبها
إذا تهاوى الصمت في عُنق القصيدة، فكيف يكون البوح على لسان الشاعر والمشاعر؟! هكذا انتشت على إثرها جل المعاني، فماذا يقول البوح ساعة الوسن؟
اسرج رؤاك على شفتي
وتخضب في عين الدلال
أتُراك حيــاتي يا سنــدي
فترفق في ماء الوصــال
(ريحة نخل)..
أتنفس الماضي على بوحٍ عتيقٍ قد تسيدته الأمهات فوق ذراع التمر، فأنّى لقطامير الحمل مُناجاة النخيل؟
أوما زالت ترتوي من قُراح العيون؛ أم أن عسجد الكف بان بياضها، وبيان الروح تاق لُجينها على يمِّ الانتظار؟!
أأعتذر للصمت أم أبوح لنبضتي، وما حال ذاك الورد المُسجى فوق أهداب الاحتضار؟ يُضحكنا من يتلذذ باللحم، ويوصي الفقراء بالصبر والرشاد. من فهم نهاره كتب قراره. إذا توحدت المصالح تتابعت الخُطى وكثرت الأعذار والمُبررات. الترفع عن الجاهل خير وسيلة للرد عليه. ناجيت أصلك ففاح الطين مؤتلقاً. من لا يعرف البكاء لا يُجيد التعبير. الفطنة ليست بيتاً للإيجار لتسكُنها الأفواه المرتزقة. من عرف الحُب حار طريق العودة. عنوان الواعي تسخير المساعي. إذا ما أردنا الضحك فلنقلب مرآة كفنا لنرى النتيجة. على ماذا يكون العناد، وقد أودعتنا الدنيا أهدابها؟! كل الأسماء استعارت ملامحي، ونُقاط الحرف أوجدت لهاالطريق! أحن لأُمي وأبي وتراب وطني، وأخي المكفوف الذي يزف إليَّ البشرى. أحساء..
يشتاقك الرمش الذي
لبى نداء النبضة الولهى
كانت قُبلة اشتياقٍ فقط واشتعلت بالحنين. الليل ماضٍ بالأُحجيات، فقل ما شئت واكتب الغزل. على شاطئ عينيك
إليكِ يا شمعة الأشواق الذائبة على ضوء الحنين رسالتي، فأنا والبحر توأم لا يفترق..
فعلى ناصية شاطئه وهدير أمواجه أفرد ِصفحة من بياض نجوم السماء، فأتلو عليها تعويذة حبي لكِ وإليكِ..
حبيبتي:
سأكتب حروفكِ وانقش اسمكِ على رمله، وسأترك شفاهي الذابلة على موجه، وسأعتصر عناقيدكِ اعتصار العنب والرمان في نشوة العشق، واكتفي بالغروب على قوارب الأشواق والآهات ليبقى عطش الماء للماء يتجدد..
أوجعه الفقر، فلاذ يبحث عن الأكل وتناسي الألم! الذكريات الجميلة كالعطر الذي ترشه الأنامل وترتضيه المنازل. قد أضاع الورد، وضل يمتدح السكاكر! أحار على نفسي جُلَّ عُبورها، فأخشى على الفقدان عنوان الرحيل! إذا ما أردت التجاوز لا تقل (أنا عاوز). أيُّ زهرةٍ توفّي حق شعيرةٍ كان نجواها القُبل؟ صباحي جورية مُترفة بحُمرة خدها، فأنّى لنبض الوجد مُجاراة الغزل؟! الوعاء الفارغ لا تُحركه الملاعق. عنوان الكاذب تلوين الرغائب. ولدي: امنحني رقة يدك ساعة اعوجاج ظهري، وليت كل المسافات تُختصر لأراك وتراني سجادة نجاحك. لا تُأرجح الكلام على شفاهٍ ذابلةٍ. ومضة صرير
على وميض ساقيةٍ من المعارف، وفوق نداءٍ أُخرس الهواتف، لماذا نكتب ويكتبون؟!
ألتوثيق الحدث؟
أم لزركشة الترف؟
أجل، حقيقة أعمارنا بُرهة زمنية، ومعانٍ سرمدية، فماذا عسانا أن نقول حين تُسجينا المقابر، وتُرهقنا النواظر؟
أفي الإعجاب يُسيرنا الحديث، أم بالدعاء ينقشنا الشريف؟
نعم، طاب كلامك، وزهى كلامك بين من نزف قلبه، ودهته ردهات الطريق.
