الحياة السعيدة
قد تكون الحياة بلا عنوان، و قد تكون الحياة بلا طعم، و قد تكون الحياة بلا معنى؛ حين تفرغ الحياة من لوازمها، و قيم ديمومتها و استمرارها، تكون بلا طعم حين تختزل الحياة في عملية تكاثر بيولوجي ، و في إشباع نزوات و رغبات ، تكون النهاية لحد و طين ، في مثل هذه الحالة تكون الحياة بلا طعم و بلا معنى ، حين تنزل رتبة الكائن المكرم دون مراتب الاستخلاف ، و دون تبؤ مراتب الخيرية التي من أجلها كان الخلق و التكريم .
إن طعم الحياة يكون حين يعيش الكائن حياته يحمل مبدأ و رسالة، يحمل أفكارا، يعيش من أجل تجسيدها في واقعه ، يصنع من تلك الأفكار مشاريع حية ، يوفر لها عوامل نجاحها ، يتفاعل مع محيطها ، يبذل الجهد و يقاوم ، و يتحدى العوائق ، لا يستسلم للظروف الصعبة التي تحد الحركة و تضعف العزيمة ، فلا يصرف النفس للتوافه فيتنازل ، فيصرف نفسه لأهداف صغيرة ، فتصغر همته ، بل الواجب أن يتحدى الواقع ، فيرسم له أهدافا طموحة ، تتناسب مع قدراته و استعداداته.
إن طعم الحياة يكون حين نرسم لأنفسنا دفاتر شروط لا نحيد عنها ، و لو جابهتنا الدنيا ، فتكون حياتنا حياة طاعة لله ، نحيا لتكون حياتنا رهن تلك الغاية الكبيرة ، حتى يكون للحياة طعم علينا أن نحيا لنسعد أنفسنا و نسعد من حولنا ، فنبذل الوسع من اجل إدخال سرور على كل نفس إنسانية ، إن طعم الحياة أن نجعل من العمل سنة في الحياة ، فالأجر بالعمل و النجاح بالعمل ، و تجاوز المشكلات بالعمل ، و إثبات الذات و تحقيق رفاهيتها يكون بالعمل .
و أن طعم الحياة أن نعيش حياة اللطائف و الذوقيات ، فتكون لحياتنا طعم حين نعيش حياة البساطة بين الناس ، نحيا بالتواضع بين الناس ،حين يزين حياتنا خلق الرحمة ،حين نعيش حياتنا بنقاء السرائر ، نعيش حياتنا بالتغافر و التسامح ، نعيش حياتنا بحسن الظن ، تلك هي الحياة التي لها طعم و من أجلها يعيش السعداء.
وسوم: العدد 991