الشتامون السبابون
د.مصطفى يوسف اللداوي
أعجب ممن ينبري للشتيمة على النت، مسيئاً إلى من لا يعرف، متطاولاً على من لا يقدر ولا يحترم، لا يهمه سوى السب، أو التشويه والتجريح، ولا يحسن غير استخدام الكلمات البذيئة، والمفردات النابية، والأوصاف المنافية للأخلاق والقيم، والتي تتعارض مع الشهامة والنبل، ولا شئ فيها من المروءة والرجولة، مسفهاً كل رأي، ومستخفاً بكل فكرة، ومحتقراً كل عقل.
يشتم ويسب وهو ليس طرفاً فيما يقرأ، وربما لم يقرأ ما عقب عليه، أو لم يفهم ما قرأ، ولم يعِ المراد من النص، ولا المقصود من المكتوب، وقد لا يعرف الكاتب، ولم يسبق أن قرأ له، فلا يجد إلا أن يشتم ويسب، إذ لا رأي له، ولا فكر عنده، ولا عقل في رأسه، ولا ما يزين نفسه، ولا ما يرصع لسانه، ويصون شخصه.
وأسوأ منه، من يعمل في وظيفة الشتم، وينفذ تعليمات الجهلة، ويرضى على نفسه أن يكون عبداً مأموراً، أو بوقاً منفوخاً، أو طبلاً خاوياً، إذ يسخر قلمه الردئ، ولسانه البذئ، خدمةً لمصالح غيره، ممن لا يحسنون استخدام القلم، ولا يجيدون صياغة الكلمة، ولا يعرفون معنى الرأي، ولا قيمة الفكر، ولكنهم يملكون قدراتٍ كبيرة في فنون التشبيح والبلطجة، والتشويه والإساءة والعربدة، وقد يملكون مالاً يعمي أو مناصب تغري.