الخاطرة ٣٢٠: فلسفة تطور الحياة الجزء (٢٧).. الطيور
خواطر من الكون المجاور
في المقالة الماضية ذكرنا بأن مراحل تطور الحياة ما قبل ظهور الإنسان تمثل مراحل نمو الإنسان ، فالمرحلة الأولى من تطور الحياة هي المرحلة المائية والتي بدأت بظهور كائنات وحيدة الخلية وإنتهت بتكوين الأسماك ، هذه المرحلة تمثل مرحلة تكوين الجنين في رحم المرأة . أما المرحلة الثانية من تطور الحياة والتي بدأت بظهور الحيوانات البرمائية فهي تمثل المرحلة من لحظة ولادة الإنسان حتى إنتهاء مرحلة الرضاعة . أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة ظهور الزواحف والتي تمثل مرحلة الطفولة ما بعد سن الرضاعة . أما المرحلة الرابعة فهي مرحلة ظهور الثدييات وهي تمثل مرحلة المراهقة . المرحلة الخامسة وهي مرحلة ظهور الطيور والتي تمثل مرحلة سن الرشد عند الإنسان. وفي هذه المقالة سنتكلم عن هذه المرحلة (مرحلة الرشد) والتي للأسف اليوم لا علماء الحيوان ولا علماء التطور قد إستوعبوا الحكمة الإلهية من ظهور الطيور وتطورها وكذلك سبب وجودها من حولنا ودورها في فهم المخطط الإلهي في التطور الروحي للإنسان.
في المقالة الماضية عندما تكلمنا عن تطور جهاز الحركة في الثدييات ذكرنا أن هناك حيوانات ثديية تمتلك الأجنحة أو ما يشبه الأجنحة تسمح لها بالطيران والتنقل في الجو . وقلنا بأننا سنتكلم عنها في مقالة الطيور لنستطيع فهم الفرق الروحي بينها وبين الطيور ، ولهذا سنتحدث اليوم أولاً عن ميزات الطيور ثم عن ميزات الثدييات الطائرة لفهم الإختلافات بينها.
بداية ظهور الطيور حدث بعد حوالي /٤٥/ مليون من ظهور الثدييات . الثدييات كما ذكرنا سابقا بأنها تمثل القسم السفلي (الكائن الغريزي) من جسم الإنسان ، أما الطيور فتمثل القسم العلوي (الكائن العاطفي) من جسم الإنسان . وكما ذكرنا في مقالات ماضية بأن نوعية العلاقة بين الذكر والأنثى (عفة - زنى) له أهمية كبيرة في تحديد نوعية جهاز الحركة عند الحيوانات . هذا القانون يظهر بشكل واضح أيضا عند الطيور . فطالما أن الثدييات تمثل القسم السفلي لجسم الإنسان لذلك نجد أن /٩٥%/ من أنواع الثدييات تكون العلاقة بين الذكر والأنثى في موسم التزاوج وما بعده عبارة عن علاقة هشة كونها تحصل بدافع غريزي بحت هدفه إشباع الرغبة الجنسية فقط . أما في الطيور فالأمر معاكس تماما فنجد أن /٩٥%/ من أنواع الطيور هي "أحادية الزوجة" ، فهناك العديد من الأنواع في الطيور تكون العلاقة بين الذكر والأنثى علاقة قوية جدا تستمر مدى الحياة ولا يفرق بينهما إلا الموت . هذا الموضوع سنتكلم عنه بشيء من التفصيل بعد قليل .
بما أن الطيور تمثل مرحلة الرشد في الإنسان ، لهذا نجد أن عالم الطيور أرقى روحيا بكثير من عوالم جميع بقية الحيوانات ، فأهم شيء يميز الطيور عن بقية رباعيات الاطراف هو نمو حسها الجمالي والذي تستخدمه كعنصر أساسي في موسم التزاوج ولهذا نجد أنها قد إكتسبت المقدرة على الطيران وسميت بأسم (طيور) . فالمقدرة على التحليق في السماء هي رمز روحي تعني الحركة نحو الأعلى أي صعود الروح نحو الأعلى للعودة ثانية إلى الوطن الأم الجنة .
