وآمل أن يكون الغد أفضل
وها أنا أردّ عليكِ من خلف جدران العراك اليومي الذي نشهده لأجل البقاء ! ولأجل أيام جميلات يعود إليها ربيعُ فرحتنا بما نملكه من إيمان بربنا ، ومن سعة في فسحة الأمل التي لاترضى بعتمة الأشجان ، ولا بقلق الأنفس التي تتحرى مواطن الفرج القريب . أنا بخير بل وفي أحسن حال ، فأنا وهبني ربي القدرة الفائقة لدفع رياح اليأس إذا هبَّت في ليل بهيم ، أو أطراف نهار حجبت الكآبةُ أنوارَه التي تملأ أعنان الوجود . فقد أدركت معنى أن ننطق الكلمة ونعي معناها ، ونؤمن بمقتضاها . لست أدري متى وصلتُ إلى هذه المرحلة من النضج والاستيعاب والرضا بما أراد الله .
قلّ حديثي وإنصاتي، وأعرف أنك تضحكين هذه اللحظة . فكم كنت أعشق الثرثرة والجدال في وقت مضى . كنت مستمعة/ متحدثة جيدة لكني صحوت ذات صباح بفكر/ مزاج مختلف ، واكتفيت برسم ابتسامة على وجهي والمضي. نسيت أن أخبرك أني توقفت عن وضع المساحيق ، تلك التي تُجمّل مايصعب قوله عارياً ، وبات حديثي قاسيا/ جافا بدون رتوش! خسرت الكثير ... بل أكثر مما تتوقعين ، وكان وقع خسارتي موجعا في البداية . لكني تخطيت ذلك فـخسارتي أصبحت ربحاً وأصبحت أفضل ولله الحمد . تقلصت علاقاتي وازدادت وحدتي اتساعا ، ما عدتُ أُجادل وأشن الحروب لإثبات حقيقة / وجهة نظري . لأني ومع مرور الوقت اكتشفت أن الحال يبقى على ماهو عليه - لاشيء يتغير مالم يقدر لنا تغييره ــ
فكانت حروبي غالبا نتائجها محسومة. ورغم علمي مسبقا بذلك إلاّ أني ما كنتُ أُصاب باليأس ، وهذا من فضل الله عليَّ وعلى الآخرين . أشارك بتلك العلاقات الاجتماعيه التي نُرغم على الخوضفي تفاصيلها ، ونتبادل تلك اللقاءات التي نعبّر من خلالها عن تفاهاتنا التي نسميها زورا منطقية . ننتقد هذا ونسخر من ذاك ! عجباً كيف كنت أعيش تلك الحياة!!!
أقول لك اليوم : حاولي فعل ذلك عزيزتي لا تجادلي ولا تثبتي وجهة نظرك مهما كنت محقه! ولكن لاتبتسمي لمن يكذب ، فبعض الأقنعة بشعة وحقيقتها أبشع . وطالما أنك لا تملكين تغيير القُبح ، فلا تتكبدي عناء إسقاط أقنعة من حولك . لازالت حواراتنا القديمة ترن في أذني ، فبعضها ربما كان إلهاما من صفاء قلوبنا وصدق نوايانا ، لقد تأملتُ كثيراً . واستوعبت أيضاً أن دوام الحال من المحال . أعيش اللحظة وآمل أن يكون الغد أفضل ، أشخص ببصيرتي إلى مسافة أشعر أنني من خلالها سأرى خفقاتِ فجرٍ وضيء يملأ روحي فرحا غامرا لاأقدر على وصفه ، ولا أتردد في كبح جماح ماضٍ بتفاصيله وأخطائه وعثراته ، فبيئة الزور ــ أختي الفاضلة ــ لاأريد لها أن تعيش في بيئتنا الراشدة الآمنة ، وَلْتَبْقَ رسائلنا وئيدة في دروب حياتنا الاجتماعية التي لانرضى بغيرها بديلا . حيث لم يرغمنا السأم للعودة إلى دائرة الاستكانة لمنابت الشر والأذى ، ولن نعبأ بما أصابنا من إعياء . فدائما كوني قريبة. سأنتظر رسائلك فلا تغيبي أنت عني . وانتظريني فلن أتقاعس عن طيِّ مسافات الهجير الذي تعرفينه بشكل جيد !
أراجيزنا الجميلة الهادئة مازالت تحدثنا عن نتائج خطوات وفائنا لمجتمعنا الكريم ، وتسجل لنا في دفتر نتائجنا المقبلة ــ بمشيئة الله ــ أسماء القيم السامية التي كانت أمتنا تملكها قبل هذا الطوفان المفزع . أوفياؤُها الصَّالحون جادون في تحصين منطلقاتهم بإخلاص وطمأنينة ، ومجموعات النشء المبارك لم تغفل عن واجب ، ولم تغب عن مشوار يتقنون فيه محاسن صناعتهم . وهاهم تتزايد أعدادهم في ميادين نهضة جديدة أصيلة الجذور ، ثقي بما قدَّر الله لنا فلن يضيعنا ربُّنا وهو أرحم الراحمين . فالكون كونُه ، والملك ملكه ، والشمس تشرق وتغيب بإذنه . وماذا سيكون لمَن لايؤمن بالله ، هل سيأتي بالشمس من المغرب ؟ لا وربي لن يستطيع ، وبُهت الذي كفر ، والله لايحب الظالمين .
وسوم: العدد 988