الخاطرة ١٩٥ : اللغة الإلهية " الأسماء جزء ٣"
خواطر من الكون المجاور
في المقالة الماضية رأينا أن سفر التكوين والذي يعتبر اول كتاب مقدس في أول ديانة سماوية (اليهودية) قد تم ذكر اسم آدم فيه رقميا والذي يعادل (٣٣٨) حسب نظام الكابلا العربية ، وكذلك وجدنا ان القرآن الكريم والذي يعتبر آخر كتاب مقدس لآخر ديانة سماوية (الإسلام) أيضا قد تم ذكر نفس الرقم فيه لأسم آدم وبنفس الطريقة الموجودة في سفر التكوين ، وطبعا هذا يؤكد أنه من المستحيل ان يكون نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ، قد أخذ من سفر التكوين التصميم الرقمي لأسم آدم الموجود في سفر التكوين ليستخدمه في القرآن الكريم ، فكما يدعي بعض غير المسلمين (يهود ومسيحيون وملحدون) بأن الرسول قد أخذ قصص الأنبياء من الكتب المقدسة ووضعها في القرآن وادعى بأنه كتاب من عند الله . ولكن هذا الإدعاء ليس صحيحا لأن النظام الرقمي للغة العربية (الكابلا العربية) تم إكتشافها من قبل حوالي ٣٥ عام فقط ، فحتى ذلك الوقت كانت قيم الأحرف العربية هي نفسها القيم المماثلة لها في أحرف اللغة اليونانية ، وبسبب فشل جميع محاولات الفلاسفة العرب في إكتشاف أي حكمة في قيم الكلمات العربية بإعتماد النظام الرقمي القديم توقفت هذه المحاولات منذ مئات السنين ولكن نجد أنه رغم عدم إستخدامها ظلت ارقام قيم الأحرف العربية القديمة تكتب في معاجم اللغة العربية حتى يومنا هذا .
ما نود أن نقول هنا لأولئك غير المسلمين الذين يدعون ان القرآن الكريم هو كتاب معلوماته مسروقة من بقية الكتب المقدسة وأن الذي كتبه هو إنسان عادي وليس من أنبياء الله ، بأن تصميم الرقمي للأسماء والكلمات في القرآن الكريم هو تصميم إلهي وهي موجودة بنفس النظام الرقمي الموجود في الكتب المقدسة للديانات السماوية اليهودية والمسيحية وهذا يعتبر دليل على أن القرآن ليس من تأليف نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ولكن هو كلام الله .
وكذلك وبنفس طريقة الإثبات هذه نود أن نقول لأولئك المسلمين الذين يرفضون صحة أي شيء من الكتب المقدسة لليهودية والمسيحية ، أن هذه الكتب هي أيضا كلام الله لأنها تستخدم نفس النظام الرقمي الذي يستخدمه القرآن الكريم ، وهذا النظام الرقمي كما ذكرناه ظهر قبل سنوات قليلة ، أي بعد ٣٣٠٠ سنة تقريبا من ظهور الديانة اليهودية ، وبعد حوالي ٢٠٠٠ سنة من ظهور الديانة المسيحية ، وبعد حوالي ١٤٠٠ سنة من ظهور الديانة الإسلامية ، فجميع هذه الكتب تستخدم نفس النظام الرقمي الذي تحدثنا عنه ، والذي سنذكر عليه أمثلة كثيرة لتكون إثبات على أن هذه الكتب المقدسة تستخدم نفس النظام الرقمي والذي هو تصميم إلهي وليس تصميم عقل إنساني.
في المقالة الماضية تكلمنا عن أسم آدم والذي يعتبر أول أسم نبي يظهر في سفر التكوين والذي هو أيضا يعتبر أول كتاب مقدس في الكتب السماوية ، وفي هذه المقالة سنبحث في أسم آخر الأنبياء الذي بقصة حياته ينتهي سفر التكوين وهو النبي يوسف بن يعقوب عليه الصلاة والسلام .
