الخاطرة ١٨٣ : حرائق أثينا هل هي صدفة أم علامات إلهية؟
خواطر من الكون المجاور
قبل أيام قليلة حدثت كارثة حرائق فظيعة في أثينا عاصمة اليونان تناقلتها جميع وسائل الإعلام العالمية . ربما ظاهرة إندلاع الحرائق في فصل الصيف أصبحت في الفترة الأخيرة من الأمور العادية التي أصبحت تحصل في كل أنحاء العالم ، بعضها أسبابها طبيعية وأخرى أسبابها بشرية غير مقصودة بسبب نوع من الإهمال و أخرى أسبابها بشرية مقصودة فبعض أصحاب الأموال يحاولون إستغلال الظروف الملائمة من ارتفاع درجات الحرارة وشدة الرياح لإحراق الأراضي الخضراء وتحويلها إلى أراضي سكنية من أجل الربح المادي.
ولكن كارثة حرائق مدينة أثينا كان لها شيء خاص جعلها تأخذ أهمية أكثر ، لأن الأمور هناك لم تتوقف فقط على إحتراق مساحات شاسعة من الأراضي الخضراء وكذلك وجود ضحايا بشرية ولكن أيضا بسبب الطريقة الفظيعة التي راح فيها ضحايا هذه الكارثة .
في يوم إندلاع الحريق كانت درجة الحرارة بمستواها الطبيعي ، ولكن سرعة الرياح كانت عالية جدا ويبدو أن الرياح الشديدة هذه قد أثارت أولئك الذين يبحثون عن فرص مناسبة لتحويل الاراضي الخضراء إلى مناطق جرداء بهدف إستغلالها فيما بعد بتحويلها إلى مناطق سكنية فذهبوا وباشروا عملهم . وفجاة رأى سكان المناطق القريبة من الأماكن الطبيعية الخضراء إندلاع النار وظهور سحب من الدخان بعدة مناطق مختلفة ، وخلال مدة قصيرة كانت السماء قد أظلمت من كثرة الدخان المتصاعد من الحرائق ، ودب الهلع في نفوس سكان المنطقة وهم يرون النيران تقترب من منازلهم ، حاول البعض الهروب ولكن آخرون حاولوا البقاء لمنع النار من تدمير بيوتهم لأنها كانت كل ما يملكون وليس لهم مكان آخر يسكنون فيه .
الظروف في تلك الساعات كانت غريبة جدا بشكل جعلت سكان المنطقة لا يعلمون كيف يتصرفون ، فكثافة الدخان الشديدة جعلت الأمور أسوأ بكثير حيث حجبت كل شيء عن أولئك الذين ظلوا قرب بيوتهم لحمايتها من النار، فعندما تأكدوا أن الأمور أقوى بكثير من طاقتهم قرروا الهروب ، كانت نيران الحرائق قد حاصرتهم من جميع الجهات والسيارات المصفوفة في الشوارع بسبب إحتراقها بدأت تتحول إلى قنابل متفجرة تتطاير أجزاءها المحترقة في الهواء لتنشر النار إلى مسافات بعيدة من حولها . أهالي المنازل القريبة من شواطئ البحر هربت إلى مياه البحر لتحتمي من لهيب النار التي راحت تأكل كل شيء ، أما أهالي المنازل الأخرى فلم تكن محظوظة ورغم محاولتهم الوصول إلى الشاطئ ولكن النيران كانت قد وصلت حتى أطراف الشواطئ ومنعتهم من ذلك.
الظروف الطبيعية أثناء إندلاع الحرائق كانت أقوى بكثير من القوى البشرية ، ورغم محاولات رجال الأطفاء برا وطائرات الإطفاء جوا في الحد من إنتشار الحرائق، ولكن الكارثة كانت أكبر بكثير من توقعات المسؤولين ، فبعد إخماد الحرائق ودخول رجال الإعلام إلى داخل المناطق المحروقة ، ظهرت أبعاد الكارثة وهول ما عاناه أهالي المنطقة ، جثث متفحمة مبعثرة هنا وهناك ، وعلى بعد عدة أمتار من الشاطئ تم العثور على ٢٦ جثة بالقرب من بعضها البعض بدا عليهم وكأنهم حاولوا الهروب إلى الشاطىء ولكنهم لم يستطعيوا الوصول إليه ..... نتيجة هذه الكارثة كانت وفاة ٨٤ حالة ، و ١٥٠ مصاب ، عدد كبير من المفقودين ، منطقة سكنية بأكملها أصبحت منطقة جرداء .