من عرف الحُب شيد أعمدة التواصل. أعمارنا قصيرة، فما حالنا ساعة توغلنا لاستحضار الذكريات؟! أأميل لنزار أم للمنفلوطي، فيجيبني جُبران: لا تنساني يا ولدي. أنفاس القدح
أأروم لأنفاس القدح كيما أثمل لآخر قطرة فوق حافته؛ أم أن نسياني هو من أشعل فتيل الاشتياق؟!
.. أنا لا أعلم من الضمير الغائب هُنا، ولا أعرف شهقة الحاء هُناك.. عدا قُبلة كان يضمها الظمأ، ويلتحف نجواها الصهيل!
لا شيء يستوجب النُكران، ما دُمتِ أنتِ ونبضكِ أنا. شممت هواها، فجذبني طين فحواها الحنين! الدمعة الصادقة: هي همزة وصلٍّ بين ما يُكنه القلب ويتلوه الضمير. ساعة سمر..
هو: كصيادٍ قد أضاع صوت الأشرعة، وظلت تُطارده سواحل الاشتياق!
هي: كوردٍ مُتوجسٍ من تعداد الأنامل، ولم يبرح شذاها يُطرق طريق العودة!
ومضة سحر..
لا تُكثر النجوى وثغرك كالحصير..
فات العتاب..
طال السراب..
وجُنح الظلام قد حل!
أوما ترى ذاك المصير، أم حان اصطفافك بالهجير؟!
قل ما تشاء، فالكل منا في رحيل!
الورد بُستان الشاعر وقصيد المشاعر. أُهدهدها على موجة الأشواق دوماً، فتُغطيني كطفلٍ فطيم! إذا خلا النص من العيوب، ماذا تبقى للقارئ والناقد. مذ أن أفلت الشمس، رحت أزرع اسمك في بساتين وجداني. هُزيني كفنجانٍ فارغٍ، واسكبي قهوتي على شفاهي، ليطربني عذب الكلام. الصُبح أُغنية العصافير والبلابل، وأيُّ حديثٍ يرويه لنا شيخ الرواة؟ كيف للشمس أن تُشرق، ومياسم أزهاري بالصمت تتحسر؟! جمال الجيرة تُكسبك العشيرة. لا تخف وفي الماء سلوة ونماء. تقاسمت ابتسامتي على ضفافك، فعلام غنت لي كل العنادل؟! العُمر ماضٍ بحبائله، والليل ساجٍ بجلائله، والصُبح آت على شَفَة الشروق. من لا يعرف الورد لا يدعي اسمه في كل الهدايا. لا أود أن أقول لكِ: "مساء الخير"!
فمتى افترقنا، حتى أجدد لكِ التحية؟!
العين مرآة السلوك، وأيُّ قولٍ يجبر الخواطر؟ هزمته تجاعيد وجهه المُرهق، ولم يتسع قلبه إلا لنفخة السيجار! لا تُعر وجه القمر ظهرك وفي فمك تمتمة. لا تُفش في جسدٍ نحيلٍ عن لحظةٍ تائهةٍ..
أفي الليل يسكنون، أم في الظلام يتسامرون؟!
أجل، لا تُشتت لحظة الاشتياق، وفي النهر قُبلة حارت طريق الجبين..
على مُسناة أعمارنا هنالك حكاية لم تنته فصولها، ما دمنا نعيش على ظهراني التراب!
الرواية عند كل من يتسابق مع الصفوف الأمامية لأداء صلاة الجماعة، ويتجاهل من أوجده الله للحياة والرعاية.
فالأب هو البداية، والأم هي النهاية، ولا نكران لمقام الأم السامي، والتي فضلها الخالق سبحانه وتعالى بالصُحبة ثلاثاً دون سواها.
لذا، اعبدوا الله من حيث أتيتم لا كما عرفتم من حفظ الأموال وادعاء الخصال.
لا تُيمم صلاتك بأي قبلةٍ، فوضوء الشاعر يستنطق المشاعر. ترفق يا سموم الوقت فينا، فالعين باتت ترقب الاشتياق. أهل الفن أكثر إنسانية من غيرهم. ثمانية x )5)
قالوا أصحاب السيرة والمسيرة يرتكز الإبداع على خمسة:
1/ الخيال.