أسم يوسف في سفر التكوين يظهر في الآية ٢٤ من الإصحاح ٣٠ (وَدَعَتِ اسْمَهُ «يُوسُفَ» قَائِلَةً : «يَزِيدُنِي الرَّبُّ ابْنًا آخَرَ»). لنحاول الآن تطبيق نفس المبدأ الذي استخدمناه في المقالة الماضية عندما حصلنا على القيمة الرقمية لأسم آدم :
مجموع عدد الآيات من الآية ٢٤ التي يظهر بها أسم يوسف لأول مرة وحتى نهاية سفر التكوين يعادل (٦٧٨) آية ، أما مجموع أرقام تراتيب الإصحاحات من الإصحاح (٣٠) وحتى نهاية التكوين فيعادل (٨٤٠) ، ومجموع عدد الآيات مع عدد التراتيب يعادل :
الرقم (١٥١٨) هو القيمة الرقمية لأسم يوسف (ΙΩΣΗΦ) في النظام الرقمي للغة اليونانية :
الذين لا يؤمنون بلغة الأرقام وكذلك المسلمون المتعصبون لدينهم تعصب أعمى والذين يعتبرون ان كتب التوراة المستخدمة اليوم هي كتب باطلة ولا يعترفون بصحة أي شيء فيها ، وكذلك الملحدون الذين لا يؤمنون بوجود الله سينظرون إلى رقم قيمة اسم يوسف (١٥١٨) على أنه رقم عشوائي بلا معنى ولن يحاولوا البحث فيه ، ولكن للوصول إلى الحقيقة يجب أن نتبع مبادئ اللغة الإلهية لنحكم على آيات الكتب المقدسة لنعلم هل هي كلام الله أم هي من تأليف عقل بشري .
الحكمة الإلهية في تصميم سفر التكوين إختارت الإسم يوسف الذي يحمل القيمة الرقمية (١٥١٨) ليكون أسم آخر نبي في كتاب سفر التكوين ليكون علامة تساعدنا على فهم هدف تطور الانسانية وبنفس الوقت لنفهم الفرق الحقيقي بين الإنسان ككائن حي وبقية الكائنات الحية الأخرى ، فالرقم (١٥١٨) الذي يمثل أسم آخر أنبياء سفر التكوين هو رمز لإكتمال الخلق وولادة الإنسانية ولهذا السبب سمي هذا الكتاب (التكوين) في اللغة العربية و(GENESI) في معظم لغات العالم حيث مصدر هذا الإسم هو اللغة اليونانية (ΓΈΝΕΣΙΣ) وتعني (الولادة) في اللغة اليونانية .
الرقم (١٥١٨) في اللغة اليونانية يتألف من مجموع الرقمين (١٨) و(١٥٠٠) حيث الرقم (١٨) هو رمز تلك الروح الإلهية التي نفخها الله في آدم عندما خلقه ، لذلك أخذ هذا الرقم شكل يتألف من حرفين (Λ) وهو حرف (ل) في اللغة اليونانية ، وحرف (ا) وهو حرف ألف في اللغة العربية ، حيث لفظ هذا الرقم باستخدام اللغتين يصبح (إل) وهو أسم الله في اللغة العبرية ، فأسم النبي إسماعيل هو عبارة تتألف من كلمتين (اسمع - إل) وتعني في العبرية (الله يسمع) وكذلك اسم النبي دانيال أيضا يتألف من كلمتين (دان- ال) ويعني الله يدين. ونفس الشيء يحدث في أسم يوسف ولكن بطريقة رقمية ، فالرمز (١٨) في أسم يوسف يعني (الله) أما الرقم (١٥٠٠) فهو القيمة الرقمية لكمة (ΦΩΣ) في اللغة اليونانية وتعني (نور) ، أي ان معنى أسم يوسف رقميا تعني (نور الله) أو (النور الإلهي).
حتى نفهم لماذا كان أسم آخر أنبياء سفر التكوين له معنى (نور الله) ، لا بد أن نستعين باللغة العربية ، فحسب سفر التكوين أن أمه راحيل هي التي أطلقت على إبنها أسم (يوسف) ، أسم راحيل كلفظ عربي يُسمع وكأنه عبارة تتألف من كلمتين (راح - إل) وحسب نظام تركيب الأسماء التي ذكرناها في
(إسماعيل ، دانيال) فكلمة راحيل كلفظ تعني (كف الله) أي (يد الله). ولكن هناك شيء آخر يساعد على توضيح الأمر بشكل أكثر ، فاسم (راحيل) عند كتابته بالنظام القرآني يصبح بهذا الشكل (رحيل) حيث القيمة الرقمية لهذا الأسم تعادل (٧٥٨) هي نفس القيمة الرقمية لكلمة ( نور) في اللغة العربية حيث :
إن وجود الرمز (١٨) في أسم أم وأب يوسف ، ليس صدفة ولكن يعطينا حقيقة علمية عن التكوين الحقيقي للإنسان ، فالرمز (١٨) يوجد على كف يد الإنسان اليمنى أما في كف اليد اليسرى فنجد الشكل المعاكس له (٨١) ، فحتى يكون الكائن الحي إنسانا يجب وجود الرمزين (١٨) و(٨١) في كفي يديه ، وهذا لا ينطبق إلا على الإنسان العاقل الحديث الذي استطاع تكوين الحضارات ، أم الكائنات التي تشبهه والتي تنتمي إلى ما يسمى علميا الإنسانيات (homo) التي إنقرضت فهي لا تحمل في يدها الرمز (١٨) لذلك فهي رغم شبهها بشكل الإنسان ولكنها مختلفة نهائيا في تكوينها ، فوجود الرمز (١٨)يعني أن الإنسان كائن حي يحوي في تكوينه جزء من روح الله وهذا الجزء لا يمكن مقارنته بأي صفة أخرى . وهذا هو ما يبرر سبب تفوقه وإبداعه في جميع المجالات والتي أعطته المقدرة على السيطرة على مصير جميع أنواع الكائنات الحية الأخرى.
