مصرع الباطل وعُلُوُّ الحق
(وَأَوۡحَیۡنَاۤ إِلَىٰ مُوسَىٰۤ أَنۡ أَسۡرِ بِعِبَادِیۤ إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ( الشعراء 52
أراد الله تعالى الخير بسيدنا موسى وقومه وكتب لهم الخروجَ من مصر والحريةَ ، فقد ظلمهم فرعون واستعبدهم؟
فكان الخروج في الليل، فلا قمر ، واستضاءوا بجثة سيدنا يوسف ، وكان يوسف عليه السلام قد وصّى الناس وهو على فراش الموت أن يحملوه معهم في خروجهم إلى الشام( والقصة معروفة تجدها في كتابي " قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم) وتجدها في كتب الحديث.
ووصف اليهودَ بالعبادِ لأن معظمهم كانوا مؤمنين بموسى عليه السلام ينشدون العيش الكريم والانعتاق من الاسر،
وكان المولى سبحانه وتعالى يريد إغراق فرعون وجيشه ، فأخبر موسى أن فرعون سيتبعه لتكون في البحر نهايتُه ، فكلمة( إنكم متَّبعون ) إخبار لموسى بملاحقة فرعون لهم يريد استئصالهم ، والله تعالى يستدرجه لذلك
لحق بهم فرعون حين أخبرته عيونُه بخروجهم، وحشد كل جيوشه ( فأرسل فرعونُ في المدائن حاشرين) ، فكيف يحشر لهم ما استطاع وكان قد اّدّعى أن موسى عليه السلام وقومه ( شرذمة قليلون) ؟! إنه الكره والحقد الاسود الذي يعتمل في قلبه المربَدِّ، يريد أن يستاصلهم عن بَكرة أبيهم، لقد صرح فرعون بكرههم حين أخبر القرآن عنه إذ قال: ( وإنهم لنا لغائظون) ولِمَ يغتاظ وهو وأمثاله في كل زمان ومكان يدّعون الديموقراطية !
يكشف حقدَه قولُه ( وإنا لجميع حاذرون) فهو ومَلـَؤُه يحذرون أن يتابع موسى غيرُ اليهود ، وقد رأى فرعونُ رجلاً من آل بيته يعلن إيمانه بدين موسى، وجاء يحذِّره من بطش فرعون وقومه ( فاخرج إني لك من الناصحين)
وحين يَسرُون في عتمة الليل ، ويسمع قومه متابعة فرعون، بل يرون مقدمة جيشه قالوا يائسين ( إنا لمُدركون) فاصابهم الخوف والهلع وأيقنوا بالهلاك. فقال لهم موسى قول الواثق بربه ، المعتمد عليه، العامل بأمره (كلّا إن معي ربي سيهدين) ومن المنطقي حين أمر الله تعالى موسى بالهجرة أخبره أن فرعون سيلحق به ( إنكم مُتّبعون) ولن يدركه أبداً، بل سيدرك فرعونَ أجلـُه غريقاً وجيشه جميعاً، فللظلم نهاية قاصمة
وكانت نهاية الظلم والظالمين قصة تُتلى : عظمةٌ كاذبة دعته إلى غرقٍ يُسطّرُه التاريخ قرآنا يُتلى، وجثماناً يُحفظ في متاحف الأمم تتناقله / مومياءَ محنّطة/ هنا وهناك ليعلم ذو الألباب أن الحق يعلو في سماء المجد وأن الباطل يهوي إلى مزابل التاريخ. فهل من متعظ؟!
وسوم: العدد 1043