بصمة مغترب
لم أكن أظن أنني سأخرج من حلب إلا زيارات هنا وهناك لأعود إليها مشتاقاً فهي مرابع أنسي وذكريات طفولتي وأيام شبابي،في مدارسها درجت وجامعتها تخرجت. قضيت في الراموسة التي يحررها الشباب المؤمن الآن في الأسبوع الأول من آب نصفَ خدمتي العسكرية ، واحتواني الجولانُ تحت جبل الشيخ نصفها الثاني ..
عدت إلى حلب ادرس في ثانوياتها وإعدادياتها راسماً مستقبلي في بيوتاتها وأحيائها ورياضها ومراكزها الثقافية ، وشاء القدر أن أُعار إلى الجزائر الشقيقة مدرساً للعربية والتربية الإسلامية في أواخر سبعينات القرن الماضي ، وكانت الجزائر من أجمل ما رأيت أرضاً وتاريخاً وشعباً
لم يكن يخطر ببالي أن نظام الإجرام في سورية يريد استئصال الإسلام من بلادنا الحبيبة فأعد مجزرة التعليم في سورية فسرَّح عام تسعة وسبعين وتسع مئة وألف كلَّ معلم يحمل شعلة الإيمان بين جوانحه، وأرسل يطلبني معتقلاً، فبين الدولتين معاهدة تسليم المجرمين، فأبى العدل والإنصاف في الجزائر – إذ ذاك- أن يسلمني وبعض إخواني إليه فنحن معارضون سياسيون، وشتان ما بين الإجرام والمعارضة السياسية.
ولم يكن بدٌّ -والضغط شديد على الجزائر- أن أخرج منها إلى بلاد الله الواسعة خمسة وثلاثين عاماً محروماً من أبسط حقوق الإنسان – جواز السفر وحقوق المواطنة.
ويجتاحني الشوق إلى حلب أينما كنت ، ففيها الأهل والأصدقاء ومدارج الشباب وأنس الحياة،زرت العالم كله تقريباً ،وتبقى سورية في القلب وتظل مهوى الفؤاد ومُنية النفس.
وتتفجر براكين الثورة في بلادي ويتحرر منها جزء من مدينتي وريفها الطيب الجميل ، وأراني على معبر (باب الهوى)أخطو إليها ،فأسجد لله شكراً وأقبّل ترابها، وألتفت إلى المجاهدين الذين تابعوا ما فعلتُ أشكرهم واسأل الله أن يسدد في الخير هدفهم وأن يجمعهم على كلمة التقوى ووحدة الصف .
وفي هذه الأيام المباركة أراني أتابع المجاهدين الذين يبذلون الغالي والنفيس لاسترداد حريتنا وحقنا في الحياة فأدعو لهم وأنا ابن السبعين أتمنى لو كنت معهم فأحرر بلادنا المباركة من رجس العهر والروس، والكفر والمجوس .
إن الإسلام ليأرز إلى بلاد الشام كما تأرز الحية إلى جحرها ، ووعْدُ الله أن يحفظ الشام وأهلها والدين ومادّتَه عدّةُ الصابرين وقوة المصابرين .
اللهم هذه بلاد الشام بين يديك فاحمها من كيد الكائدين وخيانة الظالمين، وأعز الإسلام والمسلمين وارفع رايتك كريمة عزيزة .. يا رب العالمين .
وسوم: العدد 840