إذا بحثنا في أرقام سورة يوسف في القرآن الكريم برؤية سطحية لن نجد الرقم (١٥١٨) ، والسبب أن الكتب المقدسة لم تُكتب فقط لتثبت للإنسان أنها كلام الله ، ولكن أيضا لتساعده في فهم حقيقة تكوينه وكذلك فهم حقيقة ما يحدث حوله ليختار الطريق الصحيح في تطوره الروحي والمادي، لذلك هنا علينا أن ننظر إلى القرآن نظرة شاملة لنستطيع فهم الحكمة الإلهية في تصميم القرآن الكريم ، وهذه الحكمة كنا قد ذكرناها في المقالة الماضية وربما بعض القراء لم يوافقوا أو لم يستوعبوا ذاك التشبيه الذي ذكرناه ، حيث قلنا أن كلمة (الفاتحة) التي هي أسم اول سورة في القرآن ولفظها يُسمع وكأنها تتألف من كلمتين (ألفا - تحة) ولها معنى مشابه للفظ عبارة (الف الله ) في اللغة اليونانية. فهذا التشبيه لم يأتي عبثا ، ولكن له علاقة بعنوان السورة التي تأتي بعدها في الترتيب وهي سورة (البقرة) . فرمز (البقرة) هو في الحقيقة حرف الألف عند ظهوره لأول مرة كحرف في عدة لغات ، حيث حرف الألف في البداية كان له شكل رأس بقرة فكان يشبه شكل مثلث مقلوب (قاعدته في الأعلى) ، ثم تطور وأصبح له شكل مثلث (α) قاعدته على جانبه الأيمن، ثم تطور ليأخذ شكله الحالي (A) مثلث قاعدته في الأسفل وقمته تتجه نحو السماء (كما توضح الصورة).
أي أن القرآن الكريم يبدأ بسورتين ، الأولى وهي (الفاتحة) والتي تعني ألف الله أو الألف الإلهية، والثانية (البقرة) وتعني ألف الخطيئة، حيث السورة الأولى (الفاتحة) ترمز إلى تلك الأم التي ولدت هابيل الكائن المحب للسلام الذي تقبل الله قربانه ، والثانية البقرة ترمز إلى الأم التي ولدت قابيل إبن الخطيئة الذي لم يتقبل الله قربانه فقام بإرتكاب جريمة قتل أخيه ، لذلك كانت الحكمة الإلهية أن تجعل تصميم السورتين بشكل مختلف عن بعضهما البعض ، حيث السورة الأولى تبدأ بكلمات مفهومة (بسم الله .... ) ، أما السورة الثانية فتبدأ بأحرف غامضة (ألم) .
إذا تمعنا جيدا في بداية كل سورة من سور القرآن نجد أن سور القرآن تنقسم إلى قسمين قسم منه سورها على مبدأ سورة الفاتحة حيث بدايتها تكون بكلامات مفهومة، والقسم الثاني سوره على مبدأ سورة البقرة حيث نجد هذه السور تبدأ بأحرف غامضة (حم ، المص، الر ، المر، كهيعص، طه، طسم، طس، ص، حم، ق ، ن ) . وعدد هذا النوع من السور التي تبدأ بأحرف غامضة هو (٢٩) سورة، حيث هذا النوع من السور يبدأ بسورة البقرة وينتهي بسورة القلم ، لذلك نجد أن السورة الأخيرة (القلم) أنها تبدأ بالآية (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) وكأن بداية هذه السورة تقول لنا بأن الأحرف التي نسطرها لتكوين الكلمات والأسماء ليست صدفة ولكنها تحوي حكمة إلهية داخلها، فجميع لغات العالم بدأت بشكل معاني عشوائية كما يعبر عنها حرف (ألف البقرة) ولكنها تطورت مع التطور الروحي للإنسان لتأخذ شكلها الصحيح ولتصبح مناسبة لإستخدامها في الكتب المقدسة.