إذا تمعنا جيدا في تلك الفروقات في شكل الأطراف (جهاز الحركة) بين الطيور وبقية أنواع رباعية الأطراف التي يذكرها العلماء المتخصصين ، لن نجد فروقات كبيرة ، فنسبة الشبه فيما بينها -حسب رأيهم - أكثر من تلك الإختلافات ، فالأطراف الخلفية في الطيور قد ظلت كما هي تقريبا في الزواحف والثدييات، أما الأطراف الأمامية فقد تحولت في الطيور إلى أجنحة . هذا الإعتقاد خطأ فادح ، فقد يبدو الأمر كذلك باستخدام رؤية مادية سطحية ، ولكن برؤية شاملة ترى التعبير الروحي في شكل الأطراف فالأمر مختلف تماماً . فكما ذكرنا في المقالة الماضية بأن الحصان هو أفضل من يمثل الثدييات ككائن سفلي (غريزي) بشكله الإيجابي ، وذلك كون كل طرف من أطرافه الأربعة قد تحول إلى أصبع واحد ، بمعنى أن الأرجل الأربعة في الحصان قد تحولت إلى أربعة أصابع وذلك بسبب عدم حاجة الحصان لقدم تحوي على خمسة أصابع ، فالأصابع الخمسة -كما ذكرنا في المقالة الماضية- تمثل الحواس الخمسة ، والأصابع في الأطراف الأمامية في البرمائيات عددها أربعة وليس خمسة وكونها لا تمتلك المخلب والذي يمثل الرجل الأولى في مفصليات الأرجل التي تمتلك في مقدمته الملقط (رمز أداة القتل) . أي أن الحصان لا يحوي على هذه الأداة ولهذا هو حيوان مسالم يتغذى على النباتات . وهذا يعني أن كل قدم في الحصان تمثل رمز لحاسة مادية واحدة لها هدف واحد وهو حمل الجسم والتنقل من مكان إلى الآخر لتأمين الحاجات المادية للجسم من أجل الإستمرار في الحياة .
أما في الطيور فنجد أن معظم انواع الطيور تمتلك في أرجلها أربعة أصابع أو أقل ، أما الأصبع الخامس فهو الذي تحول إلى جناح . فالجناح في الطيور كتعبير روحي لا يُمثل الأطراف الأمامية في رباعية الأطراف ، ولكن في الحقيقة يمثل الرجل الأولى في مفصليات الأرجل والتي تمتلك الملقط. فهذا الملقط في الطيور قد تحول من أداة قتل إلى أداة هروب والصعود نحو السماء . ولهذا نجد في طائر هواتزين (الصورة) والذي يُعتبر طائر بدائي أن أجنحة فراخه تمتلك مخلبين في كل جناح ، هذان المخلبان هما في الحقيقة رمز الملقط يساعدانه في التشبث بالأغصان والتنقل ، ولكن مع نمو الفرخ ونمو الأجنحة يختفي هذان المخلبان بشكل تدريجي ويتحول الجناح وكأنه أصبع واحد .
من أهم تلك الفروقات التي تميز الطيور عن غيرها من رباعيات الأطراف هو وجود الريش الذي يغطي جسمها . حيث الريش في الحقيقة هو بمثابة تلك الثياب التي يرتديها الإنسان ليس فقط ليستر عورته بها ولكن أيضاً ليضيف نوع من الجمال على مظهره ليُعبر به عن شخصيته أو بمعنى أدق ليعبر به عن نوعية تلك الروح التي تكمن في داخله . فنجد أن التعبير الروحي في عالم الطيور من خلال شكل الريش وتناسق الألوان يُعتبر عالم غني جدا بعكس عالم الثدييات الذي يُعتبر عالم فقير في التعبير الروحي . فالطيور تمتلك ريشا بأحجام مختلفة وبألوان متنوعة زاهية تُميزها عن غيرها وتجعلها الأجمل على الإطلاق بين بقية الحيوانات . فوجود هذا التنوع اللوني في عالم الطيور لا يدل سوى على رقي الحس البصري لديها ، والموضوع هنا لا يتعلق بقوة حاسة البصر بشكلها المادي ولكن بشكلها الروحي (البصيرة).
الميزة الأخرى التي تمتلكها الطيور أيضا هي نمو التعبير الصوتي ، حيث وصل الأمر في الطيور إلى مرحلة راقية جدا ، فمعظم الطيور تستخدم صوتها في التعبير ، وهناك أنواع من الطيور تمتلك صوتا موسيقيا جميل يمكنها به تشكيل ألحان جميلة عذبة تنطرب لها أذن الإنسان كالبلبل والكناري والحسون وغيرها . وهناك أنواع أخرى تمتلك القدرة على تقليد معظم الأصوات والكلمات التي تسمعها كالببغاء والمينا . فهذا التنوع الصوتي في التعبير في عالم الطيور يدل على رقي الحس السمعي في عالم الطيور ، وهنا أيضا لا نقصد بشكله المادي ولكن بشكله الروحي .
