الوطن الماكر

إلى الوطن الذي أحببته وخدمته ربع قرن، فتنكر ليٌ ولمواطنتي ولخدمتي، باعني وباع الكثير ممن أحبوه وخدموه وضحوا من أجله بأخس الأثمان.

وطن ناكر للجميل! وأقول له بكل أسف بأن الوطن الحقيقي هو الوطن الذي يحتضنك وليس الوطن الذي يهجرك! والحاكم الحقيقي هو الذي يمد لك طوق النجاة لا أن يترك تغرق وهو يتفرج عليك.

هل يلام أحمد مطر عندما وصف وطنه الضال العراق" ألا تف على هذا الوطن والف تف"؟ لكن نقول لمطر ليس تف على هذا الوطن! بل تف على أصحاب العمائم التي تخفي تحتها أعتى الشياطين.

تف على الرئيس الأمريكي بوش الذي سلم العملاء الأوغاد قيادة البلاد،

تف على الخامنئي الذي أرسل اوغاده ليحكموا العراق، وعلى العملاء الذين باعوا شرفهم، واغتالوا ضمائرهم، قبل ان يغتالوا الشرفاء والوطنيين العراقيين.

تف على حكومة العمالة التي تنحصر كفاءتها بالقتل والسرقة والفساد وإثارة الفتن الطائفية والقومية.

تف على الأصنام الأربعة التي ابتلى العراق بهم.

تف على البرلمان العقيم الذي عجز عن تخصيب الحكومة.

تف على الوقف السني بقيادة الوقف الشيعي، المشغول بالسحت الحرام. ألا تف عليكم جميعا وألف تف.

خذ هذه الحكمة، وما عاد للحكم والمواعظ من نفع!

أمر أحد الملوك بتجويع 10 كلاب ضارية، لكي يطعمهم من يخونه من الأمراء وكبار الدولة والرعية. فحدث إن أخطأ أحد كبار وزرائه في استشارة قدمها للملك، فأحرج بذلك الملك وثار غضبه فأمر بـأن يكون وزيره وجبة الطعام القادمة للكلاب، رغم محبته له، لكن كان قد سنٌ نظاما ولا يستطيع التنازل عنه أو يستثني أحدا منه. لم يعترض الوزير على الحكم، لكنه استأذن الملك بأن يمنحه عشرة أيام وينفذ الحكم بعد انقضائها. فوافق الملك على مقترحه. طلب الوزير من حارس الكلاب أن يأخذ إجازة لمدة عشرة أيام وأن يحل محله خلالها، فوافق الحارس بسبب حبه الشديد للوزير. وخلال الأيام العشرة كان الوزير يشرف على الكلاب ويطعمها ويغسلها ويفسحها وينظف مكانها ويؤانسها فتآلفت معه. وعندما قضيت الأيام العشرة، جرت مراسم تنفيذ الحكم بالوزير، فهدوا عليه الكلاب الضارية، وكانت دهشة الملك والحاضرين كبيرة، عندما رأوا الكلاب تداعبه وتتمسح به بكل ودّ! فسأله المالك: ماذا فعلت بالكلاب؟

قال الوزير: جلالة الملك عشت معها وخدمتها عشرة أيام فقط ولم تنسَ خدمتي لها، وخدمتك عشر سنوات ولكنك نسيت خدماتي. فخجل الملك وسامح الوزير وعفى عنه.

وأنت أيها الوطن الماكر نسيت خدماتي، او تجاهلتها، او نفيتها عن قصد، وكل سبب أكثر مرارة من سن الآخر، أيها الوطن العاهر، وأي لبيب بك يفاخر، وبماذا يفاخر؟

أيها العراقي الشاطر، غادر هذا الوطن الماكر، ولا تنخدع في حبه وتغامر، انه أشبه بامرأة عاهر، تقضي معها وقت عابر، وتنساك عندما تغادر، ولا تتذكر شيئا عنك، فلا انت منها، ولا هي منك.

في الختام أقول وداعا ولا اقول الى اللقاء يا موطن الفتن والنفاق والفساد والبلاء!

وسوم: العدد 1046