12 ساعة... شكراً أليكسا
انتصار العبدالله ضويحي
في تجربة فريدة في عصر التكنولوجيا الحديثة... 12 ساعة دون كهرباء في موجة "اليكسا" الثلجية...
في ذلك المساء حين يتسلل البرد إلى أطرافك دون أن تسطيع صدّه أو حتى التخفيف من حدته.. ودون وسيلة للتدفئة سوى صوبة غاز تحاول أن تعانقها لتبعث فيك أكبر قدر من الدفء... حينها تستذكر شعب الخيام.. وشتان بين حالنا وحالهم..
فمن يضمه منزله لا يمكن ان يقترب أبداً في حاله ممن لا يجد سوى خيمة تؤويه لا تقي برداً ولا تصد رياحاً...
تفاصيل صغيرة قد تغيب عنا في زحمة الأحداث..
مجبر على استخدام المياه الباردة واحتمال قساوة برودتها التي تنخر العظام .. فلا حل آخر لتجنب ذلك ولا وسيلة متاحة لتدفئتها... ولا أزال حتى هذه اللحظة أحاول أن أتصور كيف لطفل صغير بعوده الغضّ أن يحتمل ما لم يستطع الكبار بجَلَدهم احتماله ... وأتساءل كيف لأهلنا في الخيام أن يتأقلموا مع هذا الحال لأيام متتالية؟!!
وعندما يحل الظلام...وتغيب الشمس.. تطل علينا "الشمعة" وسيلة الاضاءة الوحيدة المتاحة ... هذا إن توافرت... لتصبح عندها المرافق لك في تحركاتك وتنقلاتك فتسمح لك بأدنى مدى من الرؤية التي تفتقدها... هذا في منزلنا...أما في الخيام فلهيب نار الشمعة لن يصمد أمام العواصف المتتالية التي تهبّ دون سابق إنذار... لذا فالتفكير في الشمعة كمصدر إضاءة أمر مستبعد...
واستكمالاً لسيناريو ال 12 ساعة فلا بد لك من تجربة العزلة شبه التامة عن ما حولك... حيث التقنيات إنما هي فرط من الرفاهية التي لا يحق لك أن تتمتع بها.. فلا انترنت ولا تلفاز وقد تصل إلى حالة "لا هاتف" أيضاً.. وحينها تستشعر معنى أن يكون أهلك القاطنون في المخيمات قد تخلوا حتى عن الكثير من الأمور الأساسية والضرورية لأنها أصبحت مدرجة لديهم تحت قائمة الرفاهية.
ويزيد المعاناة .. غياب دفء الوطن وفقدان الأهل وخيبات الأمل من خذلان الإخوة ومن كان يعوّل عليهم..
أهلنا في الخيام.. مهما كان ما مررنا به في 12 ساعة اهدتنا إياها "اليكسا" حتى نستشعر معاناتكم.. فلن تكون سوى غيض من فيض لما تعيشونه في كل يوم..
وتبقى حقيقة ... من سمع ليس كمن عايش...