في اليوم التالي ذهبت صحف الأخبار اليونانية والعالمية تكتب عن فظاعة المأساة ، جميع العناوين التي وضعت لهذه المأساة كان لها نوعين من العبارات ، الصحف اليونانية إستخدمت لعناوينها العبارة التالية : ( العين لم تعد موجودة ) أما الصحف العالمية وخاصة الإيطالية فقد إستخدمت العبارة الثانية وهي (مأساة مومبيي تتكرر من جديد ) .
للأسف اليوم ننظر إلى الأمور نظرة مادية بحتة مجردة من أي معنى روحي ، وكل الذي يستطيع الصحفيون والمسؤولون رؤيته في هذه الحادثة هي أشياء مادية فقط تتعلق بحجم الخسائر المادية التي سببتها تلك الحرائق ، ومن المؤسف جدا أنه حتى الخسائر في الأرواح ينظرون إليها من زاوية مادية وكأن جميع أولئك الذين ماتوا في هذه الكارثة هم مجرد رقم ، رقم فقط لا أكثر ، وربما لهذا السبب وجب أن تأخذ هذه الحادثة عناصر معينة لتعطيها معناه الحقيقي والذي دفع الصحفيين أن يختاروا بدون أن يعلموا العنوان المناسب لها ( العين لم تعد موجودة). فلا شيء ولا حدث يحدث صدفة ولكن الكل يحدث ضمن عناصر معينة تساعدنا على فهم حقيقة ما يحدث حولنا . فالله موجود وكل شيء يسير على مخططه ، فنحن نعيش خارج الجنة حيث كل شيء كان تحت الفوضى والكوارث الطبيعية ، ولكن الله وضع هذه الأشياء جميعها ضمن نوع من التوازن ليحمي الإنسانية منها لتستطيع متابعة تنظيف نفسها من تلك الشوائب التي شوهت تكوينها بسبب الخطيئة التي إرتكبها الإنسان في الجنة . لذلك عندما يبدأ مجتمع إنساني في إرتكاب مثل هذا النوع من الأخطاء عندها يرفع الله حمايته له فتحدث الكوارث ، ولكن في كل كارثة يضع الله عناصر عديدة تساعد الإنسان في معرفة السبب الروحي لوقوع هذه الكارثة .
تعالوا نبحث في التفاصيل الروحية حادثة الحريق في أثينا لنأخذ فكرة عن السبب الحقيقي في حدوثها ، فكما ذكرنا أن عنوان الكارثة في الصحف كان ( العين لم تعد موجودة) ، كلمة (العين ) هو اسم المنطقة التي تكبدت أكبر الخسائر الروحية والمادية في المناطق التي إلتهمتها نيران الحرائق، هذه المناطق تابعة لمدينة أثينا ، وكلمة (أثينا ) هي اسم إله الحكمة ، والحكمة بمعناها العام هي تلك المعرفة التي يمكن أن يكتسبها الإنسان ليستطيع الحكم على الشيء أو الحدث ليساعده في معرفة حقيقته وبالتالي استخدامه في تحقيق الخير للإنسان وكذلك لتستطيع الإنسانية متابعة تطورها نحو الكمال الروحي والجسدي .
كما شرحنا في مقالات سابقة أن الله عز وجل وهب الإنسان عينين ، وأن هذا الرقم ( اثنان ) ليس صدفة ولكن له معنى رمزي ، عين لها دور الرؤية المادية ووظيفتها تأمين الحاجات الجسدية وعين لها دور الرؤية الروحية ووظيفتها تأمين الحاجات الروحية، ولكن للأسف نحن اليوم نعيش في عصر مادي يعاني من الإنحطاط الروحي ، وعبارة ( العين لم تعد موجودة ) تعبر تماما عن المشكلة التي تعاني منها علوم ومعارف العصر الحديث. وقد أعطى دين الإسلام رمز عن هذه العين حيث وصف الرجل الذي سيصل إلى أعلى مراتب روح السوء بأنه أعور وسماه (الأعور الدجال) . فهذا الرجل هو في الحقيقة ليس أعورا في العين ولكن أعور في الرؤية لأنه يرى الأمور بنوع واحد من الرؤية وهي الرؤية المادية لأنه أعمى في الرؤية الروحية أي أنه أعمى البصيرة.
