يوم الوفاء.. لا وفاء !!
هنادي نصر الله
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟؟ وهل جزاء الأوفياء إلا مبادلتهم الوفاء؟ من يفي بتطلعاتِ الصحفي المقاوم؟ ومن يمنحه الوفاء بالأفعالِ لا بالكلام؟؟!..
يعيشُ الصحفي الفلسطيني يتيمًا مشردًا بلا بيتٍ مهنيٍ يأويه من برودةِ التعاطي مع حقوقه؛ وسخونةِ القراراتِ العنصريةِ التي قد تُسيءُ لتضحياته ومواقفه المهنية، لا أحد يتذكره إلا في مناسباتٍ سنويةٍ عبر بياناتٍ أو احتفالاتٍ جوفاء، غالبًا ما يُرددُ فيها منظموها الشعارات البراقة التي تُدغدغ العواطف والمشاعر والأحاسيس، شعاراتٌ تبقى على الورق إلى موعدِ المناسبةِ في العام القادم، حيثُ يلجأ إليها المنظمون مرةً أخرى؛ ليزيلوا الغبار الذي تراكم عليها؛ ليُضيفوا إليها بعض التعديلات، التي تتناسب وطبيعة الظرف السياسي الذي يعيشوه..
حالٌ سيء؛ وتتكشفُ عورةُ سوءته مع كثرةِ المؤسسات الصحفية التي يقتصر دورها على الرعاية المهنية للصحفيين، دون أن يكون لها جهد حقيقي وملموس في تطويقِ أزمتهم ومحاصرةِ شتاتهم عبر توحيد جهودهم في بوتقةِ المصلحة الوطنية؛ مصلحةٌ تقتضي إشراك جميع الألوان في صناعة القرار الإعلامي الفلسطيني، بحيثُ لا يحتكره فصيلٌ بعينه، ولا يُشهر حزبٌ سياسيٌ سلاحه وناره في وجهِ من تملكتهم الشجاعة حتى النخاع؛ ليقولوا كلمة حق في وجهِ سلطانٍ جائر..!
تعيشُ الصحافة في فلسطين في حالةٍ رماديةٍ؛ يصعبُ فيها التفريق بين الأصول والفروع، بين الحقوق والواجبات؛ ذلك لأن ظاهرة التذمر والإستياء وعدم الرضا بل وفقدان الثقة بكل ما يمتْ بصلةٍ لنقابة الصحفيين، منتشرة بصورةٍ تدعو إلى الغرابة في صفوف الصحفيين القدامى والجدد وحتى الطلبة..
ما إن تسأل أحدهم عن نقابة الصحفيين؛ يرد ساخرًا" أهناك نقابة"؟؟ أين تقع؟ ولِمن؟ ..
على صعيدٍ آخر.. بعد محاولة صحفيي قطاع غزة أن يُصلحوا حالهم بإنشاء نقابة للصحفيين شارك في مجلس إدارتها صحفيو حماس والجهاد الإسلامي؛ فإن تجربتهم تسقطُ سقوطًا مدويًا؛ بشكلٍ خيّبَ آمال الصحفيين الذين شاركوا في ما سموه وقتها " بالعرس الصحفي الديمقراطي الحر"..عرسٌ سُرعان ما انفض؛ ليتناقل المعازيم فيما بينهم ـ وهم الصحفيون الذين انتخبوا مجلسهم ـ خبر وفاةِ من أسسوا بيتهم، ليس وفاتهم كأشخاص؛ بل وفاةِ خطواتهم العملية، قراراتهم الشجاعة، الوعود التي قطعوها على أنفسهم بأن يولوا الصحفيين الرعاية والإهتمام وأن يمنحوهم حقوقهم الضائعة منذ عقود..!
ذلك يدعوني إلى الجزمِ بأن كل الخيارات التي لجأ إليها الصحفيون لإصلاح حالهم الصحفي، وترميم بيتهم باءتْ بالفشل؛ فشلٌ عليهم أن يراجعوا أسبابه ويقتلعوها من جذورها، الأمر يحتاج إلى فعلٍ يُعبر عن قراراتٍ مسئولة، واضحة، فالصحفي الفلسطيني مازال يتوقُ إلى بيتٍ جديرٍ بثقته، احترامه، حبه، بيتٌ يُشارك في أنشطته، ويتحمسُ إلى تطويرها، لا فقط أن يُدعى لحضور الجمعية العمومية؛ فيُلبي متضايقًا وعلى بطء؛ بل يلهثُ من أجل أن تكون له بصمة كعضو يحترم عضويته قبل كل شيء، فهلْ تتضافر الجهود ويبدأ الصحفي مشوار الوفاء لنفسه أولاً بنفسه.. أولى خطوات الوفاء تبدأ من الصحفي ؛ ومن يخطو الخطوة الأولى بجرأة؛ سيتحمسُ للنهاية..
ويبقى السؤال أين وفاء في يوم الوفاء للصحفي الفلسطيني الذي يُصادف الحادي والثلاثين من شهر ديسمبر كانون الأول من كل عام، والذي أقرته الحكومة الفلسطينية في القطاع وفاءً لدماء الحركة الإعلامية في فلسطين؟؟؟