إن وجود هذين النوعين من السور يعني أن القرآن الكريم هو في الحقيقة كتابين في كتاب واحد ، فكما للإنسان يوجد عينان إثنتان ، العين اليمنى وترمز إلى الرؤية الروحية والعين اليسرى وترمز إلى الرؤية المادية ، هكذا أيضا كانت الحكمة الإلهية في تصميم القرآن الكريم أن يكون هذا الكتاب المقدس على شكل كتابين في كتاب واحد ، حيث الكتاب الأول هو رمز للرؤية الروحية وهو الكتاب الذي سوره تبدأ بكلمات مفهومة مثل سورة الفاتحة وعدد سوره ٨٥ سورة ( من سورة الفاتحة إلى سورة الناس)، والكتاب الثاني وهو رمز الرؤية المادية وسوره تبدأ بأحرف غامضة مثل سورة البقرة وعدد سوره ٢٩ سورة (من سورة البقرة إلى سورة القلم) .
لنعود ثانية لنبحث عن القيمة الرقمية لأسم يوسف في القرآن الكريم :
الرقم ١٠٧٢ هو القيمة الرقمية لأسم (يوسف) في الكابالا العربية :
الرقم (١٥١٨) كما ذكرنا هو القيمة الرقمية لأسم يوسف في الكابلا اليونانية ، وكذلك هو القيمة الرقمية لعبارة (إبن يعقوب) في الكابلا العربية .
الحكمة الإلهية في تصميم سفر التكوين وضعت قصة حياة النبي يوسف في نهاية هذا الكتاب ، واعطت أسمه المعنى (نور الله) لأن حياته كانت رمزا للعفة والسلام ، فهو رفض مجامعة زوجة سيده في مصر (العفة) ولم ينتقم من أخوته الذين باعوه ليصبح عبدا في مصر. لذلك كان أسمه مشتق من ثمرة اليوسفي والتي زهرتها تمثل رمز العفة ، اما أسم ثمرة اليوسفي في اللغة اليونانية فيسمع لفظه (ΜΑΝΤΑΡΙΝΙ ماندريني) حيث هذا الأسم يسمع وكانه عبارة تتألف من ثلاث كلمات (مان - دا - ايريني) ، الكلمة الأولى(مان) تُسمع وكأنها كلمة إنكليزية وتعني (رجل) والثانية(دا) بالإيطالية وتعني (أل التعريف) والثالثة (ايريني) وتعني (السلام) في اللغة اليونانية، فأسم يوسف المشتق من ثمرة اليوسفي (مانداريني) تعني (رجل السلام) لذلك كانت الديانة ما قبل الأخيرة تعطي أهمية كبيرة لرمز العفة (مريم العذراء ) . أما الديانة الأخيرة فكان أسمها (إسلام) وتعتمد على الصفة الثانية وهي (السلام ) فكلمة (إسلام) تعني (فرض حب السلام على المؤمنين) .
لننتقل إلى أسم آخر الأنبياء المرسلين (محمد) صلى الله عليه وسلم ، لنرى حكمة إلهية أخرى في التصميم الإلهي للأسماء ، القيمة الرقمية لهذا الأسم حسب نظام الكابالا العربية هو ٦٥٧ :
إذا تمعنا في هذا الرقم (٦٥٧) طويلا ربما لا نجد شيئا يعطينا سببا واضحا لتسمية نبي ورسول الإسلام بهذا الأسم ، وهذا الإحساس شيء طبيعي لأنه أولا أن ثقافة إنسان عصر الحديث هي ثقافة مادية وتعاني من إنحطاط في الرؤية الروحية ، ولهذا لا يمكنها رؤية الصورة الروحية لهذا الرقم ، وثانيا لأن هذا النوع من العلوم هو من علوم العصر الحديث ولكن للأسف بسبب إنحطاطه الروحي لم يأخذ مكانته الحقيقية في الأوساط العلمية ليصبح جزء من القاعدة الثقافية العامة للإنسان المعاصر.
في المقالة القادمة إن شاء الله سنشرح الصورة الروحية لهذا الأسم لنفهم لماذا الحكمة الإلهية قد أعطت الأسم (محمد) لآخر الأنبياء المرسلين.
وسوم: العدد 797