كما ذكرنا أيضا في مقالات سابقة أن سبب طرد الإنسان من الجنة هو إرتكاب الخطيئة وهذه الخطيئة لها علاقة ب (الزنى) ، حيث ضعف البصيرة (العمى الروحي) يؤدي في النهاية إلى تنمية الشهوات وتحول العلاقة بين الرجل والمراة من علاقة روحية هدفها تقوية الروابط الإنسانية لتساهم في استمرار تطويرها نحو الكمال، إلى علاقة جسدية هدفها إشباع الشهوات التي ينتج عنها تدمير الروابط الانسانية لتمنع تطورها إلى الكمال. لذلك في حادثة الحريق التي نتكلم عنها ، نجد ظهور العبارة الثانية (مأساة مومبيي الجديدة) . والمقصود هنا مدينة مومبيي الرومانية .
فقد اكتشف باحثون في علم الآثار أثناء عمليات التنقيب في مومبي في إيطاليا وجود آلاف الجثث المتحجرة التي باغتها الموت خلال ممارسة الجنس وبوضعيات مختلفة، حين دفنهم رماد بركان جبل فيزوف ، ليتبين لاحقا أنهم ضحايا كارثة طبيعية ضربت المدينة بشكل مفاجئ عبر ثوران بركان جبل فيزوف، أمر فسره الكثيرون أنه غضب وبلاء حل بالمدينة عقابا على انتشار الرذيلة فيها وممارسة الجنس في الشوارع لذلك سميت هذه المدينة بمدينة ( الزنى). ويقول العلماء أن البركان بدأ بالثوران ظهيرة 24 أغسطس/آب عام 79، محدثاً سحباً متصاعدة غطت الشمس وحولت النهار إلى ظلام دامس، وحاول سكان المدينة الفرار عن طريق البحر ولجأ آخرون إلى بيوتهم طلباً للحماية. وكان ذلك اليوم معداً لعيد إله النار عند الرومان، ويبدو أن قسم من السكان ظن بأن تلك السحب التي كانت تتصاعد والهزات الأرضية التي تحدث هي من عمل إله النار ليتابعوا طقوسهم في هذا العيد التي هي عبارة عن ممارسات جنسية . والغريب في المدينة ليس فقط اندثارها لمدة تصل 1.600عام، بل الشكل الذي ظهر به أهل المدينة نفسها بعد تلك المدة، حيث حافظوا على نفس هيئاتهم وأشكالهم التي كانوا عليها قبل انفجار البركان، حتى أن علماء الآثار أشاروا إلى أن 80 جثة تمت دراستها، لم تظهر على أي منها أي علامة للتأهب لحماية نفسها أو حتى الفرار، ولم يبد أحدها أي ردة فعل ولو بسيطة، والأرجح أنهم ماتوا بسرعة شديدة دون أي فرصة للتصرف، وكل هذا حدث في أقل من جزء من الثانية. ويفسر خبراء الآثار الظاهرة بأن أهل القرية أحيطوا بموجة حارة من الرماد الملتهب تصل درجة حرارته إلى 500 سيلسيوس، بصورة سريعة، لدرجة أن الغبار البركاني حل مكان الخلايا الحية الرطبة لسكان المدينة، ما يفسر بقاء الجثث على هيئتها وقد تحجرت كما هي، فظهر بعضها على شاطئ البحر وآخرون يمارسون الجنس بجميع أنواعه وشذوذه ، لتصبح هذه المدينة علامة إلهية تعبر عن خطيئة أهل هذه المدينة وعن العقاب الإلهي الذي أصابهم وسببه ، فكما ذكرنا الله عز وجل لا يسبب الهلاك ولكن فقط يرفع حمايته عن الإنسان ويتركه للظروف القاسية التي هو وضع نفسه فيها ، وسكان هذه المدينة أختاروا لأنفسهم إله النار ليعبده بدلا من الله عز وجل ، فالتهمتهم النار نفسها . اليوم تعتبر مدينة بومبي رمز لمدينة الزنى وهي مزار سياحي، كثير من المناطق فيها يحظر على الأطفال والأقل من 18 عاماً دخولها بسبب الرسومات الإباحية ، وخاصة على بعض المباني والحمامات التي كانت تعرض المتعة الجنسية لزبائنها بجميع اوضاعه وشذوذه.