ميزة أخرى تمتلكها الطيور وهي الإبداع الهندسي في صنع الأعشاش ، فهناك طيور تبني العش بطريقة مذهلة ومعقدة وكأنها قد درست فن البناء والعمارة ، كطائر الفرن ، والحايك ، وعصفور البندول .... وغيرها . فوجود هذا الإبداع الهندسي في عالم الطيور يدل على شدة نمو الإحساس بجمال مكان المسكن الذي يجب على الصغار أن تنمو وتترعرع في داخله . فصحيح أن أنثى الثدييات قد يبدو أنها تمتلك جهاز تناسلي أرقى من الطيور كونها تحمل جنينها في رحمها حتى يكتمل نموه ، ولكن هذا النوع من الحمل يؤمن للصغار حماية مادية فقط . أما في الطيور فالأنثى تبذل جهدا أكبر في تأمين ليس الحماية المادية ولكن أيضا الحماية الروحية ليعيش صغارها في عالم روحي أرقى .
ميزة أخرى أيضا تمتلكها معظم أنواع الطيور وهي البراعة في الطيران كالنسور . فقد تبدو هذه الميزة وكأنها لا علاقة لها بالتكوين الإنساني ، ولكن هذا غير صحيح ، فميزة البراعة في الطيران وتحقيق التوازن في الجو تلعب دور كبير في نمو الطفل ، فالقسم العلوي في جسم الإنسان هو عبارة عن طير ، ولهذا يحاول الطفل منذ الشهور الأولى من ولادته التعلم على الوقوف منتصبا على رجليه ، فوجود القسم العلوي من جسمه بشكل مرتفع عن الأرض يُعطيه الشعور بوجوده في عالم السماء وليس عالم الأرض ، حيث وجود هذا الشعور في الإنسان دفع بعض الناس بشكل فطري إلى محاولة إختراع طريقة يستطيع بها الطيران والتحليق في السماء فتوصل في النهاية إلى إختراع الطائرة ، وكذلك إلى حبه الشديد لتعلم الطيران والعمل في هذه المهنة .
إن نوعية جهاز الحركة في الطيور تتبع قانون إلهي يُفسر لنا أمور عديدة في جمالية السلوك ، وجمال السلوك يتعلق بشكل مباشر بنوعية العلاقة بين الذكر والأنثى . هذا القانون له عدة أشكال بحسب نوعية العلاقة بين الذكر والأنثى في كل نوع من الطيور . فالقانون العام يقول بأن كل أنواع الطيور التي لا تستطيع الطيران هي من الطيور التي تكون فيها العلاقة بين الذكر والأنثى علاقة هشة ، أو متعددة الزوجات ، أو أن الذكر في كل موسم تزاوج يتزاوج مع أنثى مختلفة . (فلسفة تعدد الزوجات في الإسلام) تكلمنا عن أسبابه وشروطه بشكل مفصل في مقالات ماضية ، ولهذا أتمنى من القراء العودة لهذه المقالات حتى لا يسوء فهم القصد من مقالة اليوم) .
جميع أنواع طيور الببغاء -مثلاً- هي أحادية الزوجة وجميعها تتميز باستئناسها وبهجتها ، وربما أفضل مثال على جمال وشدة العلاقة بين الذكر والأنثى هو الببغاء المعروف بأسم (طيور الحب) ، فهذه الطيور تختار شريكها في عمر الشهرين. حيث يقضون بقية حياتهم معًا ، يغردون بسعادة ويداعبون بعضهم البعض. ويتشاركون في الحضانة ورعاية الصغار . ولهذا فإن جميع أنواع الببغاء تمتلك القدرة على الطيران ، ولكن هناك فقط نوع واحد من الببغاء وهو ببغاء كاكابو الذي لا يمتلك القدرة على الطيران . حيث يتميز هذا الطائر بإنعزاله ، فبعد انتهاء عملية التزواج يتخلى ذكر ببغاء الكاكابو عن الأنثى ويعود لعزلته ، ويترك الأنثى بمفردها لتقوم بعملية حضانة البيض ورعاية الصغار . فصفة عدم مشاركة الذكر في رعاية الصغار جعلت هذا النوع من الببغاء يخسر مقدرته على الطيران .