2/ الجهد/ المداومة.
3/ عدم التسويف.
4/ عدم الالتفات إلى الخلف/ التثبيط.
5/ معرفة الورد جعل الشوك يحرسه.
وهذه الوقفات الخمس تُثير عدة من التساؤلات التي لا بد لنا أن ندونها أمام أعيننا:
1/ ما هي الأهداف التي رسمناها؟
2/ ما هي الإنجازات التي حققناها؟
3/ على ماذا نتكئ في حياتنا؟
4/ ما هي المقومات التي نرتكز عليها في معاملاتنا؟
5/ هل نحن من هواة ما أكثر التنظير وما أقل التدبير؟
6/ هل نحن ممن حقق هذه المقولة: من عرف القدوة شجع الجذوة؟
7/ متى نعلق هذه المقولة أمامنا: أصحاب الهمم يصعدون القمم؟
8/ هل نحن نؤمن حُب الخير لغيرك يفرح الطير بسيرك؟
تلك الحروف كتبتها في بهاء المُحصلة، فاعزف طريق النضج بأوتار القيثار: "من يحمل همَّ الرسالة يبدع بالفكرة والوسيلة".
أدارت وجه الحُزن قائلة: "وداعاً يا أبي"! قد أودعتنا المعاني قطاف ثمارها، فتلانا التمر في عذوق الباسقات. ما زال الورد يتوسد جانبي، فكيف ترنو إلينا السنابل؟ من عرف الساقي وثق المآقي. من يعيش بعقلة تُرجم بفكره. أهل لول..
أتعبتني حمم الزمان، وكلما أدرت عيني إليهم استوحشتني أقوالهم التي أودعوها إلينا ذات سويعةٍ بالأقوال والأفعال.
نعم، أضعفتنا الردهات، فاستنجدنا بيد الماضي وبقايا المكارم التي أورثوها إلينا الأجداد والآباء لسد رمق العيش وعوز الاحتياج.
هُنا كانوا، هُنا عشوا، هُنا كانت بساطتهم رسائل، وحديثهم قيم، وأعمالهم مبادئ، وإيمانهم صلاة تشد الحاضر والنواظر.
فمتى ما أردنا حقيقة إنسانيتنا ذهبنا إلى هناك، كيما نستشعر بقايا عبق الطين ونشمه، والذي انبجس في سجلات الذكريات!
ومضة مساء..
كيف يستلذ من يتحدث بلسان غيره؟
وكيف يصحو من سبات وسادته التي قد نخرها الزمان؟
لذا، لاتقف حائرا صوب المشاعر، ولا تكن كالذي صال بنفسه وأتته رفسة!
فكم مرةٍ نظرنا للخلف، وتعثر أمامنا درب المستقبل!
نعم، "النحل لا يلتفت للوراء"، "وكن أنت ولا تكن غيرك"..
فكمٍّ معاقٍ لم يستطع المشي على الأرض، فأسار من عليها بابتسامة انجازه وإعجازه.
مشفى العجزة تنكر إليه دهره، فالتفت يُخاطب بياض لحيته: زوجتي ماتت، وتركني أولادي لوحدي! إذا تعتق الورق توردت المعاني في أحشائه. البحر عارٍ، فمن يستر فتنته؟!
هل تماوج الغروب؟
أم مجاديف بحارة الشوق التي استثارة أطرافه؟
هكذا قال ليد الطارق: الفقر أضعفني، والصبر أغناني. اكتبيني على شفاه الماء كي لا أنس اسمي. اخضرت أوراق شوقها على أغصان صدره، فمسح على جبينها وزالت الحُمى! تضوعت خاطرتي، وماتت قافيتي على جُدران الذكريات. لا يُقاس الوعي بالمستوى التعليمي..
لذا ورد: "كم قارئٍ للقرآن والقرآن يلعنه".
أتوق إليها وأرنو التوت والسكر، فكيف يكون الكلام فوق خصر الهيام؟! من وصل الناس بأخلاقه افترشت له الأرواح مجالسها. لا تُحركني بيدك، أوما يكفيك جنون الغزل؟! لا أقوى على المسير، وقد أُثخنت خطواتي بها وإليها! تفاوتت الأعمار نحو مصيرها، وكيف يكون الحال لاستنطاق الوجع؟! هكذا الذكرى تزرع فينا مُفردات. رواق المساء..