منطقة العين التي نتكلم عنها في مقالتنا هنا والمناطق المجاورة التي دمرتها نيران الحرائق ، قبل سنوات قليلة وفي إنتخابات المحافظات ، قام أهلها بإنتخاب محافظ لها وهذا المحافظ الجديد هو أشهر شخصية شاذة جنسيا في اليونان ، وشاءت الاقدار أيضا أن يكون هذا المحافظ أثناء وقوع الكارثة (او قبل يوم واحد ) يقضي أيامه في جزيرة ميكونس التي تعتبر جزيرة الجنس والشذوذ الجنسي في اليونان ، حيث قام هذا المحافظ قبل يوم واحد من الكارثة بنشر عدة صور له في تطبيق الإنستغرام تعرض حفلة فخمة عملها هذا المحافظ لبعض أصحابه وكتب فيها " أنا مع أصحابي نُري ضيوفنا الأجانب كيف نحتفل و نفرح في حياتنا "
في المقالة الماضية والمقالات التي قبلها كانت جميعها عبارة عن مقارنة بين لاعبي كرة القدم ليونيل ميسي وكريستيانوا رونالدو وكانت هذه المقارنة تشرح الفرق الشاسع بين سلوك ميسي (رمز الإخلاص في العلاقة العاطفية ) وكريستيانو رونالدو ( رمز الشذوذ والفضائح الجنسية ) . لا أدري إذا كان القارىء وهو يقرأ هذه المقالة قد ربط هذه المقالة مع المقالات التي سبقتها ، ولكن هنا أكتب لكم ما شعرت به أنا من خلال حادثة الحرائق التي أعطتها وسائل الإعلام العنوانين ( العين لم تعد موجودة ) و( مآساة بومبيي الجديدة) ، فحدوث هذه الكارثة في المدينة التي أعيش فيها ليس صدفة ولكن علامة روحية صنعتها الأقدار لتجعلني أشعر بأني أسير على طريق صحيح في تحليلاتي وأبحاثي لأتوكل على الله واستمر فيها ، الجدير بالذكر هنا أنه في المنطقة المحروقة لي صديق يوناني طيب جدا ولكنه كان ملحدا فالمعلومات في الكتب العلمية والثقافية التي قرأها كانت قد أقنعته بأن الله غير موجود ، ولكن حدث انه بعد مناقشات عديدة بيني وبينه ورغم أنها لم تكن مناقشات دينية ولكن مواضيعها إنسانية ، قد تأثر بالفعل بمنطق تفكيري ورأى أن الإيمان بوجود الله يعطي نوع من التوازن الروحي حيث هذا التوازن يؤدي إلى القناعة والهدوء النفسي والثقة بالنفس لمواجهة جميع الظروف الصعبة والإستمرار إلى الأمام ، ورغم أنه لم يصرح لأحد بذلك ولكنه عندما أنجب ابنته قام بتعميدها في الكنيسة ، رغم أن جميع الملحدين في اليونان يرفضون تعميد أطفالهم ... صديقي هذا عندما رأى النيران تتجه نحو منطقته وأنه من الصعب حماية بيته ، أخذ زوجته وابنته وهرب بعيدا ، وعندما عاد في اليوم التالي ليرى حالة بيته بعد الحريق ، لم يصدق عينيه ، كان بيته كما تركه لم تطالها النيران بالرغم من احتراق معظم المنازل حوله بل وإن وبعضها قد تدمرت نهائيا. صديقي هذا خريج كلية الحقوق ، ولكن كون هذه المهنة في اليونان قد أصبحت تحتاج إلى الكذب والخداع والرشوة ليستطيع المحامي ربح القضية ، هجر المهنة وذهب ليعمل في منظمة خيرية لمساعدة الفقراء والمحتاجين .
كريستيانو رونالدو الذي تكلمنا عنه في المقالات السابقة دخل موسوعة غينيس فهو يحمل الرقم القياسي بعدد المعجبين في صفحته في الفيس بوك ، فعدد المعجبين قد وصل إلى ١١٧ مليون معجب ومعظمهم لا يفقهون شيئا في لعبة كرة القدم . تصوروا الشخص الذي أصبح رمز العشق الجسدي والشذوذ والفضائح الجنسية له أكبر عدد معجبين في العالم ، في حين أن المفكرين الذين يعملون من أجل إصلاح الفساد لتصحوا الإنسانية من سكرتها فأعداد المتابعين لهم لا يتجاوزون المئات أو ربما لا يسمع أحد عنهم على الإطلاق! ..... لقد أصبح مجتمعنا الحديث مثل مجتمع مدينة بومبيي الرومانية التي كانت تعبد إله النار والأعضاء الجنسية ، لذلك لا تسألوا لماذا عصرنا اليوم يعاني من الكوارث الطبيعية والحروب الأهلية والأعمال الوحشية بمختلف أشكالها .... الله موجود وسنته ستسير كما أراد هو لها ولو كره الكافرون.
وسوم: العدد 783