بشكل عام فإن كل طير ذكر يستخدم جمال القسم السفلي من جسمه وخاصة الذنب ، كأداة لجذب الأنثى للتزاوج معها في موسم الزواج فإن الذكر لا يشارك في صناعة العش أو الحضانة أو في رعاية الصغار . وغالبا معظمها غير قادرة على الطيران . وأفضل مثال على هذا النو ع من الذكور هو طائر الطاووس والمعروف بشدة جمال شكل وألوان الريش في ذنبه والذي يتباهى به أمام الإناث في موسم الزواج . ولهذا نجد أن الطاووس هو متعدد الزوجات ، فهو بعد تلقيح الأنثى يتركها بمفردها لتقوم بعملية حضانة البيض ورعاية الصغار ، ولهذا فقد الطاووس المقدرة على الطيران . الطاووس ينتمي لفصيلة التدرجية ، حيث ذكور جميع أنواع هذه الفصيلة تمتلك ذنب طويل ملون وسلوكها مشابه لسلوك الطاووس ، فقط نوع واحد من هذه الفصيلة وهو طائر الحجل ، حيث الذكر يملك ذنب قصير وبدون ألوان زاهية ، ولكنه أحادي الزوجة حيث بعد التزاوج يبقى مع الأنثى ويساعدها في رعاية الصغار ، ولهذا فهو يشذ عن القاعدة التي تتصف بها أنواع هذه الفصيلة ، ولهذا طائر الحجل هو النوع الوحيد من هذه الفصيلة الذي يمتلك القدرة على الطيران .
هناك قانون آخر في خلق الطيور وهو وجود القضيب كعضو تناسلي عند الذكور . القضيب في الحقيقة هو رمز الإتحاد المادي بين الذكر والأنثى ، فهذا الإتحاد هو من النوع الداخلي ، ولهذا نجد أن ذكور جميع الثدييات تمتلك قضيب ، كونها تمثل الكائن السفلي (الغريزي) . أما في الطيور فإن ذكور معظم الأنواع لا تمتلك القضيب ، كون الطيور تمثل رمز الكائن العلوي حيث الإتحاد بين الذكر والأنثى فيها يكون من النوع العاطفي . ولكن هناك بعض الأنواع من الطيور حيث ذكورها تمتلك القضيب . فطالما أن القضيب يمثل العشق الجنسي (الغريزي) لهذا فجميع هذه الأنواع التي ذكورها تمتلك القضيب هي إما طيور غير قادرة على الطيران ومنها قديمات الفك (التناميات والنعاميات) ، وإما أنها تستطيع الطيران ولكنها طيور مائية كالطيور البطية (البط، والأوز والبجع)،وعدد قليل جدًا من الأنواع الأخرى ، منها النحام الوردي .. فإمتلاك هذه الذكور للقضيب والذي يرمز إلى العشق الجسدي وليس الروحي ، هو الذي فرض على أفراد هذه الأنواع أن تعيش بقرب الماء وليس في الأماكن المرتفعة مثل الأشجار أو الجبال . بمعنى أن العشق الجسدي سيدفع إلى العيش في مستوى روحي منخفض أقل شأناً من العشق الروحي .
أما بالنسبة لأنواع الطيور التي ذكورها تستخدم جمال صفات القسم العلوي لجذب الإناث في موسم التزاوج ، مثل جمال الصوت ، وبراعة تقليد الأصوات ،وكذلك البراعة في الطيران ، والبراعة في هندسة العش ، فمعظمها تُعتبر أحادية الزوجة ، حيث الذكر بعد التزاوج يبقى بقرب الأنثى ليساعدها في رعاية الصغار ، ولهذا فجميع أنواعها تمتلك القدرة على الطيران . كالنسور والببغاوات والبوميات والعصافير وغيرها من الطيور .