ذاكرتي في جمود، وعقلي في هوانٍ جامحٍ، وحروفي تترنح بين آهاتها، وكلماتي تستثار في مخاض ولادتها، وأنّى لأعمارنا بالتأمل؟
أجل، الليل قاسٍ وقد صعبت دُروبه، فلم يسمع منه إلا صراخ الرحيل، أو دموع العويل!
نعم، المعاني في ديمومة تثاؤبها، والمُحصلة بين مُتأرجح شاهقٍ، قد أتعبته حشرجة الكلام، أو ضال ماحقٍ فوق تُراب المقابر!
لتأتي منظومة العُمر تتغنج بين جمال الروح، واتساع العقل، وقوة الجسد.
العطر الذي تشتمه الخُطى لا تحتفظ به قوارير الزمن! الأغلب منا لا يُجيد الصدق لأن السيناريو عارٍ من الفكرة والتمثيل. الحُب وردة، وأيُّ الأيادي تستحق لمسها؟ لا تُنصت إلى الأفواه التي يُشعلها المديح، ويمقتها الشحيح. لا شيء يسكن العُمر إلا دُعاء أُمٍ بين حنين الأمس وبقاء الاحتياج. الأزقة عارية، ويد العوز يقتلها الخجل! أُفتش في الماء عن ملامح وجهي، وأيُّ قول أُريقه في نبضها الفاتن؟ الأرض اليابسة لا يضللها سواد الرُحلْ! الوعي ليس سيارة أُجرة كلما احتجته أشرت إليه من بعيد. لا تُراهن على العقول الراكدة، فهي كما العشب الذي يظهر في غير محله. صيريني وردة كلما اشتقتِ لذكري تدثري بالعبق. أزح عن المعنى جُل خصاله، فقد تغنى الطين وتراقص المطر. الليل ساجٍ فوق سياج العتاب، والكرْم واجٍ نحو عناقيد الرضاب! لم أنته من قراءة نفسي، وفي قلبي رواية (هاكا)! رفرف بجُحنك أيها الشادي، فلعك أقرب مني للحبيب. صبابة..
سُكرة وحُمرة وشيء من جنونٍ لحبٍ شهيٍ وهيامٍ أجمل..
ليبقى صدركِ منفى النهايات، ووضوء الصلوات!
إليكِ يا وحي الأماني رسالتي، إليكِ يا فحوى المعاني صبابتي: أُحبكِ يا سيمفونية كلمتي، ويا قيثارة وردي، ويا عكازة عمري، ويا رقصة رمشي، ويا أوتار جواي بتمتمة التغريد..
أُحبكِ للحب الذي اصطلت لأجله كل الهمسات، فهل تعلمين أن كل يومٍ أكتبكِ على وسادة اللا واعي.. ليذيبني اشتهاء تمركِ، وارتعاشة سحركِ..
فصدركِ وحديثكِ المشتهى يُشعل فيَّ عناقيد الهوى بهوس الرقصات!
فاذكري الغنج الذي هززناه سويةً حين أذابتنا فتنة أقداح الليل بالسكون، فاستدرنا حول مجرة الخصر والفتون، فعلميني حروف الهجاء، وذري بعدها أنفاسكِ في أعماقي، وارخي عليَّ أهداب وجلابيب الوله ساعة الخجل، وهدهدي نحوي لظاكِ تارة بعد أن تستقر رياحين العشق..
لترويها حكايات ألف ليلةٍ وليلة على خطى ابتسامة لا نعرف معناها ومنتهاها..
لتستحم فينا كل القُبلات، وتُحاك فوق أكتافنا صهيل الكلمات..
هل الفقراء ناموا، أو لم يناموا؛ فكيف لا وقد تلونت أضالعهم بصوت المطر! حينما أثخنه الفراق، لملم حفنة من تُراب قبرها للذكرى!
مسكين قلبـه امن الوجـع ساجي
ويا ويل نبضه امن الحزن راقي
آهٍ لبحرٍ خصني بسرائره
آهٍ لموجٍ ضمني في خاطره
آهٍ لماءٍ مرتوٍ بفم القصيد
من للورد وقد تاق اشتياقه؟ الصدق عنوان المعرفة، فما حال الإعراب ساعة التفاتته للنكرة؟ إذا خان الكاذب لا تقترب نحو القوارب.
وسوم: العدد 772