من ذاكرتي عن السوق الأثري المسقوف في مدينة حلب

كنت أساعد جدي في سوق الجوخ أحد أهم أسواق المدينه الأثريه المسقوفه وذلك بعد دوام المدرسه في أغلب الأحيان وفي العطل، خلال الخمسينات والستينات وأوائل السبعينات من القرن التاسع عشر. يفصل مجمع الأسواق هذا (سوق المدينه) عن قلعة حلب الأثريه المرتفعه والضخمه شرقاً الشارع الدئري حول القلعه، ويلاصقه شمالاً الجامع الأموي (الجامع الكبير) كما يلاصقه جنوباً جامع العادليه، وبداخل المجمع مسجدين.

وأذكر من أسواق المدينه وخاناتها سوق الجوخ ويليه خان العلبيه وسوق الجمرك وخانه وأسواق استنبول والشام والعطارين والمحمص وخانه وأمامه حمام الفقاس وسوق الحمام والقطن والعبي والزرب والطرابيش والصايات والسجاد والشالات وسوق الدهشه وخانه وسوق النسوان والصياغ وسوق الحبال وهو خلف ضريح النبي زكريا في الجامع الأموي وسوق السقطيه للمواد الغذائيه وخان الحرير.

( تجار أو صنّاع سوق الجوخ في الستينات: شمسه 2، ناصر2، صغير2، عقاد2، ريحاوي، شقيفه، فتال، منصور، ناولو، ربيع، كردي، معاز، ديري، جربوع، باكير، شعبان، عزيزه، دادو، لبنيه، كوسا وآخرون لا أذكرهم)   

وجدت في هذه الأسواق نوعين من التعامل آنذاك تعامل أخلاقي راقي إجمالاً بين التجار أنفسهم كدعمهم لبعضهم في دفع الكمبيالات في حينها وتبادل الزيارات وبين التجار والزبائن بالمقارنة مع سلوك الناس هذه الأيام،  كما كانوا يقومون بأعمال الخير كالزكاة والصدقات خصوصاً في رمضان والأعياد، ويمولون جمعية النهضه الإسلاميه الخيريه. أما النوع الثاني من التعامل هو تعامل الباعه وكان عادياً سوى بعضهم كان تعاملهم غير محمود خصوصاً أنهم يستعملون بعض التعابير العبريه التي خلَّفَها اليهود في أسواق حلب للتمويه على الزبائن والإستخفاف بهم، ومن المعيب توثيقها. وكانت الأسواق تفتح باكراً مع دوام الطلبه والموظفين وكانت تعج بالزبائن في أغلب الأوقات. كما كانت الأروقه الجانبيه الفسيحه من الجامع الاموي تعج بالطلبه خصوصاً أيام الإمتحانات. حيث كان آنذاك المدرسون يتسابقون في أداء واجبهم في التعليم مقابل راتبهم وسمعتهم وماكانت هناك دورات ومعاهد لدبغ الأدمغه المعروفه اليوم والتي تشجع عليها الدوله لتوريط كل من الطالب والمدرس بماهو ليس صحيح وهو يدخل في تيار الفساد المقيت في البلاد.

وبعد غيابي عن سوريه للتخصص والعمل في التدريس الجامعي عدت لأزور سوق الجوخ في أواخرالثمانينات في الصباح فوجدت الباب الرئيسي الكبير نصف مفتوح ولايوجد سوى محلين مفتوحين  فيهما قليل من البضاعه و يخيم على السوق الظلام فسألت لماذا المحلات مغلقه فقيل لي أن المحلات تفتح بعد صلاة الظهر وأغلبها تفتح ليس لبيع البضائع كالسابق بل للسمسره بالخيوط والإستثمار المزيف للأموال وهي أعمال تعتمد على المكر والإحتيال وليس على الجد والتطوير والإبداع. ومع الأسف إن هذه الأساليب التجاريه أدت إلى نتائج مدمره بعد فترة قصيره خصوصاً لأصحاب الأموال الصغيره كمن باع عربته السوزوكي للنقل وكمن باعت ذهبها لإستثماره عند المستثمرين بأرباح خياليه فكان طعماً لهم فقدوا به أموالهم. والمؤسف أكثر أن هذه اللعبه المعلنه سبق وراح ضحيتها الكثير في تركيا ومصر ولم يعتبر الناس بها  بل خدعهم شيطان الطمع. والمسؤول عن هذه الجريمه هم أولاً الدوله التي بيدها السلطه والإعلام و مناهج التربيه. وثانياً تقصير الأجداد والأباء والمربين والدعاة والمشايخ في تربية الجيل على الكسب الحلال بالجد والعلم والإبداع بما ينفع الناس وعلى العفه والقناعه والفضيله التي أوصى بها اللهُ خلْقَه فكانوا بها أمةً رائده. وثالثاً مسؤولية الشباب العاق الذي إنساق لشهوات النفس فانبهر بالإعلام المحلي والماسوني واتبع مغرياتهم الماديه والنفسيه فأصبح مسيراً بلاشخصيه ولاهدف نبيل. ورابعاً كيد الماسونيه والماصونية العالميتين وأذنابها المتغلغله في الحكومه والمجتمع ومخططاتهم الخبيثه الخفيه ليبقى جيلنا تافهاً كسولاً استهلاكياً خادماً يائساً ومذعناً لهم حتى الموت.... وليبقوا هم الساده بيدهم المال والإعلام. ومايدعوا إلى اليقين أن النصر للحق أنه معلنٌ وبيِّنٌ في نهج الإسلام السمح وهو لكل الناس، أما الماسونيه والصهيونيه المتغطرسه فهي شبكه خفيه من الأنذال فقط الذين يسعون للتحكم بعيش وتعداد البشر بكل الطرق الخبيثه كشراء الحكّام وزرع الفتن والحروب وتمويل الصناعات المدمره للحياة. أما الآن نرى أن الله أخذ المتغطرسين أخذ عزيز مقتدر بمخلوقه الفيروز التافه الأخير فحصدهم وأذلهم ومانفعتهم علومهم وأموالهم وإعلامهم الطبل الأجوف المضلل بشيء لأنهم اسسوها لهدفهم الأساسي غير الإنساني فأرسل الله هذا الفيروز لينذرهم ويعاقبهم ويكشف عوراتهم وزيف غطرستهم. وعليه فإن تركيبتهم النفسيه والفكريه هم وأذنابهم تجعلهم بالدرجة الأولى يخافون من الإسلام والمسلمين  فيعملون على تشتيتهم بشتى الوسائل الخسيسه، وأن بإتحاد المسلمين المخلصين العاملين الثابتين على الحق وبإعدادهم العده وبتحييدهم الأذناب الخونه بعون الله ستكون نهاية أعداء الإنسانيه، إن الباطل كان زهوقاً.