بعد شرح ميزات عالم الطيور ، سنحاول شرح عالم الخفافيش لنرى كم هو مناقض لعالم الطيور . فللأسف بعض العلماء يعتبرون أن الخفاش هو أكمل الكائنات الطائرة خلقًا، كونه له ثدي وأسنان وأذن ، ويطير من دون ريش، ويلد كما يلد الإنسان ، ولا يبيض كما سائر الطيور، ويحيض كما المرأة، وله ضرع يخرج منه اللبن . فجميع هذه الميزات هي ميزات تدل على رقي في تكوين الكائن الحي . ولكن في الحقيقة هذه الميزات هي مادية بنوعية فقيرة كونها تتعلق بالجسد فقط . فإذا تمعنا جيدا في شكل الخفافيش كتعبير روحي وفي نوعية سلوكها فسنجد أن سلوكها وشكلها هو أشبه بتلك الصفات التي ذكرها التراث الشعبي عن الكائنات الشريرة أو ذات روح السوء . فجهاز الطيران عند الخفاش يختلف نهائيا عن جهاز الطيران في الطيور ، فالجناح في الطيور منفصل عن الأرجل وتقوم به الأطراف الأمامية ، كنوع من تعبير روحي له معنى أن جهاز الطيران في الطيور تابع للقسم العلوي (العاطفي) ، بينما في الخفافيش فنجد أن الجناح متصل بالأطراف الخلفية كنوع من تعبير روحي له معنى أن القسم السفلي (الغريزي) يشارك في عملية الطيران .
أيضا من الصفات القبيحة في الخفاش هي أنه حيوان ليلي ولا ينشط إلا في الظلام ، فالخفاش رغم أنه يمتلك عينين وأنه ليس أعمى ولكن حاسة البصر لديه ضعيفة جدا ، حيث أنه يستخدم أذنيه بدلا من عينيه ليرى ما حوله ، فهو يملك نظام الرادار في أذنه يستخدمه لتحديد مكان الطعام أثناء طيرانه في الظلام الدامس، حيث يصدر الخفاش نبضات صوتية قصيرة لها تردد عال فوق قدرة الإنسان أن يسمعها بأذنيه. فتنتشر موجاتها أمام الخفاش الطائر ، فترتطم بأي شيء موجود في طريقه فترتد الأصوات كصدى فيقوم دماغ الخفاش بترجمتها بسرعة فيستطيع تقدير بعد المسافة بينه وبين هذا الشيء وكذلك يقوم بتحديد سرعته وحجمه فينقض عليه إذا كان من الأشياء التي يتغذى عليه ، أو يدير اتجاهه متجنبا الاصطدام به .
من الصفات القبيحة أيضا أن ذكور جميع أنواع الخفافيش لا تشارك الأناث في رعاية الصغار .
أيضا من الصفات القبيحة في الخفاش أنه حيوان شره جدا للطعام ، فالخفاش يستطيع أن يأكل حتى يصل إلى ضعف وزن جسمه في الليلة الواحدة ، وهو الحيوان الوحيد من رباعيات الأطراف الذي يقوم بامتصاص دم فريسته .
الطيور كما ذكرنا قبل قليل هي أجمل الكائنات الحيوانية لما تمتلكه من جمال شكل ريشها وجمال ألوانها وأصواتها ، بينما الخفافيش فهي من أبشع أنواع رباعيات الأطراف ، فألوانها غالبا قاتمة وباهتة شبيهة بالفئران ، ولها في رأسها بعض الزوائد تجعل شكل رأسها قبيح جدا وكأنه رأس شيطان (كما توضح الصورة) .
وبسبب قباحة الخفاش في كل شيء ، نجد أن الحكمة الإلهية فرضت عليه أن يعيش في الظلام ، وفي النهار أن ينام في أماكن مظلمة بوضع مقلوب ، حيث ينام الخفاش متعلقا برجليه ورأسه في الأسفل . فهذه الطريقة في النوم ليست صدفة ولكن تعبير روحي لها معنى أن السعي إلى تنمية الصفات المادية فقط دون تنمية الصفات الروحية ستجعل صاحب هذا السلوك أن يدفع مصيره نحو الأسفل ، نحو المستوى الأدنى ، والذي أسميناها في مقالات ماضية (التطور السلبي) .
صحيح أن الإنسان كائن ثديي ويمتلك أجهزة داخلية فيها شبه كبير مع أجهزة الثدييات ، ولكن القسم الراقي منه لم يتطور من الثدييات ، ولو كان حقا أصل الإنسان قرد لظل الإنسان حتى اليوم يعيش في الكهوف . فميزات العالم الإنساني قد أتت من عالم الطيور . فأهم ميزة يعتمد عليها بناء الحضارات هو الحس الجمالي ، وهذا الحس مفقود في عالم الثدييات وموجود فقط في عالم الطيور . الإنسان بلا إحساس جمالي ستجعله كائن لا يختلف عن القردة أو بقية أنواع الثدييات. والنصوص الدينية تؤكد على ذلك ومنها الآية الكريم {... وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (١٦) النمل} . فالإنسان في الحقيقة هو طير ثديي ، وليس ثديي طائر كالخفاش .
...... يتبع...
وسوم: العدد 1005