في أهمية ضبط المشاعر
في معترك الحياة يواجه الإنسان العديد من المواقف والمشاكل ، وصورا أخرى متنوعة ، تستدعي التعامل معها . وقد تدعو بعض المواقف إلى الرضا والاطمئنان ، ويدعو بعضها إلى السخط ، وفي كلا الحالين لابد من تصرف يناسب كلا منهما إذ لابد من دخول هذا المعترك . والتصرف مع هذه المواقف له أثره الإيجابي أو السلبي تجاه الإنسان ، فالإنسان لديه مشاعر قد تستفزه لمجابهة المواقف بقوة ، بل ربما بشراسة تُؤدي به إلى مالا تُحمد عقباه . وربما واجهها بحكمة وصبر وحُسن تصرف ، لتعمل هذه المزايا عملها الجميل الرائع في إطفاء نار الشر ، وإخماد جمر الانتقام أو ربما الاعتداء الذي لاطائل منه .
وكما يكون للإنسان مواقفه مع هاتيك المشاكل اليومية الاجتماعية ، فإن لديه العديد من أنواع المشاكل التي جلبتها أحداث ليس هو مَن صنعها ، وإنما هي نتيجة منازلات اجتماعية عامة ، تعكس نتائجها السلبية على عامة الناس ، فيتأثرون بما توقعه فيهم من آلام وأحزان ، بل وصراعات باتت لها صلة بجميع الناس . وقد تجلب هذه الأحداث على الإنسان تأثيرات سلبية إن لم يواجهها بما وهبه الله من صبر وجَلَدٍ ومن تصرف قويم ، لأن ثقل هذه الأحداث يسبب الأحزان العميقة في الصدور ، وتشعل جذوة اللوعات في قلوب مَن اجتاحت رياح هذه الأحداث أسرهم وأرحامهم وجيرانهم وبقية الناس الذي يعيشون في مجتمعهم .، وأتت على مالديهم من مال ومتاع . فمن كانت ثقته بالله عزَّ وجلَّ عالية متينة ، فإنه يتحلى بالصبر ، ويطمئن في أفياء السكينة ، فلا يعتريه إحباط ، ولا يخذله القلق المدمر الذي إن نال منه ، فإنه يضعف حالات التركيز والصبر على المكاره ، وربما يغلق عليه أبواب الرجاء الذي جعله الله للخلق إن ضاقت بهم السبل ، واكفهرت في وجوههم الأيام .
وليس بِسِرٍّ إن قلنا إن الإنسان بفطرته يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى عند الشدائد التي تحيط به ، أو الأخطار التي تحدق بوجوده ، فيشعر أن ريحا طيبة مباركة مست رفيف مشاعره ، فأتاحت له فسحة من الأمل الظليل للخروج من تلك المآزق ، ومن دياجير تلك الأحزان التي ألمَّت به . ولا عجب أن ترى رجلا أو امرأة أصابت كلا منهما المصيبة ، أو نزلت بهما الجائحة . يواجهانها بصبر وثبات ، وبقدرة لاتضعف ، وقد قيل إن المضطر الصابر المنتظر لإغاثة الله له أقوى مما نزل به لأنه يعلم علم اليقين معنى قول الله تعالى : ( أَمَّنْ يُجيبُ المُضْطَرَّ إذا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوء ... ) 62/ النمل . ولا يوجد تحفيز للنفس في هذا الباب إلى الثقة برحمة الله بخلقه , فالله فرَّج عن أهل الهم ، وأضاء ظلمة الدروب بأنوار التأييد ، وأيَّـد مَن شاء بالغوث ، فهو سبحانه غوث المستغيثين ، وجار المستجيرين . فلا يهولنَّك يابن آدم قسوة الأحداث ، ولا شدة الإعصار ، فثق بالله ، فليس بمنقذ لك سواه . بل إن الغافل عن هذا الاعتقاد الباهر العظيم ليجد نفسه يجأر إليه سبحانه عند اشتداد الضر ، فيجد رب العزة والجلال قد كشف عنه الضرَّ والأذى مهما كان . أوليس الله هو القائل : ( ثُمَّ إذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فإليهِ تَجْأَرُون ) 53/ النمل .
وسوم: العدد 953